ماتخافوش.. التيار الإسلامي مش بعبع! هكذا كان لسان حال »كوكتيل« ضم عددا من نواب البرلمان المنتخبين وممثلي الأحزاب السياسية، وهو يوجه رسالة اطمئنان لكل رجال الأعمال والمستثمرين.. المصريين أو الأجانب علي حد سواء. رسالة بددت المخاوف وأوضحت أفكار واتجاهات التيار الإسلامي وغيره من التيارات التي ستشكل خريطة البرلمان في الفترة المقبلة. هذه الرسالة خرجت من رحم لقاء للغرفة التجارية الأمريكية بمصر برئاسة جمال محرم بثت سطورها قدرا كبيرا من الاطمئنان لرجال المال والأعمال من خلال الحرص علي تبني سياسة الاقتصاد الحر واحترام الملكية الخاصة.. ولكن مع الأخذ في الاعتبار ضرورة نزع فتيل قنبلة موقوتة هي الفقراء الذين يمثلون 04 بالمائة من المصريين!
الاقتصاد حر والفقراء قنبلة موقوتة تستدعي نزع فتيلها! البداية مع جمال محرم رئيس الغرفة الذي وصف اللقاء بأنه يعكس ما يحدث بمصر مشيرا إلي أن الغرفة الأمريكية تأسست منذ 23 سنة ب01 أعضاء أصبحوا الآن 029 عضوا يمثلون الشركات المصرية والأمريكية العاملة في مصر. وقال: رغم كون الغرفة يقتصر عملها علي بحث الأوضاع التجارية والاستثمارية مشيرا إلي أنها لا تدخل في لعبة السياسة ولكن - كما قال- لا يمكن التغاضي عن الأمور السياسية لكون السياسة والاقتصاد وجهان لعملة واحدة.. وأضاف أنه بعد ثورة يناير انصب اهتمام الغرفة علي المحافظة علي المستثمرين الحاليين وتأجيل البحث عن مستثمرين جدد إلي وقت لاحق.. والمهم - كما أكد جمال محرم- هو الحركة الاقتصادية فبدونها لن تكون هناك لا حرية ولا ديمقراطية! ما يحدث في مصر الآن لخصه هاني سري الدين نائب رئيس الغرفة الأمريكية بالاشارة إلي أن الخريطة البرلمانية أصبحت واضحة المعالم حيث حصل حزب الحرية والعدالة علي 332 مقعدا بالبرلمان ثم حزب النور 121 مقعدا فالوفد 04 مقعدا ثم الكتلة التي تضم المصريين الأحرار والمصري الديمقراطي الاجتماعي والتجمع 93 مقعدا فالوسط 11 مقعدا والثورة مستمرة 9 مقاعد. أما الأحزاب الأخري فقد حصل كل منها علي ما يتراوح بين مقعدين و5 مقاعد، بجانب المستقلين مثل د. عمرو حمزاوي- الذي شارك في اللقاء وبالتالي فإن خريطة البرلمان تشير إلي أن 64٪ من المقاعد حصل عليها حزب الحرية والعدالة وحزب النور 52٪ والباقي للأحزاب الأخري.. وهو ما يعني أهمية وجود توافق علي القضايا الأساسية التي ستطرح أمام مجلس الشعب! هذه القضايا تحتم تكاتف الجميع لمواجهتها.. هكذا جاءت كلمات د. محمد جودة رئيس لجنة التثقيف وعضو اللجنة الاقتصادية بحزب الحرية والعدالة.. وبالطبع جاء تأكيده علي احترام الحزب للحرية الاقتصادية الكاملة التي تراعي مصالح المواطنين. وكذا إقرار الملكية العامة والخاصة والتعاونية.. وأضاف مؤكدا أنه مادام هناك حرية اقتصادية فلابد من أن يكون هناك توازن من خلال دولة قوية ضامنة لتحقيق هذا التوازن.. والدولة هنا- كما قال- تتمثل وظائفها في حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية الضارة وتهيئة المناخ المناسب للاستثمار وإنشاء البنية الأساسية التي تساعد القطاع الخاص علي القيام بوظيفته في التنمية مع رعاية الطبقات الفقيرة . أما محمد نور المتحدث الرسمي باسم حزب النور، فقد ركز حديثه علي مبادرة يتم اعدادها تتعلق بالمسئولية الوطنية تدعو لقيام قطاع الأعمال بمسئولياته لتحقيق هدف الحزب الذي يسعي إلي تنفيذ حلم المواطن البسيط في كوب ماء نظيف وكوب لبن دافئ في المساء وسرير بالمستشفيات وكرسي في مدرسة.. وقال إن النظام السابق وضع صورة مشوهة للاقتصاد المصري وصنع جدارا عازلا بين رجل الأعمال ورجل الشارع حتي اصبحت صورة رجل الأعمال سيئة للغاية.. وها نحن نريد تغيير تلك الصورة من خلال سياسات تركز علي العدالة الاجتماعية.. وأضاف قائلا ان الفساد الذي كان في السابق- ومازال قائما- جعل الناس لا تحصل علي ثمار التنمية فالسلطات تفوز بأموال السمسرة أما رجل الأعمال والمواطن فإنهما يقعان في »ورطة«! ولم ينس محمد نور تأكيده هو الآخر علي ان حزب النور ليس ضد اقتصاد السوق أو الملكية الشخصية.! وبدوره أكد د. محمد كامل عضو مجلس الشعب عن حزب الوفد تأييد الحزب للاقتصاد الحر ولكن مع بعد اجتماعي ودور تلعبه الدولة، مشيرا إلي ان هذا البعد لم يكن متواجدا، وقال ان الأوضاع الحالية تحتم اعادة النظر في قوانين الضرائب مع التمسك بالمستثمرين الحاليين مع البحث عن مستثمرين آخرين مع استقرار الأمن.. ولكن لابد من استقرار التشريعات والقوانين فمن غير المقبول ان يتعامل مستثمر ما بقانون ويفاجأ غدا بقانون آخر! وجاء تأكيد المهندس باسل عادل عضو المكتب السياسي لحزب المصريين الأحرار شديدا بشأن التمسك بالاقتصاد الحر مع عدم غياب الدولة حتي تظل المنافسة متاحة للجميع.. وأشار كذلك إلي أهمية احترام الاتفاقيات التجارية، لكنه أكد علي أن حرية مصر السياسية لابد ان تنطبع علي حريتها التجارية والاقتصادية.
