في لندن عام 7002 صدر تقرير عن لجنة من كبار المفكرين وأساتذة الجامعات ورجال الدين عن الصورة الشائعة عن الإسلام في انجلترا والغرب. جاء فيه »ان الفكرة السائدة في الثقافة الشعبية والثقافة السياسية في الغرب ان الإسلام تهديد رئيسي للسلام العالمي، وأنه يماثل تهديد النازية والفاشية للعالم في الثلاثينات والتهديد الشيوعي في الخمسينات من القرن العشرين. وأن تشبيه الإسلام بالشيطان ليس مقصورا علي الصحف الصغيرة ولكن الصحف الكبري والكتب والمحاضرات الجامعية في الغرب تتكرر فيها عبارات الازدراء للإسلام«. في العام التالي 8002 ومع اشتداد الأزمة الخانقة للرأسمالية الغربية ارتفعت في لندن موضات خروج لنظام التمويل الإسلامي اللاربوي. وفي باريس تحدثت مجلات رصينة عن أهمية قراءة القرآن وفهم فلسفة الشريعة الإسلامية في النظام المصرفي ومبدأها »المال لا ينتج المال« لإخراج الرأسمالية الغربية من أزمتها. وكذلك تحدث بابا الفاتيكان عن بريق الصيرفة الإسلامية، ومبادئ المالية الإسلامية. فكيف اجتمعت وتجتمع في الغرب هذه المتناقضات: تشبيه الإسلام بالشيطان، واعتباره تهديدا يفوق النازية والفاشية والشيوعية مع النصح بالحلول الإسلامية في فلسفة الصيرفة والنقود والأموال؟ إن شدة المأزق وعمق الأزمة وبشاعة الانهيار الذي انحدرت إليه الرأسمالية الغربية المتوحشة قد دفع بعض عقلاء الغربيين رغم العداء للإسلام إلي الدعوة والاستعانة بالحل الإسلامي لأزمتهم الاقتصادية، وليس الاهتداء بالإسلام! حتي لكأنهم سيعيدون رسم مشهد فرعون موسي عندما أدركه الغرق فأعلن »إيمان الغريق« بعد فوات الأوان. فالفرعونية القارونية الغربية بعد أن ادرك الغرق رأس ماليتها المتوحشة والطفيلية تريد »قطعة غيار« النظام اللاربوي الإسلامي لتعالج بها رأسماليتها فتنعشها وتخرجها من هذا المأزق الذي تردت فيه. وغير بعيد كذلك ان تكون بعض هذه الأصوات الغربية وليس كلها بالطبع إنما تريد بإعلانها تحبيذ النظام الإسلامي اللاربوي استدراج ما تبقي من الفوائض النقدية الإسلامية لتوظيفها في إنقاذ النظام الرأسمالي وذلك بعد أن بددت ثروات العالم الإسلامي ونهبتها علي امتداد الحقبة الاستعمارية المباشرة وماتلاها. فهي تريد اليوم المزيد من التبديد لما تبقي لدي المسلمين من ثروات. لذلك فإننا مع ترحيبنا بمديح بعض الأصوات الغربية العاقلة للنظام المالي الإسلامي ولبريق الصيرفة الإسلامية يجب أن نحذر من الوهم الذي سيغطي المواقف الحقيقية الغربية من الإسلام. إنهم يريدون »قطعة غيار« مجرد قطعة غيار من النظام المالي الإسلامي لإنقاذ رأسماليتهم الطفيلية المتوحشة كي تعود لنهب ثروات الجنوب وامتصاص ما تبقي من دماء الفقراء. كما يريدون »ضخ« المال الإسلامي في شرايين المؤسسات الرأسمالية الربوية الغربية لتتعافي من أزمتها الراهنة ولتعود سيرتها الأولي في تجارة النقود الربوية من جديد! لذلك فعلينا أن نتحلي بالوعي الإسلامي وأن تتداول المؤسسات الفكرية الإسلامية هذه الظواهر وهذه الكتابات.