يمثل الرئيس السابق حسني مبارك بعد غد للمرة الثانية امام محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار احمد رفعت.. يواجه مبارك عدة اتهامات بقتل المتظاهرين واستغلال النفوذ وتقاضي الرشوة له ولنجليه جمال وعلاء والاضرار بالمال العام. »أخبار اليوم« تستعرض السيناريوهات المحتملة في محاكمة القرن بعيدا عن الخوض في تفاصيلها.. وحتي لا نؤثر في سير قضية منظورة امام القضاء.. ناقشنا كل تهمة من التهم الموجهة للرئيس السابق بصورة عامة مجردة لنضع امام القاريء تصورا متكاملا للعقوبات التي ينتظرها مبارك في حالة ثبوت ارتكابه لتلك الجرائم.. ما الظروف المخففة التي تخفف فيها العقوبة الي درجة ادني.. وما الحالات التي يمكن ان يحصل فيها علي البراءة.التفاصيل في هذا التحقيق في البداية يقول المستشار رفعت السيد رئيس بمحكمة استئناف القاهرة: المحكمة لا تتقيد بالوصف والقيد الذي اسبغته النيابة العامة علي المتهمين بل واجبها ان تمحص الدعوي وان تضفي عليها جميع الاوصاف القانونية التي تنطبق عليها شريطة ألا تغير من اسس الاتهام بمعني ان المحكمة تملك ان تنفي نية القتل عن المتهم وان تغير القضية الي ضرب افضي الي موت كما تستطيع ان تبدل التهمة الي القتل بدلا من الشروع في حالة وفاة المجني عليه اثناء نظر الدعوي. واضاف المستشار رفعت السيد ان المحكمة تقوم باخطار المتهم بالقيد والوصف الجديد لكي يقدم دفاعه علي اساسه وبالتالي فإن العقوبات تختلف بحسب الوصف الاخير الذي اضفته المحكمة علي الدعوي.. فالقتل عقوبته الاعدام ويجوز للمحكمة ان تنزل بالعقوبات للسجن المؤبد او السجن المؤقت الذي يبدأ من السجن لمدة 3 سنوات وينتهي بالسجن لمدة 51 سنة.. اما الضرب الذي افضي الي موت فأقصي عقوبته هي السجن لمدة 7 سنوات ويجوز للمحكمة ان تنزل بالعقوبة للحبس. انقضاء الدعوي واكد انه في حالة وفاة المتهم في القضية فإن الدعوي الجنائية تنقضي ويعتبر المتهم بريئا »وحسابه عند ربه« ولا يجوز الحكم عليه بعقوبة جنائية اما اذا كان معه آخرون في الدعوي فيتم انقضاء الدعوي الجنائية للمتهم وحده وتستمر المحاكمة لباقي المتهمين. واشار الي ان براءة المتهم في حال انقضاء الدعوي الجنائية اساسها ان المتهم لم يتمكن من مواجهة الاتهام وتفنيده فهي براءة معنوية. وحول ضرورة حضور مبارك الجلسة القادمة قال المستشار رفعت السيد: اذا كان المتهم محبوسا احتياطيا فإنه يتعين علي النيابة العامة ان تحضره بان تخاطب السجن، ولا يمنع المتهم من الحضور سوي المرض او اي عذر خارج ارادته وهنا يتم تأجيل نظر الدعوي بالنسبة له ولباقي المتهمين لانه لا يجب ان تنظر الدعوي في غيبة المحبوس احتياطيا. نفس العقوبة ويؤكد المستشار محمود القاضي رئيس محكمة جنايات المنيا ان المحرض ينال نفس عقوبة القاتل الاصلي وفي حالة القتل مع سبق الاصرار والترصد تصبح العقوبة الاعدام اذا اطمأنت المحكمة لثبوت الجريمة مشيرا الي ان القانون اعطي للمحكمة جواز استعمال الرأفة ومن حق المحكمة، ان تأخذ بالرأفة او لا تأخذ بها. واضاف المستشار محمود القاضي: استعمال الرأفة لا يوجد سوي في الشيخوخة او الظروف الصحية ولا نقول »حسناته وسيئاته« فهذه الامور لا علاقة لها بالقانون موضحا انه في حالة الحكم بالاعدام علي الرئيس السابق فإنه يتوجب علي النيابة نقض الحكم. ويقول الدكتور احمد سعد الاستاذ بكلية الحقوق جامعة بني سويف: الرئيس السابق كان هو المسئول الاول في مصر، وهو مسئول عن اصدار الاوامر، فإذا ثبت انه اعطي اوامر لمرؤسيه ومنهم حبيب العادلي، تقع المسئولية المباشرة عليه من خلال النية المحتملة.. ولا يجوز التذرع بكونه يزعم انه لم يعط اوامر باطلاق النار، ويكفي لانعقاد مسئوليته انه اعطي اوامر بفض هذه المظاهرات بأية وسيلة. واضاف انه لو كان الامر صريحا باستخدام اي وسيلة في سبيل الحفاظ علي الهدف وهو النظام القائم آنذاك وفض المظاهرات هنا تتم مساءلة مبارك باعتباره شريكا لانه كان الرئيس الاعلي للبلاد وكان يجب ان يتوقع ان هناك جرائم قتل للشباب المتظاهرين، وفي هذه الحالة ينال الرئيس السابق حسني مبارك عقوبة القاتل الاصلي طبقا للمادة 14 من قانون العقوبات.. فكل من حرض علي ارتكاب الجريمة