إذا كان الكلام من فضة فإن السكوت من ذهب.. حكمة تعلمناها صغارا ورغم عدم تقيدنا بتنفيذها.. إلا ان الايام تؤكدها وتؤكد غيرها من الامثال والحكم التي تدور في نفس السياق مثل »لسانك حصانك ان صونته صانك وان هنته هانك«.. وعن حكمة الصمت وحفظ اللسان آخذك معي عزيزي القاريء في محاولة لاعادة قراءة ما كتبه عالمنا الجليل الحافظ ابي بكر عبدالله بن محمد بن عبيد بن ابي الدنيا والتي بدأناها الاسبوع الماضي. وقد تلقيت عديدا من الاتصالات والرسائل حول كتابتي في بعض الامور الدينية وهل لها أي مغزي آخر حتي وإن كانت تتماشي مع ما للشهر الكريم من اجلال وتعظيم. والحقيقة ان اختياري للموضوع له علاقة مباشرة بالواقع الذي نعيشه جميعا اليوم واقصد تحديدا الواقع الاخلاقي ومحاولات البعض تشويه تاريخ مصر وحاضرها من خلال سلوكيات شاذة واخلاقيات هي ابعد ما تكون عن ديننا أو قيمنا واخلاقنا. ألستم معي في ان الشارع المصري يعاني اليوم حالة من الانفلات الخلقي ومحاولة البعض استثمار حالة الغياب الأمني!! وان كانت قد بدأت تخف تدريجيا!! ومن أمثلة هذا الانفلات روح البغضاء والكراهية والحقد والحسد التي لا يكاد يخلو منها حديث اليوم. الارقام تؤكد ان عدد البلاغات المقدمة للنائب العام تجاوزت عشرات الألوف وكذلك الحال بالنسبة لاجهزة الكسب غير المشروع والرقابة الادارية والاموال العامة والجهاز المركزي للمحاسبات. صحيح ان هناك شكاوي يثبت صحتها ويتم تقديم المسئولين عنها للتحقيق لكن عديدا منها يثبت عدم صحته وتكون النتيجة مضيعة للوقت والجهد من جانب رجال العدالة الاجلاء والذين تتجاوز ساعات عملهم يوميا 61 ساعة متصلة وربما تزيد وذلك دون انتظار لمكافآت أو ساعات عمل إضافية وحوافز. واعتقد اننا جميعا مطالبون بتخفيف هذه الاعباء من خلال التقيد باحكام ديننا الاسلامي وعدم إلقاء التهم جزافا والابتعاد عن الشكاوي الكيدية غير المدعمة بالادلة والقرائن والاسانيد. هناك واقع نفسي غريب يعيشه الشارع بل نعيشه في بيوتنا ويبدو ان سخونة الاحداث وسرعتها قد فرضت نمطا غريبا في سلوكيات التعامل. الصوت العالي والخلافات في الرأي تتحول تدريجيا إلي سلوك انفعالي هو ابعد ما يكون عن حقيقة المعاني السامية التي سعت لها الثورة. حتي لغة الحوار في بعض الفضائيات تخرج في أحيان كثيرة عن قواعد وأصول الحديث للناس في بيوتهم عبر شاشة التليفزيون. وفي كل ساعة سوف تسمع من يقول لك انه لم يعد يشاهد أي برامج حوارية أو برامج لاستعراض عضلات بعض الاشخاص والقوي والتي تحاول فرض نفسها بالقوة. اختياري لموضوع الصمت وحفظ اللسان وما يحتويه من آداب وسلوكيات يرتبط ارتباطاً مباشراً بواقع حياتنا واستميحكم عذرا واعود لموضوع اليوم فعن هانيء بن شريح رضي الله عنه قال: قلت للنبي صلي الله عليه وسلم اخبرني بشيء يوجب الجنة فقال عليه الصلاة والسلام »عليك بحسن الكلام وبذل الطعام« اي إطعام الطعام للمحتاجين. وعن هشام بن عروة عن همام بن يحيي رضي الله عنهما قال : »عطس نصراني عند ابي فقال له يرحمك الله« فقيل له »انه نصراني، فقال : ان رحمة الله علي العالمين« ، وعن معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم قال »الكلمة الطيبة صدقة«. وعنه صلي الله عليه وسلم »اتقوا النار ولو بشق تمرة فإن لم يكن بشق تمرة فكلمة طيبة«. ويتحدث عالمنا الجليل الحافظ ابي بكر إلي نقيصة الغيبة واغتياب الناس فيقول : قال صلي الله عليه وسلم »كل المسلم علي المسلم حرام. دمه وماله وعرضه« ، وعنه صلي الله عليه وسلم »لا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا يغتب بعضكم بعضا وكونوا عباد الله اخوانا«. وقال سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام »مررت ليلة أسري بي علي قوم يحمشون وجوههم باظافرهم فقلت يا جبريل من هؤلاء فقال هؤلاء الذين يغتابون الناس ويقعون في اعراضهم«. وحدثنا عبدالله عن عبدالرحمن بن صالح عن ابي برذة رضي الله عنه قال خطبنا رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال : »لا تتبعوا عثرات المسلمين فإن من يتتبع عثرات المسلمين يتتبع الله عثرته حتي يفضحه في جوف بيته«. وخصص العالم الجليل الحافظ أبي بكر بابا كاملا عن النهي عن فضول الكلام والخوض في الباطل. فعن النبي صلي الله عليه وسلم »طوبي لمن انفق الفضل من ماله وامسك الفضل من قوله«. وعن حصين بن عقبة قال، قال عبدالله رضي الله عنه »ان اكثر الناس خطايا يوم القيامة اكثرهم خوضا في الباطل«. وقال عبدالله بن عمرو عن النبي صلي الله عليه وسلم »المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمهاجر من هجر ما كره ربه« وعنه صلي الله عليه وسلم »ألا اخبركم بأيسر العبادة وأهونها علي البدن.. الصمت وحسن الخلق«.