مصر عبر عصورها التاريخية عرفت أنواعا من الثورات أخذت أشكالا متعددة: التمرد العصيان الرفض الاحتجاج الهبات وما يماثل ذلك للتعبير عما يجيش بالصدور من ضيق ومعاناة.. في كتاب جديد صدر حديثا عن دار الشروق تحت عنوان »انتفاضات أم ثورات« للكاتب الدكتور محمد حافظ دياب وتقديم الدكتورة لطيفة محمد سالم " يرصد المؤلف فيه تاريخ مصر الحديث من خلال الثورات والانتفاضات التي شهدتها مصر في العصر الحالي. تناول المفكر الكبير محمد دياب في كتابه الحركات الوطنية المصرية الشعبية، منذ مقاومة أهل القاهرة للفرنسيين والتصدي الشعبي للحملة الفرنسية علي مصر في 1798 والتي وصفت بالتمرد، ومرورا بحركة العرابيين التي سميت »بالهوجة«، ووقائع عام 1919 والتي أطلق عليها "ثورة الأفندية" فيما صورت أحداث يوليو علي إنها »انقلاب عسكري« وأحداث عام 1977 بأنها »انتفاضة الحرامية« في محاولة من الكاتب ليكشف قليلا عن وجه الحقيقة، وينفض عن المصريين الصورة السلبية التي رسمت عنهم بالخنوع والاستسلام والرضا بالأمر الواقع من ظلم وعدوان. ويتساءل المؤلف في مقدمة كتابه: ما الذي نعنيه بمجموعة المفاهيم المعبرة عن الحركة الوطنية المصرية؟ وكيف السبيل إلي رؤية تؤمن التعرف علي طبيعة حلقاتها وفعالياتها؟ وما الالتباسات التي وقع فيها الباحثون اذاء تناولها؟ وأية وقائع واستخلاصات عبرت عنها مشاهدها؟ لماذا يتاح لهذه الحركة أن تنجح في مطلعها ثم لا تلبث أن يشوبها الإخفاق وعدم التحقيق أهدافها؟ أين تكمن آليات استلاب فعالياتها وتشويهها؟ كل هذه التساؤلات أجاب عليها المفكر الكبير محمد دياب من خلال فصول كتابه التسعة التي يأتي في صدارتها محاولة التعرف علي معجم الحركة الوطنية والفرق بين " الثورة، والانتفاضة، والهبة... ورصد الفروق بينهم وكما أشارت الدكتورة لطيفة سالم في تقديم الكتاب إلي أن المراد بمصطلح الثورة هو التغيير الأساسي والجذري في المجتمع سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، أي الإطاحة بنظام قديم فشل في تحقيق مطالب المجتمع، وإحلال آخر قادر علي خلق مناخ صحي له اتجاهات مختلفة وتختلف الثورة عن الانقلاب الذي يستهدف القبض علي السلطة وتغيير نظام الحكم، دون أن تكون له مرجعية شعبية، حيث إن سماته الهدم والتخريب وتحقيق المصالح الخاصة. ويدور الفصل الثاني حول تتبع إشكالية النهضة من خلال المقاومة ضد الفرنسيين ويتحدث الفصل الثالث عن ملحمة رشيد وتداعياتها ويعالج الفصل الرابع ملابسات الثورة العرابية، والفصل الخامس ثورة 1919 والسادس انتفاضة الطلبة 1935ثم تتوالي الأحداث التاريخية من خلال سرد تفاصيل انتفاضة العمال والطلبة عام 1946 الي أن يصل بنا المفكر الكبير إلي ثورة يوليو ويختتم كتابه بالتعرف علي هبة يناير 1977 ليصل بنا في النهاية علي حد قوله إلي تشخيص حلقات الحركة الوطنية في مصر.