بسبب الاحداث السياسية والأمنية التي شهدناها في الاسبوع الماضي لم أتمكن من الحديث عن رحيل الفنانة الكبيرة خيرية احمد التي ارتبطت معها ومع زوجها الكاتب الكوميدي الكبير يوسف عوف بصداقة أمتدت لاكثر من 53 عاما حيث عرفت كل منهما عن قرب شديد. كانت خيرية احمد ويوسف عوف ثنائيا كبيرا كل في مجاله فقد كانا نموذجافنيا وانسانيا وأخلاقيا من النادر ان تجد لهما مثيلا في الوسط الفني كان كل منهما يكمل الآخر منذ ان تزوجا وانجبا ابنهما الوحيد المهندس »كريم« وامتزج مشوار عمرهما بسنوات شهدت انتصارات ونجاحات وتوهجا ولمعانا بينما مرت عليهما سنوات أخري مليئة بالانكسارات والاحباطات وأشهد ان خيرية احمد ويوسف عوف لم يهتزا أمام أية عواصف ومضي كل منهما يحفر مستقبله بدمه ودموعه وابتسامته وحققا نجاحا مدويا علي شاشة السينما وفوق خشبةالمسرح ومن خلال الراديو والتليفزيون. وذاع صيت خيرية وبلغت شهرتها عنان السماء وهي بفرقة »ساعة لقلبك« الاذاعية حيث كونت مع الراحل القدير فؤاد المهندس دويتو رائعا من خلال شخصية »خوخه« زوجة »محمود« التي تسبب له العديد من المواقف والازمات الحرجة ثم تتابع مشوارها الفني فعملت في مسارح كثيرة بدأت من فرقة المسرح »الحر« في الخمسينيات مرورا بفرق ساعة لقلبك المسرحية واسماعيل ياسين والكوميدي المصرية مع النجم الكبير الراحل محمد عوض ثم اتجهت الي مسارح الدولة وكانت نجمة النجوم ولعبت ايضا بطولة عشرات المسرحيات لبعض الفرق الخاصة وكانت صاحبة اداء مميز جعل منها مدرسة خاصة في مجال العروض الكوميدية ووصفها فناننا الكبير عبدالمنعم مدبولي بأنها نهر الضحك الذي لا ينبض. وقدمت خيرية احمد عشرات الافلام السينمائية الناجحة وصعدت درجات النجومية درجة بدرجة وكانت واحدة من جيل الممثلات اللاتي عملن علي شاشة التليفزيون منذ بدايته وحتي العام الماضي ولها اعمال كثيرة رائعة اذكر من بينها »العائلة« و»ساكن قصادي« و»صباح الخير ياجاري العزيز« و»الحقيقة والسراب« ثم التقت مع شقيقتها النجمة الكبيرة والقديرة سميرة احمد رفيق درب مشوارها الفني في حلقات »ماما في القسم« التي عرضت في رمضان قبل الماضي وابهرتنا بدورها الانساني المؤثر. وعلي الجانب الانساني اشتهرت خيرية أحمد او »خوخة« كما كان يطلق عليها زملاءهائفي الفن بالشهامة والجدعنة فقد كانت مؤسسة انسانية للخير تسير علي قدمين واسهمت بالمال والجهد في مشاريع خيرية لاتعد ولا تحصي واهتمت برعاية اصحاب الاحتياجات الخاصة ووقفت الي جانب زملاء مهنتها في أزماتهم المالية والصحية وكانت ترفض بشده الاعلان عن ذلك وخلال سنواتها الاخيرة بلغت اقصي درجات التصوف وزادت من عملها التطوعي في المجالات المتعلقة بالامومة والطفولة ورعاية المرضي من كبار السن. هكذا كانت خيرية احمد الانسانة والفنانة التي عرفتها عن قرب مع صديق عمري زوجها يوسف عوف وشقيقتها النجمة الكبيرة سميرة أحمد حيث علت قامتها بالجدية والالتزام والكفاح والاصرار بين زملائها من جيل العمالقة ولم تهزمها عواصف الحياة المؤلمة ولعلها كانت تلك هي المرة الوحيدة التي شاهدتها وهي مستسلمة للقدر عندما زرتها داخل غرفة العناية المركزة بمستشفي »الشروق« بصحبة شقيقتها القديرة سميرة احمد حيث كانت تقاوم آلام مرضها اللعين ويومها قرأت في عينيها انها قد اصبحت راضية مرضية بقضاء الله وهي مرتاحة البال حتي لفظت انفاسها الاخيرة فماتت مثل الاشجار وهي شامخة فرحة بلقاء ربها في دار النعيم والحق ووداعا يا أعز الناس.