أثارت مذكرات الكاتب العالمي تشيكوف، التي صدرت مؤخراً بالإنجليزية للمرة الأولي اهتماماً عالمياً وحالة من الجدل في الدوائر الثقافية بالغرب؛ فضلاً عن اهتمام عشاق الكاتب الروسي الراحل الذي وصف بأنه »سيد القصة القصيرة« في العالم. ويقول كاتب المذكرات، بيتر سيكيرين، إن هذه المذكرات هي أول سيرة ذاتية موثقة لتشيكوف، تعتمد علي مصادر أساسية كخطاباته ورسائله وأوراقه ومقالاته؛ فضلاً عن أقوال ومذكرات لأفراد من عائلته وأقاربه وأصدقائه المقربين ومعاصريه. واستندت مذكرات تشيكوف أيضاً علي وثائق من دوائر المحفوظات في موسكو ومكتبة نيويورك العامة، فضلاً عن مكتبة الكونجرس، فيما كان من الطريف أن يكتشف بيتر سيكيرين أن تشيكوف ذاته كان مولعاً بقراءة مذكرات المشاهير في عصره، مثل الجغرافي الروسي نيكولاي بريجفاليسكي، حتي أنه كتب عن سيرته وترجم لحياته. وكما ذكر تشيكوف - في تعليقه علي السيرة الذاتية للجغرافي الروسي - أن المرء يخلص إلي أن هذا الرجل كان عظيماً بحق، يري بيتر سيكيرين أن الوصف ذاته ينطبق علي أنطون بافلوفيتش تشيكوف. يذكر أن أنطون بافلوفيتش تشيكوف أو -"تشيخوف" كما يفضل البعض- ولد في التاسع والعشرين من يناير عام 1860 وتوفي في الخامس عشر من يوليو عام 1904 بعد مسيرة حافلة، وكان يعمل طبيبا وكاتبا مسرحيا ومؤلفا قصصيا؛ وأصبح بامتياز من أعظم الأدباء الروس، كما أن الكثير من النقاد اعتبروه أفضل كاتب قصة قصيرة علي مستوي العالم. ومنذ أن كان تشيكوف طالبا بكلية الطب، بدأ رحلته الثرية مع الكتابة، وكان يحلو له القول "الطب زوجتي والأدب عشيقتي"؛ وجنبا إلي جنب ممارسته لمهنته كطبيب، كتب عدة مئات من القصص القصيرة، فيما تركت مسرحياته بصماتها العميقة علي دراما القرن العشرين. وتكشف مذكرات تشيكوف لبيتر سيكيرين عن أن الكاتب الكبير كان دائم النصح لرفاقه من الأدباء بألا يكفوا عن الكتابة، أو يركنوا للكسل، معتبرا أن العمل ترياق الحياة. ولد تشيكوف في بلدة ساحلية صغيرة جنوبروسيا اسمها "ناجنروج"، حيث كان والده من كبار التجار في هذه البلدة، وعرف منذ الصبا بتعليقاته الساخرة، وحبه للتمثيل علي مسارح الهواة، فيما كان ينفق كل مصروفه كصبي في مشاهدة المسرحيات. وتكشف المذكرات أيضا عن مسرحيات تشيكوف مثل: "النورس" و"الخال فانيا" و"الأخوات الثلاث" و"بستان الكرز"وهي اخر مسرحية كتبها تشيكوف قبل رحيله بستة أشهر وتتحدث عن عائلة ارستقراطية تضطر لوداع بستان الكرز بسبب كثرة الديون الغارقة فيها. بستان الكرز، هذه الضيعة الجميلة التي ليس هنالك ما هو أجمل منها، والتي تعتبر آخر أجمل وأكمل أعمال تشيكوف، معروضة في المزاد العلني، وليس هناك حل آخر للمشكلة سوي البيع، بيع ممتلكات هذه الأسرة، التي تمثل نمط الحياة الأرستقراطية التي غرقت بالديون نتيجة للاضطرابات والتحولات الاجتماعية والسياسية في روسيا في مطلع القرن العشرين.