مها عبدالفتاح ((تساؤلات واستفسارات شتي ومتطلبات لتفاصيل عن ذلك الرأي " المثير" الذي نقلنا طرفا منه عن الزعيم الماليزي مهاتير محمد ، في تلك الفقرة الاخيرة التي اختتمت بها حواري معه الاسبوع الماضي باخبار اليوم، التي قال فيها ان المخرج الوحيد للازمة المالية الطاحنة التي تسود الغرب التوقف عن ربط عملاته بالدولار الذي تضاءل وانكمش قائلا بالنص : إن أحدا ما عاد يعرف القيمة الحقيقية لأي ما يشتري او يبيع .. ودعا للعودة الي تغطية كل عملة بغطاء الذهب كما كان عليه الحال قبل القرار الامريكي من جانب واحد ..
هذه الرؤية والرأي كانا محور خطابه علي العشاء الرسمي في أولي أيام مؤتمر الحركة الكونية للوسطيين الذي انعقد في كوالا لومبور، تلك الفلسفة السياسية - الاقتصادية التي اطلقها رئيس وزراء ماليزيا الحالي نجيب رزاق، ونقدمها مع مشاهد من ماليزيا بيوميات الاخبار الثلاثاء القادم . الآن الي آراء الزعيم الماليزي الذي يري ان اهم أسباب الازمة العالمية الطاحنة تكمن في استمرار ربط عملات العالم بالدولار الامريكي، مع الفارق الهائل بين الاحوال الاقتصادية في عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية والاحوال الراهنة.
يقول د. مهاتير أن من طبعه مع الأزمات التي يصعب ايجاد حلول لها، العودة بها لجذورها الاولية قبل الازمة ثم مراجعة شاملة لما آلت اليه ... من هنا وجد الازمة المالية العالمية المستعصية حاليا، والتي لم تبرأ منذ عام 1998 ان ما من حل لها سوي الرجوع عن ربط الاقتصاد العالمي بالدولار، فيعود غطاء كل عملة هو الذهب قيمة وحيدة حتي يمكن استعادة الاستقرار للبنيان المالي العالمي .. فامريكا دولة مدينة بنحو 14 ترليون، و ما عاد المرء يدري كم يساوي بالتمام ما يشتريه او يبيعه . العودة لغطاء الذهب في رأيه هو النظام المضمون يقول د. مهاتيرة: ، يوم انتقلوا من الذهب الي الدولار بعد مؤتمر بريتون وود عام ( 1944 ) كان ثمن اوقية الذهب لا يزيد عن 35 دولارا، اليوم شراء أوقية من الذهب تساوي 1690 دولارا ... قال لنأخذ اليونان كمثال التي تعتبر حاليا دولة تقريبا مفلسة .. كانت تكاليف الحياة في اليونان قليلة ولكن بعد اليورو ارتفع كل شيء .. فارتفعت الاجور بالتالي ارتفعت تكاليف الانتاج ولتعويض الخلل بدءوا الاقتراض غاليا فأصبح تسديد الديون صعبا جدا فيما بعد وخصوصا أن الانتاج لم يرتبط بالتكاليف التي ارتفعت بنحو مصطنع بسبب العملة الموحدة بينما المستويات الاقتصادية متفاوتة . . ثم شرح باختصار القرار الذي اتخذ في بريتون وودز Bretton Woods بولاية هامشاير عندما بحثوا هناك تشكيل البنيان المالي والعلاقات التجارية في أعقاب الحرب العالمية الثانية لتثبيت العملات مقابل الذهب . . بعده قابلت بعض الاقتصاديات متاعب مثل الاقتصاد البريطاني من حيث ارتفاع تكاليف الانتاج بسبب الاجور ... و بدلا من تخفيض الاجور وهو صعب قاموا بتخفيض عملتهم وهذا ما تحول الي مشكلة عويصة فيما بعد ... ( مهاتير محمد رفض تخفيض العملة الماليزية »رينجيت« ورفض معها كافة شروط صندوق النقد لدولي لانقاذ النمور الآسيوية عامي 1997 - 1998 ) رفضها مهاتير واعتبرها سيطرة علي رؤوس أموالهم ، رغم ان سياسته تلك كانت تسبح ضد التيار العام، الا أنه أثبت فيما بعد أن قراره كان السليم ... الموضوع عندئذ وفق شرحه كان أقرب الي هجوم علي الاقتصاد الآسيوي استغله تجار العملات التي انحدرت بالبورصات والاسواق المالية لآسيا وأدت الي ركوع دولها التي اخذت بشروط الصندوق ..