بين كل فترة وأخري يتذكر أحد المسئولين أن هناك قرارا بتحديد الحد الأقصي للأجور للعاملين في أجهزة الدولة منذ عام 2008 ويتم تحديثه مرارا آخرها في 2017. وآخر من تذكر تفعيل القرار هو رئيس قطاع الحسابات الحكومية بوزارة المالية.. فأصدر تعليمات قبل يوم من نهاية العام الماضي يحذر فيها من مخالفة الحد الأقصي للأجور. تعليمات تشعرك وكأنه كان يكتبها وهو مكفهر الوجه، عاقد الحاجبين. فجاءت صارمة تحذر من يتعدي دخله من العاملين بجهاز الدولة الحد الأقصي، ولايرده خلال 30 يوما من تاريخ اخطاره، وسوف تتخد ضده الإجراءات القانونية. ومنذ أيام وقعت عيني علي بعض محاضر مجالس إدارات عدد من شركات قطاع الأعمال العام لموازنة 2017/2018. وفي محضر لإحدي الشركات التابعة ذكر جهاز المحاسبات في ملاحظاته عن الشركة التابعة أنه »لم يتأكد من قيمة مايتحصل عليه رئيس وأعضاء مجلس الإدارة، لعدم تلبية الشركة لطلبنا المتكرر بشأن المكافآت والمزايا العينية التي يتمتع بها رئيس وأعضاء المجلس سواء المصروفة بمعرفة الشركة التابعة أو الشركة القابضة». ولفت جهاز المحاسبات النظر أيضا إلي أنه لم يتم موافاته بالأموال التي تم صرفها لممثلي المال العام في شركة أخري مشتركة عن العامين الماليين من 2015 وحتي 2017 »مما تعذر معه مقارنة تلك الأموال المصروفة مع قرار رئيس مجلس الوزراء الخاص بالحد الأقصي للأجور رقم 606 لعام 2008 والتأكد من مدي التزام العاملين به». وهنا وجب التذكير بأن الرقم المقترح من مجلس إدارة الشركة لمكافأة رئيس وأعضاء مجلس الإدارة (أي الذين حددوه لأنفسهم) كان 17 مليون جنيه لعام 2017/2018. وبالرغم من أن جهاز المحاسبات يتحدث بدون مواربة عن إغماض عين الشركة لمدة ثلاث سنوات عن الإبلاغ عن حجم مايتحصل عليه رئيس وأعضاء مجلس الإدارة للتأكد من عدم تخطيهم الحد الأقصي . إلا أن الشركة كانت إجابتها معدة سلفا وصورة طبق الأصل من الأعوام التي سبقتها للرد علي الجهاز »بأنه سوف يتم موافاتكم بما تطلبونه». والحقيقة أن الرد الهزلي المتكرر علي ملاحظات في منتهي الجدية، هو مايجعلنا نتشكك في أن هناك جهدا حقيقيا لتطبيق القرار. والذي منذ أن صدر استطاعت فئات عديدة من المخاطبين به التملص منه بإعفائهم من تطبيقه عن طريق أحكام قضائية. ومعظمهم ممن يتخطون الحد الأقصي بمراحل يحسدون عليها. ولم يعد يطبق إلا علي الأقل دخلا. وللتذكرة القرار كان يخاطب العاملين بالجهاز الاداري والبنك المركزي والبنوك العامة وجهاز تنظيم الكهرباء والاتصالات والعاملين الذين توظفهم كادرات خاصة كالهيئات القضائية وهيئة الشرطة والسلك الدبلوماسي وجهاز المحاسبات وغيرها.أما الآن فتطبيقه لايتم إلا علي جهات معدودة، استطاعت أن تبطل ماتبقي من مفعوله. لنعود وننتظر مجددا تعليمات صارمة من المالية من مسئول آخر عاقد الحاجبين عند نهاية عام جديد.