لم يأت وصف الدبلوماسية الأمريكية بأنها دبلوماسية الهوانم أو كيد النسا من فراغ, فبمجرد نظرة سريعة علي الشخصيات المهيمنة علي السلك الدبلوماسي الأمريكي بدءا من منصب الوزير وحتي السفير, سيتبين لك مدي هيمنة "حواء" علي مفاصل الأمور في هذا القطاع الحيوي . كما لا يمكن تجاهل الارتباط الكبير بين "تلون" وتحول" سياسات امريكا الخارجية والذي يجعلها اشبه ب "الحرباء" وهذا العدد الكبير من السيدات اللائي يشغلن غالبية المناصب الحيوية في الخارجية الأمريكية وبعثاتها الدبلوماسية حول العالم. ان مجرد حصر سريع لبعثات أمريكا الدبلوماسية حول العالم علي الموقع الالكتروني لوزارة الخارجية سيقودنا الي اكتشاف حقيقة أن ما لا يقل عن ثلث سفراء واشنطن بالخارج من السيدات. ولعل أشهر من شغلت منصب السفيرة ويتذكرها جيدا كل من عاصر حرب الخليج هي "ابريل جلاسبي" آخر سفيرة أمريكية عملت مع صدام حسين والتي تردد أنها من أعطت الرئيس العراقي الراحل الضوء الأخضر للقيام بغزو الكويت وفي الوقت الحالي هناك قائمة طويلة من سفيرات واشنطن بالخارج تضم السفيرات في كوريا الجنوبية وفيتنام وبيرو وارمينيا وليبيريا والنيجر وباكستان, غير ان اشهرهن بالطبع هؤلاء العاملات في الدول العربية والاسلامية في لبنان وسوريا والكويت والبحرين ومصر ! وفي لبنان, هناك السفيرة مورا كونيللي المثيرة للجدل التي تسبب صلفها وغرورها في حدوث العديد من المشكلات بينها وبين زعماء التيارات الدينية . ولعل اشهر هذه المواقف ما حدث مع مفتي لبنان, حيث طلبت السفيرة الأمريكيّة موعداً للقاء مفتي الجمهورية محمد رشيد قباني، فأبلغت أوساط دار الإفتاء السفارة بأن علي كونيللي ارتداء الحجاب خلال اللقاء، الأمر الذي أثار استياء السفارة. وبعدها، انقطع التواصل بين الجانبين. وهو ما علقت عليه وسائل الاعلام في لبنان بالقول ان السفيرة رفضت ارتداء الحجاب للقاء المفتي.. فمن سيخضع للآخر؟! غير ان كل ما سبق من السفيرات "كوم" وسفيرة واشنطن الحالية والقادمة في القاهرة "كوم اخر" فقد رشح اوباما سفيرة بلاده في باكستان ان باترسون لخلافة مارجريت سكوبي في القاهرة .. وباترسون امرأة قوية، تجيد التعامل مع الجميع, يمكن وصفها بقاذفة اللهب . فقد, كشفت وثائق "ويكيليكس" عن تورطها في اعمال مخابراتية في باكستان, حيث ظهر اسمها كثيرا مرتبطا بالكشف عن تفاصيل مثيرة في العلاقات الأمريكيةالباكستانية طوال فترة توليها منصب سفيرة الولاياتالمتحدة هناك، خلال فترة حساسة في العلاقات بين البلدين. تفسير الاختيار الامريكي لباترسون هو التعامل مع مصر "الجديدة" بعد الثورة, فالسفيرة الجديدة عملت لفترة كبيرة لدي إسلام آباد، ومن ثم فلديها خبرة في التعامل مع الجماعات الاسلامية، وهو نفس الامر الذي دفع صحيفة يديعوت أحرنوت الإسرائيلية للقول ان ترشيح باترسون جاء نظراً لخبرتها في التعامل مع الدول التي يكون الجيش فيها هو المسيطر علي مقاليد الأمور. بقي ان نعرف ان باترسون تعرضت لانتقادات شديدة اثناء عملها في باكستان بسبب نشاطاتها فيما يتعلق بجمع المعلومات والتواصل مع الاسلاميين .. كما استقبلها الكولومبيون خلال فترة عملها هناك بالقنابل حيث تعرضت لمحاولة اغتيال .. فكيف ستكون سنوات عملها في مصر وباي شكل سيستقبلها المصريون؟ احمد عزت