كتب أحد الصحفيين الإنجليز يصف هارولد ويلسون رئيس وزراء بريطانيا الأسبق فقال »إن الدارس لشخصية هذا الرجل أشبه ما يكون بباحث في صفات سمك القرش، ففي رأس ويلسون نفس العينين الباردتين الزرقاوين اللتين تنطقان بالمكر والدهاء«! توقع المراقبون السياسيون أن يثور رئيس الوزراء علي هذا التشبيه، لكن شيئا من هذا لم يحدث، وانقضت بضعة أيام قبل أن تنشر صحيفة أخري خطابا مفتوحا من رئيس الوزراء إلي الصحفي قال فيه: »اقترح عليك أيها الصحفي أن تعود مرة ثانية إلي المدرسة لدراسة خصائص سمك القرش. فالثابت أن لون عيني هذه السمكة الكبيرة ليس أزرق كما تدعي..!«. هو بالضبط نفس الأسلوب الذي يتعامل به المسئولون مع ما يثار هنا وهناك ومع النقد الذي يوجه للحكومة من وقت إلي آخر بشأن ما يلقاه المواطنون من مشاكل.. لا مبالاة وعدم اكتراث وكأننا نعيش عصر المخلوع! أزمة البنزين تجد ردا من الوزير المسئول يبررها بالقول إنها »مفتعلة«! والبلطجة تجد كلمات جوفاء تقول انها مرحلة انتقالية! تماما مثل الذي أبلغوه بأن زوجته شوهدت في وضع مشين مع شخص وسط جنينة خلف منزله ليأتي رده سريعا: ياه.. شجرتين بقوا جنينة! أنا لا أعرف بالضبط مهمة المتحدث الرسمي في كل وزارة.. هل هي مجرد تجميل صورة الوزير أم الرد علي ما تثيره الصحف وما يطرحه الرأي العام.. أم هي مجرد »سبوبة«؟! أعتقد أنها هكذا لا أكثر! الصحافة علي استعداد للوقوف خلف أي مسئول حكومي ولكن بشرط أن يقول الحقيقة ولا يتواري خلف الأزمات المفتعلة والقلة المندسة أو الأجندات الخارجية! علي استعداد للمساعدة ولكن بشرط ألا تلقي جزاء سنمار مثل الشخص الذي شاهد قرويا يحاول أن يصعد التل بعربته التي يجرها حمار هزيل ولكن محاولاته المتكررة أخفقت، فما كان من ذلك الشخص إلا أن اقترب من العربة وأخذ يدفعها من الخلف بكلتا يديه حتي وصلت إلي قمة التل.. وهنا التفت المسئول أقصد القروي إلي الرجل المتصبب عرقا وقال له: شكرا جزيلا ياسيدي.. كان صعود العربة إلي قمة التل متعذرا بحمار واحد..!