حليم وفريد والمنافسة الشريفة فى ايام الزمن الجميل كان الاشتراك في حفلات »اضواء المدينة« التي تقيمها الاذاعة المصرية ويقدمها استاذي الاذاعي الكبير جلال معوض هو الفيزا وجواز السفر لعالم الشهرة والانتشار والحلم والأمل لكل باحث عن الشهرة في أي مكان في العالم العربي وفي أوروبا وأمريكا أيضا حيث كان يعمل عدد كبير من هواة الغناء في الملاهي الليلية التي تقدم المأكولات الشرقية علي انغام فرق موسيقية عربية لموسيقيين هاجروا من وطنهم الأم.. الجزائر.. تونس.. المغرب.. لبنان ومصر!! والاذاعة المصرية وحفلات »أضواء المدينة« هي في الحقيقة صاحبة الفضل في تقديم عدد كبير من مشاهير نجوم الغناء الان منهم الفنانة الكبيرة وردة التي عرفها الجمهور من خلال رائعة رياض السنباطي »يالعبة الأيام« والتي غنتها لأول مرة في احدي حفلات »أضواء المدينة« قبل ان يصورها المخرج محمد سالم »أبو الفيديو كليب« بجوار الاهرام ومن هنا تعرف عليها الجمهور بعد ان عاشت سنوات طويلة تغني في مطاعم باريس!! وقبل وردة جاءت فايزة أحمد التي تعلق بصوتها الجمهور بعد ان غنت رائعة الموجي »أنا قلبي اليك ميال« وبعدها »يامه القمر عالباب« و»تمر حنه« كذلك »عزيزة جلال« التي تعرف عليها الجمهور أيضا من خلال حفلة »أضواء المدينة« عندما غنت »هو الحب لعبة«؟ والفنانة عفاف راضي قدمها أيضا برنامج أضواء المدينة في أحدي حفلات عبد الحليم حافظ في الاسكندرية وعلي مسرح سينما الهمبرا الذي يسع الفا وخمسمائة شخص وللأسف مهجور الان رغم موقعه الفريد في وسط البلد! وفي هذا الحفل قدم عبد الحليم لأول مرة رائعة كامل الشناوي »حبيبها لست وحدك« وقدم بليغ اكتشافه الجديد عفاف راضي لتغني »ردوا السلام« وكنت اقدم انا هذا الحفل مثل كل حفلات عبد الحليم الذي كان يتفاءل بتقديمي له علي المسرح وكان كل الفنانين يعملون الف حساب لشخصية جلال معوض الادارية الحازمة والذي استطاع الجمع بين »الأخوة الأعداء« وردة وفايزة.. نجاة وحليم.. شريفة وعايدة.. بل وفريد وحليم!! وكانت سعادتي لا توصف عندما اجلس بجوار الأستاذ جلال في كواليس الحفل.. كنت غير مصدق انني اري أمامي كل هؤلاء النجوم والمشاهير.. وإلي جانب حفلات أعياد الثورة كانت حفلات شم النسيم أو عيد الربيع هي أهم حفلات الموسم بالنسبة لعبد الحليم خاصة بعد ان ترك فريد الاطرش القاهرة ليفتتح كازينو باسمه في بيروت ويقيم فيها أقامة شبه نهائية حتي انه انتج فيلمه »الحب الكبير« بطولته مع فاتن حمامة ويوسف وهبي في لبنان!! واقترب موعد حفلة شم النسيم وأخذ عبد الحليم يجري كعادته بروفاته يوميا في منزله علي أغنية »زي الهوا« وفجأة يصل فريد الأطرش الي القاهرة بعد غياب سنوات طويلة ويقرر إقامة حفل ليلة شم النسيم أو الربيع واحتار الأستاذ جلال ماذا يفعل حفلتين في ليلة واحدة ولمين فريد وعبد الحليم.. وهو أصلا صديق النجمين طب الإذاعة والتليفزيون أي حفل علي الهواء؟ وبعد عدة مشاورات قال جلال معوض لوزير الأعلام الحفلتين عالهواء إن شاء الله يا فندم!! وكالعادة وبعقليته الأدارية قرر ان حفل فريد والذي تشارك فيه المطربة الكبيرة سعاد محمد وفهد بلان »جوكر تلك الأيام« سوف تبدأ اذاعته من العاشرة مساء علي ان يظهر الاستاذ فريد الساعة 21 تماما مع فرقة موسيقية بقيادة أندريا رايدر ويذاع الحفل علي القناة الاولي في التليفزيون والبرنامج العام في الاذاعة بينما حفل عبد الحليم يذاع علي محطة الشرق الأوسط وعلي القناة الثانية قلت »هائل.. رائع.. برافو يا أستاذ جلال« ونظر الي استاذي وقال: »وانت يا حبيبي معايا في الحفلتين يعني في سينما قصر النيل من الساعة عشرة.. وبعد ما تقدم فريد روح سينما ريفولي تقدم صاحبك وانا حاكون في الطريق« وكانت دعاية الحفلتين عجب العجاب وانقلب الاستعداد للحفلتين سواء في الاذاعة أو التليفزيون وكأنها مباراة القمة بين الأهلي والزمالك علي الدوري أو الكأس وجلست بجوار أستاذي في كواليس سينما قصر النيل في انتظار وصول نجم الحفل ووصل الأستاذ فريد.. وكانت أول مرة أراه وجها لوجه.. هزيل.. شاحب اللون.. يبدو كأنه في السبعين رغم انه كان في اواخر الخمسينات.. وكتب لي الأستاذ جلال مقدمة طويلة حفظتها ودخلت المسرح لأقدم الأستاذ فريد وما أن بدأت قائلا: »الربيع مرتبط به دائماً حتي ضجت الصالة بالتصفيق المستمر حتي إنني لم أستطع تكملة ما هو مفروض أقوله فلم أجد غير أنني قلت: »هو الربيع.. والربيع هو.. فريد الأطرش«!! ودخل فريد ليقف الي جواري وفي يده العود وينحني لجمهوره الذي ظل في تصفيق مستمر لمدة خمسة قائق علي الأقل.. ونظرت بجواري ورأيت دموع فريد الأطرش علي خده.. حتي أنني اعطيته منديلا.. وأنا نفسي اكاد ابكي من حماس هذا الجمهور الوفي للفنان الكبير.. وبدأ فريد يعزف علي عوده (فريد يعتبر من أحسن خمسة عازفين عود في العالم).. وجلست بجوار الأستاذ جلال وبجواره مجموعة لا أعرفها وسمعتهم يقولون: أدي الحفلات يا أستاذ.. وادي الطرب والمغني الشرقي الأصيل.. شوف هنا الحفلة مليانه أزاي وحفلة حليم فاضية خالص وبيلموا الجمهور من الشارع!! لم أتحمل هذه الاهانات لعبد الحليم واستأذنت وأسرعت الي دار سينما ريفولي لأكون بجوار عبد الحليم.. وبعد 2/1 ساعة تقريبا حضرت نفس المجموعة التي كانت في كواليس فريد.. وقالوا لعبد الحليم نفس الكلام: »حفلة فريد فاضية وبيلموا الجمهور من الشارع علشان المسرح يبان مليان في التليفزيون«!! ودي كانت أول مره اتعرف علي النفاق الذي شاهدته وعرفته بعد كده كتير من خلال مشواري في شارع الفن.. وانتهت مباراة القمة بين الأهلي (حليم) والزمالك (فريد) والفائز هو بلا شك الجمهور سواء اللي حضر الحفل أو اللي سمعه أو شافه في التليفزيون فقد كانت ليلة رائعة من ليالي الفن الراقي.. ليلة لا تنسي من ليالي زمن الفن الجميل!