وما بين رؤية حزب الحرية والعدالة ورؤية حزب النور جاءت رؤية حزب الوسط عندما تحدث عصام سلطان نائب رئيس الحزب والذي اشار إلي ان الجميع يراقب عن كثب كيف سيكون برلمان الثورة.. وقال ان الأفكار مشتتة والتساؤلات عديدة: هل يقتصر دور النواب الجدد علي تسجيل أهداف في مرمي الآخرين أم سيعملون معا في إطار أجندة واحدة للتغلب علي مشاكل كبري أهمها المشكلة الاقتصادية ومشكلة الأمن والاستقرار؟ وقال إن رجل الشارع يعيش حالة احباط واحتقان حاليا بسبب السياسات التي انتهجت خلال عام مضي مشيرا إلي انها لا تبعث في كثير منها علي الاطمئنان. ولم يتحدث سلطان عن رؤية حزب الوسط فقد ترك هذه المهمة لشاب مثقف بالحزب اسمه يحيي أبوالوفا والذي بدوره أكد امكانية عبور الاقتصاد المصري للأزمة الراهنة مشيرا إلي دراسة قام بها مؤخرا بنك إتش إس بي إس أكدت أن مصر ستكون رقم 4 عالميا من حيث النمو الاقتصادي خلال الفترة من 0202 إلي 0502.. وقال ان ذلك يعتبر أمرا مطمئنا. وتطرق أبوالوفا إلي قضية تصدير الغاز مشيرا إلي أهمية إعادة النظر في عقودها وإن لم نستطع زيادة أسعار الغاز يمكن النظر في تقليل الكميات المصدرة! ومن جانبه وصف د. عمرو حمزاوي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة وعضو البرلمان الوضع الحالي في مصر بأنه اشبه بمن يسير علي عكاز أو يسير بقدم واحدة! وقال إن التركيز انصب علي القضايا السياسية وأهملت القضايا الاقتصادية وما يرتبط بها من ظروف معيشية للمواطنين وهي قضايا تم تهميشها!.. ومع ذلك فإن مصر قادرة علي تجاوز الأزمة مشيرا إلي إنه ليس مع تحميل تدهور الأوضاع علي الثورة وقال: نحن جميعا نتحمل ذلك. وما هو المطلوب؟ سؤال طرحه د. حمزاوي ورد عليه مؤكدا ضرورة عدم شعور القطاع الخاص بالقلق الذي اصابه نتيجة القرارات الحكومية التي كان بها الكثير من التضارب والعودة إلي الوراء! كما أكد علي أهمية إعادة الاستقرار للبنية التشريعية مع اغلاق العديد من الملفات والأزمات الساخنة مثل ملف التصالح بين الدولة وعدد من رجال الأعمال. وبعد.. كانت هناك قضايا اقتصادية أخري تنتظر اجابات عنها من ممثلي البرلمان والأحزاب مثل الحوار مع صندوق النقد الدولي واتفاقية الكويز والدعم، لكن الوقت لم يسعف هؤلاء لطرح رؤيتهم بشأنها.. لكن المهم ما قاله د. محمد كامل نقلا عن سياسي أمريكي طرح رأيا مهما حين قال »سهل جدا أن تحارب لمباديء لكن الصعب أن تعيش معها«! ومن المهم كذلك ما قاله محمد نور من ان مشكلة مصر اننا نعيش حالة من النفاق الحضاري.. والمهم- كما قال- أن يفصح الجميع عما يعتقده.. وان يحترم ما يعتقده الآخرون.