الإمام محمد عبده" هو داعية وإمام إسلامي،عرف بفكره الإصلاحي ودعوته للتحرر من جميع أشكال الاستعمار الأجنبي ومحاولاته المستمرة من أجل الارتقاء بالمؤسسات الإسلامية والتعليمية وسعيه الدائم للإصلاح والتطوير في الأزهر والأوقاف والمحاكم الشرعية، فبذل الكثير من الجهد من أجل تحقيق التطور والإصلاح في المجتمع علي الرغم مما تعرض له من سجن ونفي . »يقولون: إن لم يكن للخليفة ذلك السلطان الديني أفلا يكون للقاضي أو للمفتي أو شيخ الإسلام؟، وأقول: إن الإسلام لم يجعل لهؤلاء سلطة علي العقائد وتقرير الأحكام، وكل سلطة تناولها واحد من هؤلاء فهي سلطة مدنية قررها الشرع الإسلامي، ولا يسوغ لواحد منهم أن يدعي حق السيطرة علي إيمان أحد أو عبادته لربه«. عُرف الإمام محمد عبده بفكره الإصلاحي ومحاولاته المستمرة للارتقاء بالمؤسسات الإسلامية والتعليمية، وسعيه الدائم للإصلاح والتطوير في الأزهر والأوقاف والمحاكم الشرعية .ويُعدّ الإمام واحدًا من أبرز المجددين في الفقه الإسلامي في العصر الحديث وأحد دعاة الإصلاح وأعلام النهضة العربية الإسلامية الحديثة. يعتبر كتاب »الإسلام بين العلم والمدنية« الذي صدر مؤخرا عن دار الشروق من أهم ما كُتب في الفكر السياسي، فلقد كتبه الإمام محمد عبده بقصد الدفاع عن الإسلام، ولكن الغرض الأهم منه هو إيقاظ المسلمين وإرشادهم إلي أسباب تأخرهم وضياع مجدهم وزوال ملكهم وإلي المخرج منه. ويوضح الإمام أصول الإسلام وما أنتجته من نموذج حضاري متميز ومن علاقة متميزة بين الدولة والدين. ويقول في سطور كتابه : إن كل مسلم يمكنه أن يفهم كتاب الله دون وسيط من سلف أو خلف وفق ما تؤهله معرفته فان لم يسمح له إلمامه بالعربية وآدابها وأساليبها ، وأحوال العرب وما كان عليه حال الناس في عهد النبي صلي الله عليه وسلم بفهم الحقيقة فعليه أن يسال العارفين وعليه حينئذ أن يطالبهم بالدليل علي قولهم . وقد حرص محمد عبده علي التأكيد علي أن سلطة الحاكم مدنية بوظيفة دينية وليست دينية بطابع مدني وعلي الجانب الآخر فإن علماء الدين ليس لهم سلطان ديني علي الأفراد إلا في نطاق التوجيه والإرشاد دون أي حق في السيطرة علي إيمان الأفراد . والخليفة عند المسلمين ليس بالمعصوم ولا هو مهبط الوحي ولا من حقه الاستئثار بتفسير الكتاب والسنة .. نعم شرط فيه أن يكون مجتهدا أي يكون من العلم باللغة العربية بحيث يتيسر له أن يفهم من الكتاب والسنة ما يحتاج إليه الأحكام حتي يتمكن من التميز بين الحق والباطل والصحيح والفاسد ويسهل عليه إقامة العدل الذي يطالبه به الدين والأمة معا .ثم هو مطاع مادام يسير علي نهج الكتاب والسنة ، والمسلمون له بالمرصاد فإذا انحرف عن النهج أقاموه عليه وإذا اعوج قوموه بالنصيحة والأعذار إليه " لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق"فإذا فارق الكتاب والسنة في عمله وجب عليهم أن يستبدلوا به غيره ، فالأمة هي صاحبة الحق في السيطرة عليه وهي التي تخلعه متي رأت ذلك في مصلحتها ، فهو حاكم مدني من جميع الوجوه . وعن علاقة الإسلام بالعلم أشار الإمام بكتابه إلي أن المسلمين قد ضلوا في فهم معني العلم علي خلاف آبائهم رغم أن الإسلام حفزهم علي طلبه في كل مكان، وقد ظنوا أن غاية ما يفرضه الدين هو الوضوء والصلاة والصوم في صورها الأدائية. والعلم يستطيع به المسلم أن يكشف سراً من أسراره في خليقته، أو يستنبط حكماً من أحكام شريعته، فلما وقف الدين وقعد طلاب اليقين وقف العلم وسكنت ريحه، يقصد أن المسلمين توقفوا عن البحث في الدين واكتفوا بالنقل وحده من السابقين عليهم. والكتاب يضم العديد من القضايا التي تثار في وقتنا الحالي في قضايا التعليم والفكر كتب يقول عن أهمية دور الكتب : إن القاهرة في أوائل القرن الرابع كان بها مكتبة تحتوي علي مائة ألف كتاب مجلد فيها ستة الألف في الطب والفلك وكان من نظامها أن تعير بعض الكتب للطلبة المقيمين في القاهرة ، وكان فيها كرتان سماويتان إحداهما من الفضة يقال ان صانعها بطليموس نفسه وانه انفق فيها ثلاثة آلاف دينار والثانية من البرنز . وعن المدارس ودورها التعليمي جاءت سطور الكتاب تؤكد علي : إن ولاة الأقاليم والوزراء كانوا ينافسون الخلفاء في إعلاء مقام العلم والعلماء وبسط اليد في الإنفاق علي إقامة بيوت العلم ومساعدة الفقراء علي طلبة وقد أكد الفيلسوف جوستاف لوبون علي دور المسلمين والعرب علي أوربا قائلا: أن العرب أول من علم العالم كيف تتفق حرية الفكر مع استقامة الدين. ومن أصول الإسلام البعد عن التكفير، فإذا صدر قول من قائل يحتمل الكفر من مئة وجه ويحتمل الإيمان من وجه واحد حمل علي الإيمان، ويقر الإسلام أن الاختلاف بين البشر هو القاعدة السائدة والغالبة، وليس لأحد من المختلفين في الرأي أو الرؤية أن يدعي احتكار اليقين أو امتلاك الحقيقة المطلقة.