كالعادة وبمناسبة العيد انهالت مئات البرقيات علي مكتب وزير الداخلية للتهنئة ولكن برقيات هذا العام كان لها طعم خاص فقد كان بعضها من أشخاص هم آخر من كان يتوقع في يوم من الأيام أن تكون بينهم وبين وزارة الداخلية حب أو مودة.. إنهم معظم مسئولي منظمات حقوق الإنسان وكان مضمون برقياتهم خليطاً من التهنئة بالعيد وبالنهج الجديد للوزارة في احترام حقوق المواطن والشفافية في تحري الشكاوي المقدمة ضد رجال الشرطة. الدفء الجديد الذي يخيم لأول مرة منذ سنوات طويلة من الخصام والعداوة بين الداخلية ومنظمات حقوق الانسان كان ثمار العديد من المواقف المتباينة التي اتخذتها الوزارة خلال الشهور الماضية لغسل أوزار المرحلة السابقة من تاريخها. فالراصد لمواقف الوزارة يكتشف تحولها عند اعادة هيكلتها لم يعتمد مجرد تغيير الاشخاص وانما سياستها ايضاً فبعد التغطية علي التجاوزات والاخطاء اصبحت هي المبادرة بالاعلان عن وقائع هذه التجاوزات بل والمبادرة بإبلاغ النيابة العامة ضد مرتكبيها لغسل يدها من اخطاء مرتكبيها. وكما يقول اللواء مروان مصطفي مساعد وزير الداخلية لقطاع الإعلام والعلاقات العامة كانت البداية بموقف اللواء منصور عيسوي وزير الداخلية بتكليف قطاع التفتيش بالوزارة بالاستماع إلي أعضاء ائتلاف ضباط الشرطة في وقائع الفساد التي ذكروا أنها تتعلق بشخصيات كبار مساعدي الوزير في عهد حبيب العادلي وقرر الوزير بإحالة الأمر إلي النيابة العامة للتحقيق فيما ذكره هؤلاء الضباط وباعتبارهم شهود وهو ما حدث فعلاً. وهو ما تقرر مع المقدم محمد عبدالنبي الذي اثار العديد من وقائع القضايا المجهولة واتهم وزير الداخلية في عهدها السابق بارتكابها مثل حادث الصحفي رضا هلال.. ورغم ان الضابط محال للاحتياط لانقطاعه عن العمل فقد تم الاستماع إليه في كل ما أثاره قبل ان تبادر الوزارة بإبلاغ النيابة العامة للتحقيق في كل ما أثاره الضباط. وعندما علم الوزير بمسلك مأمور سجن مزرعة طرة وتجاوزه في مواعيد غلق وفتح زنازين رموز السابق قام بنقله هو ونائبه علي الفور الي المكان آخر. ورفضت الوزارة مسلك الرائد عبدالرحمن أبو دومة بمركز شرطة بلبيس باعتدائه علي فرد شرطة بكرباج لتجاوزه معه في الحديث ولم يكتف الوزير بإحالته لقطاع التفتيش بل أصر علي احالة الواقعة الي النيابة العامة. ونفس الشيء عندما ارسل احمد سميح مدير مركز الأندلس لحقوق الانسان عن تجاوز ضابط كمين واعتدائه علي مواطن كان يستقل سيارة ميكروباص تم التحقيق في الواقعة وخلال ساعات تبين صحة الشكوي فأحيل الضابط للنيابة العامة بل وأوقف عن العمل. وبالنسبة للمدون مايكل نبيل سند المحبوس حالياً في سجن المرج لقضاء عقوبة السجن 3 سنوات لسبه المجلس العسكري الأعلي فقد قرر مايكل في أعقاب تراجع المجلس عن اتهامه في مواجهة الناشطة السياسية أسماء محفوظ الاضراب عن الطعام للضغط علي المجلس لاسقاط العقوبة عنه فقد أسرع الوزير بابلاغ النيابة التي ذهبت للسجن واستمعت الي اقوال المسجون وتم اخضاع المسجون لرعاية خاصة حيث يقوم طبيب السجن بزيارته لمدة مرتين يومياً باعتبار ان ما قام به حق يجب احترامه. آخر ما تقوم به الوزارة هذه الأيام في مجال احترام حقوق الانسان والتي نتمني ان تستمر علي الدوام هو قيام الوزارة بالتعاون مع قطاع السجون بالانتهاء من الأعمال الفنية المتعلقة في خطوط التليفونات بالسجون لتنفيذ المبدأ الدولي الذي يحق لنزلاء السجون الاتصال بأقاربهم ومحاميهم من تليفونات السجن الرسمية مجاناً حيث سيتم من خلال برنامج الاتصال الجديد أخبار السجناء أن من حقهم الاتصال مرتين اسبوعياً بأقاربهم لمدة 3 دقائق فقط مع اعلامهم بأن جميع المكالمات ستكون مسجلة كإجراء أمني بحت للتأكد من عدم استخدام اتصال المسجون في ارتكاب جريمة.