او تم ارتكابها بناء علي هذا الاتفاق او من الفاعل الاصلي باسلحة وآلات او اية اوراق مع علمه ان الفاعل الاصلي سيقوم باستخدامها لارتكاب الجريمة فيسأل مع القاتل باعتباره شريكا من خلال المساهمة والتجهيز. أوامر صريحة واوضح الدكتور احمد سعد انه في هذه الحالة لا يجوز تبرئة مبارك من التهم المنسوبة اليه إلا اذا كان اعطي اوامره الصريحة بعدم استخدام السلاح وتم استخدامه دون علمه وهنا تقع المسئولية الجنائية علي الفاعل الاصلي فقط مشيرا الي انه في حالة ثبوت الجريمة يقع تحت طائلة المادة 432 من قانون العقوبات وهي »كل من زهق روح انسان عمدا يعاقب بالاعدام، او الاشغال الشاقة المؤبدة«.. واذا كان هناك قصد خاص »سبق اصرار وترصد« فهنا المشرع قيد القاضي بنص المادة 532 من قانون العقوبات وهي وجوب الحكم بالاعدام لان القصد الخاص ينم عن دناءة الباعث. واشار الي ان الظروف المرضية لا تحول دون توقيع العقوبة لان العبرة بوقت ارتكاب الجريمة وتوافر عنصري الارادة والعلم للجاني مؤكدا انه يجوز صدور حكم بالعفو الصحي وذلك بعد الحكم بالعقوبة المقررة. وقال: العفو الصحي هو تنازل للدولة عن حقها نظرا للظروف الصحية للمتهم، وهذا لا يعني تبرئته وهو مختلف عن العفو الشامل الذي يمحي كل اثر للجريمة فأقصي ما يتمناه مبارك الآن هو العفو الصحي الذي يسقط العقوبة. سيادة القانون ويقول بهاء ابوشقة المحامي بالنقض: انه يجب التركيز علي نقطتين مهمتين قبل عرض السناريوهات المتوقعة في محاكمة الرئيس السابق واعوانه النقطة الاولي: هي ان مبارك يحاكم شأنه كشأن اي مواطن عادي ويتضح ذلك من خلال الاتهامات الموجهة اليه باسمه مجردا من اي القاب او مناصب. النقطة الثانية: تتمثل في محاكمة الرئيس السابق امام محكمة عادية وليست استثنائية.. حيث ان الشعب المصري ظل طوال عقود ينادي بوقف المحاكمات الاستثنائية وقانون الطواريء وهو الامر الذي تحقق عقب ثورة 52 يناير وذلك دليل صادق علي سيادة القانون واننا في طريقنا لتطبيق الديمقراطية الصحيحة. وبالنسبة لاجراءات المحاكمة فإن المحكمة تستمع وتدقق في ادلة الثبوت المقدمة من النيابة العامة والمدعين بالحق المدني وكذلك لمرافعة الدفاع والادلة المقدمة منه للاستناد عليها في اصدار حكمها. ويوضح أبوشقة ان الاتهامات الموجهة لمبارك غير مرتبطة وسيصدر الحكم في كل تهمة علي حدة، فمثلا اتهامه بالاشتراك في قتل المتظاهرين منفصل تماما عن اتهامه بارتكاب جريمة استغلال النفوذ والحصول علي رشاوي. ويؤكد انه اذا ثبت ارتكاب مبارك لجريمة الاشتراك في قتل المتظاهرين فإن عقوبته ستكون الاعدام ولكن يمكن للقاضي ان يأخذ بعين الاعتبار المادة »71« من قانون العقوبات الخاصة بالظروف المخففة، وبذلك يمكن ان ينزل بعقوبة الاعدام الي الاشغال الشاقة المؤبدة ومن الممكن ان ينزل بالعقوبة حتي 3 سنوات من السجن المشدد طبقا لما يراه القاضي من ظروف خاصة بالمتهم تستحق الرأفة به. اما بالنسبة لجريمة استغلال النفوذ والحصول علي رشوة له او لغيره فإن عقوبتها هي الاشغال الشاقة المؤبدة وذلك في حال ثبوتها علي المتهم. ويضيف ابوشقة: انه في حالة عدم ثبوت اي من الاتهامات الموجهة للرئيس السابق فإن المحكمة ستقضي ببراءته ويكون من حق النيابة العامة الطعن علي الحكم خلال 06 يوما امام محكمة النقض التي اما ان تقضي بتأييد الحكم او نقضه او اعادته لدائرة اخري للنظر في القضية من جديد. لابد من الثبوت وتري د. فوزية عبدالستار استاذ القانون الجنائي بجامعة القاهرة انه لابد من ثبوت الاتهامات الموجهة للرئيس السابق علي وجه اليقين حتي تقضي المحكمة بمعاقبته عليها اما اذا تسلل الشك الي ادلة الاثبات فإن الشك يفسر لصالح المتهم وبذلك تقضي المحكمة ببراءته. فبالنسبة لتهمة الاشتراك والتحريض علي قتل المتظاهرين فإن عقوبتها الاعدام او السجن المؤبد ولكن لابد ان تكون النيابة العامة قد قدمت ادلة قوية بان الرئيس السابق امر بقتل المتظاهرين لان حكم المحكمة يبني علي الجزم واليقين ولا يبني علي الظن والاحتمال. اما تهمة استغلال النفوذ والرشوة فإن عقوبتها الاشغال الشاقة المؤبدة وبالنسبة لتهمة الاضرار بالمال العام فإن العقوبة تتراوح بين 3 الي 51 سنة سجنا مشددا.