اغتيال جنودنا في سيناء وعلي الحدود عمداً ومع سبق الإصرار فتح جرحا عميقا موجودا في نفوس جيل كبير ممن عاشوا زمن الناصرية شباباً وكباراً.. وشاركوا الزعيم أحلامه وطموحاته.. أحزانه وأفراحه وآمنوا بمصر ودورها العربي والقومي.. جيل عبر مع الزعيم مرارة النكسة في عام 7691.. وخاض ملحمة حرب الاستنزاف.. بكل قسوتها وتحمل عبء التدمير والترويع.. وسقوط شهداء وضحايا من كل بيت في مصر.. حتي توج جيشنا مسيرة مصر بالعبور العظيم وتدمير بارليف وخطوط إسرائيل.. في أعظم حرب بطولية تدرسها كل أكاديميات العالم. جاءت كامب ديفيد السادات تعبيراً عن إرادة رئيس الدولة.. ولم تكن تمثيلا لشعب مصر.. ولا تعبيراً عن إرادته.. ولذا فإنه عاني كثيراً من غضب المعارضة.. والرفض الشعبي لها.. وربما أراد بها السادات قائد العبور أن تكون هدنة لاسترداد الأنفاس.. أو استراحة محارب..! لكن كامب ديفيد مبارك تعرضت لأول أزمة لها عندما تفجرت في وجهها ثورة الغضب الشعبي في عام 5891 حين قام المجند المصري سليمان خاطر أثناء نوبة حراسته المعتادة بمنطقة رأس برجة بجنوب سيناء بالتصادم مع مجموعة إسرائيليين حاولوا تسلق الهضبة التي تقع عليها نقطة حراسته.. فحاول منعهم بأنها منطقة محظور العبور فيها.. وعندما تحدوه وواصلوا اقتحام المنطقة الممنوعة.. أطلق عليهم الرصاص وقتل سبعة منهم! الدنيا قامت ولم تقعد بين إجماع شعبي في مصر علي رفض محاكمته باعتباره كان يدافع عن الحدود.. وبين غضب وإصرار إسرائيلي علي إعدامه.. وحسم الخلاف برضوخ الحكومة أو الدولة للإملاءات اليهودية ومحاكمته عسكريا..! انتهي التصادم بين إرادة الحاكم والضغط الشعبي بالحكم عليه بالسجن 52 عاما.. وترحيله إلي السجن الحربي ثم مستشفي السجن.. حيث أعلن انتحاره في ظروف غامضة.. ورفضت الحكومة طلب المعارضة بتشريح الجثة من لجنة خبراء طب شرعي محايدة..! ويبدو أن الإسرائيليين الذين شنوا حملة شعواء طوال محاكمته مطالبين بإعدامه قد نجحوا في اغتياله وحققوا مطلبهم.. وتلك أوراق مازالت ضمن أسرار محجوبة! الاختراق الإسرائيلي لحدودنا.. وقتل وإصابة جنودنا توالي عشرات المرات.. ووصل عدد شهدائنا لحوالي مائتي شهيد .. وللأسف احتمي العدو بمظلة العلاقات الخاصة والحميمية بين مبارك وشركائه! لذا لم يكن غريبا علينا أن تعاود إسرائيل نشاطها العدواني مرة أخري.. وتغتال خمسة من جنودنا عمداً ومع سبق الإصرار والترصد عندما اقتحمت الحدود عند النقطة (97) مروحية إسرائيلية وأطلقت صاروخين.. ووقفت بشكل عمودي فوق الوحدة المصرية وفتحت عليها نيران الرشاشات أيضا! ثم يجيء تقرير قوات حفظ السلام متعددة الجنسيات العاملة في سيناء ليؤكد إدانة إسرائيل ويتهمها باجتياز الشريط الحدودي.. والتوغل في الأراضي المصرية واستهداف الجنود المصريين بالصواريخ وأسلحة من المحرم استخدامها دوليا! الغضب الشعبي والتظاهر والاعتصام ومحاصرة السفارة الإسرائيلية ومقر سفيرها هو أمر طبيعي لأن الانتهاك الإسرائيلي لحدودنا.. وسفك دماء جنودنا ليس مقبولاً.. والصمت الحكومي تجاهه مرفوض لأن مصر بعد الثورة خرجت من عباءة مبارك بتجاوزاته.. وصمته علي انتهاك حرمتها وضياع كرامتها وهيبتها عربياً ودوليا! الكامب.. الآن وبعد الثورة.. لابد أن تتغير بموقف معلن ورافض لسفك دماء الشهداء.. ومطالبة إسرائيل بتحديد الجناة وتقديمهم إلي محاكمة عسكرية عاجلة أسوة بما حدث مع المجند الشهيد سليمان خاطر.. وعرض تقرير قوات السلام علي الأممالمتحدة لإدانة الحادث دوليا وإلزامها بالتعويضات ، ووضع ضمانات لمنع تكراره! آن الأوان لدراسة الاتفاقية وإعادة النظر فيما تضمنته من شروط مجحفة بحق مصر ونسبة التواجد العسكري لقواتنا في ربوع سيناء. وربما الأهم الإسراع بتنفيذ البرنامج القومي لتعمير سيناء بوابة الأمن الاستراتيجي لمصر. بعدما عطلها مبارك حماية لأمن إسرائيل باعتباره الحليف الاستراتيجي لها كما قال قادتها!