رغم القمع الوحشي للمتظاهرين الغاضبين ومؤيدي حركة »احتلوا وول ستريت« في منتزه »زيكوتي بارك« علي بعد أمتار قليلة من - الحي المالي - اختارت الحركة التي بدأت قبل شهرين أن تطلق ما أسمته »اليوم الوطني للتحرك« في نيويورك تأكيدا علي استمراريتها، علي الرغم من إزالة مخيمها بأمر قضائي نفذته بقسوة شرطة نيويورك الثلاثاء الماضي. في الوقت نفسه، شهدت العديد من المدن الأمريكية والأوروبية موجة مظاهرات جديدة تأكيدا لصمود المناهضين ضد جشع الرأسمالية المتوحشة. خبراء الأعمال والاقتصاد أعربوا عن تشاؤمهم من حالة الاقتصاد العالمي وانعكاساتها الاجتماعية والسياسية خلال العام المقبل. أزمة الديون الأوروبية الحالية هي أكبر أزمة تمر بها القارة الأوروبية منذ الحرب العالمية الثانية ووسط مظاهرات الاحتجاج التي تجتاح أمريكا وأوروبا يصبح السؤال الذي يطرح نفسه هو.. ما النموذج الأمثل للرأسمالية إذا كانت الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي يعانيان أشد المعاناة في الوقت الراهن؟ وهل بقي هناك شك في عدم صدق مقولة إن الرأسمالية الغربية الحالية هي الأفضل والأسلم، وانها تمثل بالفعل نهاية التاريخ كما قال المفكر العالمي صمويل هنتنجون. خاصة بعد سقوط سائر النظريات الاقتصادية والاجتماعيةالتي تهاوت في نهاية القرن الماضي. باختصار هل يشهد العالم اليوم بداية فعلية لسقوط مروع وفشل محتوم لسياسات الحكومات الغربية التي تقود الاقتصاد العالمي في مسيرته، بل وفي الاستقرار العالمي بوجه عام؟ احتشد آلاف المتظاهرين من المنتمين لحركة "غاضبون" في الولاياتالمتحدة بجسر بروكلين الشهير. وتجمهر الآلاف بالقلب المالي لمدينة نيويورك لمواصلة الاحتجاجات التي بدأوها قبل شهرين ضد "جشع" النظام المالي، والتي انتقلت عدواها الي مختلف المدن الأمريكية وقوبلت بقمع من الشرطة التي اعتقلت نحو 700 شخص. واتخذت مسيرة من ميدان فولي الي جسر بروكلين طابعا سلميا بعد يوم متوتر حاول فيه "الغاضبون" احتلال مقر بورصة (وول ستريت) قبل أن ينقلوا تظاهراتهم الي مترو نيويورك في ذكري مرور شهرين علي بدء الاحتجاجات. وسلك المتظاهرون الطريق المخصصة للمشاة فوق الجسر، والتي تربط حيي بروكلين ومانهاتن، وسط أجواء احتفالية دون أن تؤدي مسيرتهم إلي قطع حركة المرور في هذا الشريان الحيوي للمدينة. وقدرت الحركة عدد المتظاهرين ب20 ألفا، بينهم عدد كبير من النقابيين والطلاب، في حين رفضت الشرطة من جهتها إعطاء أي رقم عن حجم التظاهرة. ولدي وصولهم إلي الجسر، والمكتظ دوما بالسياح، هتف المتظاهرون "نحن لا يمكن وقفنا، عالم آخر ممكن"، في حين راح العديد من سائقي السيارات يطلقون أبواق سياراتهم لدي مرورهم بجانب التظاهرة تضامنا مع المحتجين. من جانبها، قالت هيلين انجيرهارد (72 عاما) إن "الفوارق الاقتصادية كبرت ونحن نتحول إلي بلد من بلدان العالم الثالث. الناس الذين حولوا وول ستريت إلي (أحد كازينوهات) لاس فيجاس لم يحاسبوا علي ما فعلوا، نحن نوقظ أنفسنا". وكانت اشتباكات دارت خلال النهار أمام مبني بورصة نيويورك بين متظاهرين من حركة "احتلوا وول ستريت" من جهة وعدد من رجال الشرطة وموظفي بورصة نيويورك من جهة أخري، مما أدي إلي اعتقال 177 علي الأقل من المحتجين. وفي بريطانيا, رفض المعتصمون في قلب العاصمة لندن إخلاء ساحة كاتدرائية سان بول رغم انتهاء المهلة المعطاة لهم لإنهاء الاعتصام. وقالت بلدية لندن انها تنوي مقاضاةَ المحتجين خلال الساعات المقبلة وطلبَ طردهم من الساحة بالقوة. لكن الحسم القضائي قد تستغرقُ إجراءاتُه أسابيعَ كاملةً. وقالت إحدي المحتجات: شباب هذا البلد يجري التعامل معهم بشكل رهيب ..لا وظائف ولا مال. وصحيح أيضا أن المسنين في هذا البلد أصبحوا مهمشين بشكل كامل. وتحتج حركة "احتلوا وول ستريت"، التي تم استلهامها من الحركة التي نشأت في العاصمة الإسبانية مدريد عقب الانتخابات البلدية والمحلية في 15 مايو الماضي، علي فساد النظام الاقتصادي الحالي الذي يساعد علي اتصاف الشركات بعدم المساواة والبخل وارتفاع معدلات البطالة التي تنال من 14 مليون أمريكي.