سادت حالة من الترقب داخل الأوساط العراقية لما ستسفر عنه المظاهرات التي اشتعلت في مدن الوسط والجنوب العراقي منذ أيام بسبب نقص الخدمات والبطالة خاصة في البصرة التي شهدت مظاهرات بسبب أزمة البطالة فعلي الرغم من أنها خزان النفط الرئيسي في العراق إلا أن استعانة شركات النفط بالعمالة الأجنبية كانت السبب الرئيسي في تفاقم أزمة البطالة بالمدينة. ويأتي ذلك وسط تخوفات من أن يشهد العراق الفترة المقبلة فوضي سياسية غير معلوم عواقبها بعد نجاحه في القضاء علي تنظيم داعش، فالشواهد تنذر ببوادر صراع سياسي جديد خاصة فيما يتعلق بتشكيل الحكومة الجديدة والتي تشير التوقعات بأنها ستشهد أزمة لأن نتائج الانتخابات البرلمانية التي أجريت في مايو الماضي لم تسفر عن فوز تكتل كبير كما كان يحدث سابقا مع صعوبة التفاهم بين التكتلات الأخري التي فازت للوصول لنسبة (50%+1) لتشكيل الحكومة، كما يفرض الصراع الأمريكي الإيراني الحالي مخاوف لدي السياسيين بعد أن أصبح العراق ساحة للصراع الأمريكي الإيراني الحالي، فوفقا للمحللين العراقين فإن أمريكا لديها رغبة حقيقية في أن ينجح تيار »سائرون» بقيادة زعيم التيار الصدري مقتدي الصدر والذي حصل علي أكبر عدد من المقاعد داخل مجلس النواب العراقي (100 مقعد من أصل 329) في تشكيل التحالف الأكبر داخل البرلمان مع كتل سنية وكردية. تأتي التخوفات من تأخر تشكيل الحكومة خاصة بعد أن ألزم البرلمان العراقي المنتهية ولايته مفوضية الانتخابات بإعادة العد والفرز اليدوي في الانتخابات البرمانية التي جرت مؤخرا بعد التشكيك في نزاهتها بحدوث وقائع تزوير، حيث إن السياسيين في العراق يراهنون علي استقرار الأوضاع في العراق في حال تشكيل الحكومة الجديدة. وأكد د. محمد أبو كلل مسئول الشئون العربية بتيار الحكمة الوطني أن المهلة الدستورية لانعقاد البرلمان الجديد والمحددة ب 45 يوما من انتهاء الفصل التشريعي لم تنته حيث انه وفقا للدستور فإن مجلس النواب يجب أن ينعقد 15 أغسطس المقبل كحد أقصي وقال إن الفرز اليدوي أوشك علي الانتهاء وأن المؤشرات تؤكد مطابقته للإلكتروني ومن المتوقع أن تقر المحكمة الاتحادية النتائج خلال الأسبوعين المقبلين نتيجة الانتخابات البرلمانية، موضحا أنه فور انعقاد البرلمان الجديد سيتم انتخاب رئيس جديد لمجلس النواب ثم رئيس للجمهورية والذي يكلف الكتلة الأكبر بتشكيل الحكومة الجديدة، وأشار د.أبو كلل إلي أن تحالف »سائرون» بقيادة زعيم التيار الصدري مقتدي الصدر والحزب الشيوعي يعد أكبر ائتلاف يفوز في الانتخابات والشواهد تؤكد وجود تحالف بين»سائرون» مع جميع الكتل الأخري عدا ائتلاف »دولة القانون» الذي يرأسه نوري المالكي، وأوضح أن »سائرون » تحالف رسميا علي الورق مع كل من تياري »الحكمة» الذي يرأسه عمار الحكيم و»الوطنية» الذي يتزعمه إياد علاوي نائب الرئيس العراقي وقال إن »سائرون» توافق بشكل كبير علي عقد تحالفات أيضا مع كل من ائتلاف الفتح الذي يتزعمه هادي العامري وحصل علي ثاني أكبر ائتلاف في الانتخابات البرلمانية وائتلاف النصر الذي يرأسه حيدر العبادي رئيس الوزراء العراقي مؤكدا أنه علي الرغم من تلك المشاورات لتشكيل الكتلة الأكبر داخل البرلمان لتتولي تشكيل الحكومة إلا أنه حتي الان لا يوجد تحالف واقعي مكتمل الأركان يمكن القول بأنه حقق الكتلة البرلمانية الأكبر، وأشار أبو كلل إلي أن عمار الحكيم رئيس التحالف الوطني العراقي طرح مبادرة دعا فيها إلي تشكيل ائتلاف وطني من الشيعة والسنة والكرد يقابله كتلة وطنية معارضة للمعارضة حيث إنه منذ 2005 كان التحالف الوطني العراقي الشيعي يسيطر علي تشكيل الحكومة لذا فهناك ضرورة الآن من وجود كتلة وطنية عابرة لفكرة المذهبية موضحا أن هناك توجها آخر يقوده نوري المالكي رئيس ائتلاف دولة القانون يقضي بوجود أغلبية سياسية تشكل الحكومة، وأكد د.أبو كلل أن هناك تخوفات من تأخر تشكيل الحكومة وتجاوز التوقيتات الدستورية خاصة أن الحكومة المقبلة سيكون في يدها الاستجابة لمطالب المتظاهرين وإيجاد آليات لتنفيذها موضحا أن تلك المطالب مشروعة ومنطقية وتتعلق بتوفير الخدمات والقضاء علي البطالة حيث إنه كان هناك تقصير واضح من الوزارات الخدمية الفترة السابقة، وانتقد د.أبو كلل قيام بعض المندسين بين المتظاهرين بأعمال عنف وتخريب للمنشآت العامة خاصة حقول النفط في البصرة وقال إن تلك الفئة المندسة التي تطالب بإسقاط النظام هناك تخوف من أن تكون راغبة في خلق فوضي في العراق بعد الانتصار علي داعش وإحداث ثغرات أمنية كما حدث في مظاهرات عام 2014 والتي تمكن تنظيم داعش من خلالها من السيطرة علي بعض المدن العراقية خاصة أن المظاهرات الحالية تقع في مدن الوسط والجنوب العراقي والتي لم تكن تحت سيطرة داعش، وشدد د.أبو كلل علي أهمية تشكيل الحكومة وأن تضع رؤية اقتصادية واضحة لمعالجة أزمة نقص الخدمات وقضية البطالة موضحا أن البصرة التي بدأت فيها المظاهرات تحتوي علي 80% من النفط العراقي وتعاني من البطالة . ويري سالم مشكور المحلل السياسي والإعلامي العراقي أن المظاهرات التي تشهدها بعض المدن العراقية تضمنت مطالب مشروعة فالبصرة علي سبيل المثال عانت كثيرا من فساد المسئولين مما تسبب في نقص الخدمات وتفاقم أزمة البطالة بها رغم أنها »خزان» النفط العراقي وقال إن الساحة العراقية هشة حاليا من الناحية السياسية مما قد يدفعها للفوضي خاصة في ظل تزايد الصراع الأمريكي الإيراني والذي بلا شك سيلقي بظلاله علي الأوضاع في العراق موضحا أن هناك تفاهمات سياسية تهدف لتشكيل الحكومة الجديدة إلا أن هناك محاولات خارجية لإفشال هذا التحالف وإرباك الوضع في العراق.