قال بالنص : لتحويلنا لفقراء علي أيدي تجار العملات .. الا انهم لم يتعلموا شيئا من تلك الازمة المالية الآسيوية " .. شرح كيف الازمة التي يعانيها الغرب حاليا خصوصا الولاياتالمتحدة فلم يتمكنوا حتي الآن من التعافي منها رغم محاولات العامين الاخيرين .. " لم يكن لديهم نمو اقتصادي مادي ولا نشاط اقتصادي جديد ، ليس غير سياسة اقتراض وتطلع الي البورصة حتي الاموال اعتبروها " سلعة " .. فلا تخطيط لبرنامج ، ولا فكر يتعاملون به مع الازمة المالية الاقتصادية ... ثم قال مقارنة بما حدث في آسيا : في شرق آسيا حدث الاتجاه الي "الابتكار" .. انتاج بضائع جديدة ومحسنة .. أما في الغرب فابتكاراتهم تنحصر في ايجاد وسائل مالية وسبل لرؤوس أموال جديدة ، انهم يقترضون من أنفسهم وبتوسع هذا النطاق .. ثم قال : عندما حدث و"انفجرت الفقاعة" وبالنظر لهبوط طلبات الأسواق وجدوا لزاما أن يغلقوا صناعات، ناهيك عن عبء تسديد الديون .. وهنا حدث فقدان لوظائف بالجملة ونتيجة لهذا فقدوا ايضا منازلهم، وهو وضع امتد أثره لكثيرين جدا".
لهذا هو يري ضرورة اعادة النظر في البنيان القائم فلا يوجد حتي الآن مخطط لوضع تصميم جديد للتعامل مع الازمة المالية العولمية الحالية ، ووضع تصميم لهيكل مالي جديد لأننا بحاجة لان يكون للمال قيمته بوجود ما يدعمه أو يغطيه ذهبا .. باختصار : النظام المالي العولمي هوجم ممن وصفهم مهاتير بقوله : متطرفون جشعون ومستغلون ثم اختص المالي جورج صورص بلقب الوغد الكبير ..
هنا تنتهي آراء مهاتير التي ألقاهافي حفل العشاء مضافا اليها الفقرة التي أجاب بها علي تساؤلي خلال الحوار.. انما يتبقي لدي نبذة تاريخية تفسيرية قصيرة عن مؤتمر بريتون وودز بولاية نيو- هامشاير بالولاياتالمتحدة الذي انعقد عام 1944 لوضع قواعد العلاقات التجارية والمالية التي تحكم ما بين الدول بعد الحرب .. وأهم معالمه أن تبني كل دولة مستقلة سياستها المالية علي ربط سعر صرف عملتها بالدولار الأمريكي ... والذي حدث عام 1971 أن الولاياتالمتحدة بادرت من جانبها الي انهاء تحويل الدولار الي ذهب فأصبح عملة بدون غطاء ذهب فلا يغطيه غير وعد الحكومة الفيدرالية ... هذا التصرف الذي يعرف تاريخيا "بصدمة نكسون" قد خلق موقفا عمليا جعل من الدولار الامريكي هو الغطاء الوحيد للعملات و.. عملة الاحتياطي للدول (علما بان صندوق النقد والبنك الدولي تم انشاؤهما في مؤتمر بريتون وودز) و.. اعتقد أن الموضوع برمته أصبح مفهوما الآن ... ملحوظة اخيرة : جاءت أنباء الوكالات الاسبوع الماضي تفيد بأن الهند وربما تتبعها الصين تنويان دفع ثمن شراء بترول ايران بالذهب تفاديا للعقوبات الاقتصادية ضد ايران ..وتوتة توتة لم تفرغ الحدوتة!