كنت قد طلبت في كلمتي الاسبوع الماضي عدم العفو عن الرئيس السابق حسني مبارك وأسرته وزبانيته، وان كنت لم ارفض المحاكمة لبيان الحقيقة.. وفوجئت بأن العديد من الاصدقاء والأقارب يعاتبونني علي ما كتبته، من باب الرأفة بالرجل الذي تخطي الثمانين من عمره، وكان له دور لا ينكر في حرب اكتوبر.. والحقيقة انني بدأت أراجع نفسي وأري انني قسوت بعض الشيء، وان لم يكن ذلك تراجعا عن رأيي برفض العفو الذي اراده البعض شاملا. ثم ندمت بعد ذلك علي مجرد التفكير انني كنت قاسيا علي الرجل، عندما قرأت ما نشرته الزميلة جريدة »الاخبار« امس الاول »الخميس« حول شهادة عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية السابق في التحقيقات سواء خلال الايام القليلة التي قضاها في منصبه كنائب، أو خلال الايام الاولي للثورة، حيث كان ما زال في منصبه الاسبق كمدير للمخابرات العامة.. وهو ما انفردت به الزميلة خديجة عفيفي.. وقد أكدت هذه الشهادة تورط مبارك بالفعل في قتل الثوار، حيث قال انه كان ينقل له كل ساعة تقارير وزير الداخلية الاسبق حبيب العادلي عن اطلاق الرصاص الحي والمطاطي علي المتظاهرين والثوار، والذي ادي الي استشهاد الكثيرين منهم، وانه كان علي علم بكل رصاصة اطلقت، وبدهس الناس بالسيارات، وباعداد الشهداء والمصابين، ومع كل ذلك فان مبارك لم يعترض ولم يأمر بوقف اطلاق الرصاص علي الجماهير! فهل مثل هذا الرجل - وبعيدا عن الاتهامات الاخري بالسرقة والنهب والتربح، وترك المجال لنجليه وزوجته بالتوحش والايغال في السرقة والنهب أيضا - يستحق أي رحمة أو أي رحمة؟.. ومع ذلك فإنني أطالب بمحاكمة عادلة لمبارك وأسرته، فالمتهم بريء حتي تثبت ادانته، مهما كانت الدلائل والقرائن الموجهة إليه.. وأنا علي ثقة ان مصر لن تظلم مبارك ولا غيره، وسيقوم القضاء العادل بواجبه تماما، وسوف ننحني اجلالا واحتراما لحكمه مهما كانت طبيعة هذا الحكم، سواء بالادانة أو البراءة.. علما بأن مبارك وزبانيته لم يرحموا يوما بريئا، ولم يتورعوا عن قتل شباب مصر، سواء خلال الثورة أو قبلها.. وان ربك لبالمرصاد.