الشهر الماضي أخذ محمد عبدالسلام، رئيس البورصة المصرية، علي عاتقه القيام بمهمة عاجلة في الخليج، وناشد أثرياء العرب الاستثمار في البورصة المصرية. حيث يري أن انخفاض أسعار الأسهم ومحدودية المخاطر السياسية تجعل السوق المصري أكثر جاذبية للاستثمار. لا شك، أن هناك الكثير من الصفقات التي يمكن ان تعقد في مصر هذه الأيام، لكن السؤال هل يمكن للمستثمرين تحمل المخاطرة؟ صحيح ان ادارة أوباما اتخذت خطوات في الاتجاه الصحيح لمساعدة مصر اقتصاديا، ولكن لأسباب مختلفة، يجب عليها أن تفعل ما هو أكثر من ذلك. ان يكون الاقتصاد أحد ضحايا الثورات الديمقراطية أمراً ليس بالجديد، لكن الاثر الذي تركته الثورة علي الاقتصاد المصري كان عميقاً وأولي ضحاياه كانت السياحة التي انخفضت في مارس الماضي بنسبة 60٪ عن العام السابق، مما أدي الي انخفاض عائداتها الي 352 مليون دولار بعد ان كانت ملياراً بالاضافة الي فقدان الآلاف لوظائفهم. علاوة علي ذلك فإن عودة حوالي 000.003 عامل من الفارين من ليبيا سيزيد من معدل البطالة بنسبة 12٪ . وقد ساهمت البطالة والعمالة الناقصة في اشعال ثورة 25 يناير. لكن لاتزال هناك صعوبة في توفير فرص عمل، فالاقتصاد آخذ في التآكل ورؤوس الأموال الاجنبية بدأت في الفرار للخارج. في الوقت نفسه، التحقيقات الجارية وعمليات التطهير الواسعة لرجال الاعمال والصناعة الفاسدين تخيف المستثمرين. وقد أعلن مجلس العسكري الأعلي في مصر ان معدل الفقر قد يصل الي 70٪ . وحذر نصر من ان الأسوأ قادم، فمع هبوط معدلات الاستثمار الأجنبي في الوقت الراهن الي الصفر وانخفاض الاحتياطي الأجنبي من 36 مليار دولار عشية الثورة الي 28 مليار دولار، فإن أي تطور درامي جديد سيستنزف احتياطي الدولة بالكامل في غضون ستة أشهر. وعلي الرغم من أن مصر ليست علي وشك الافلاس الا أن التدهور المستمر للاقتصاد قد يدفع مسار الثورة في اتجاهات سلبية علي أقل تقدير من الممكن ان يشجع السياسيين علي انتهاج سياسات اقتصادية اكثر شعبية مثل التراجع عن الاصلاحات الاقتصادية. وزيادة الفقر قد تزيد من جاذبية الذين يدعون ان "الاسلام هو الحل". وادراكا للمخاطر التي يشكلها تدهور الاقتصاد، أعلن الرئيس أوباما ان واشنطن قد تخفف مليار دولار من ديون مصر، وتمنحها ملياراً آخر كمساعدة في شكل ضمانات قروض. لكن قياساً بمدي عمق الازمة الاقتصادية في مصر فإن 2 مليار لن يكونا كافيين. كما أعلن البنك وصندوق النقد الدوليين عن مبادرات لمصر وضعت مجموعة ال 8 أيضا برنامجا طموحا للمساعدة. المملكة العربية السعودية أيضا عرضت 4 مليارات دولار. لكن مع احتياطي نقدي يبلغ 550 مليار دولار، يمكن للرياض أن تقدم المزيد. في الوقت نفسه، يجب علي ادارة أوباما ان تقدم لمصر الديمقراطية خارطة طريق نحو التوصل الي اتفاق للتجارة الحرة. وعلي الرغم من عدم اليقين السياسي والاقتصادي، فمصر لاتزال حتي اليوم أحد أعمدة الهيكل الاستراتيجي للولايات المتحدة في الشرق الأوسط. ولا تزال مصر شريكاً أساسياً في السلام مع اسرائيل، وحصنا منيعا ضد النظام الشيعي المتصاعد في طهران. نعم المخاطر الاقتصادية والسياسية تلوح في الأفق، لكن مع 85 مليون نسمة، فإن مصر بالنسبة لواشنطن، أكبر وأهم من أن تفشل.