تلك هي معجزة السماء »ثورة الخامس والعشرين من يناير« فمن كان يتصور أن يسقط الطغاة والمذنبون في حق الشعب والوطن في غمضة عين بعد أن نسوا الله فأنساهم أنفسهم ويشاء القدر فيأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر وكانت عناية الله وقدرته تحوط بشباب الثورة، فالتف حولهم الشعب وآزرتهم القوات المسلحة الوطنية الشريفة الباسلة. إنها معجزة بكل المقاييس، علينا أن نحافظ عليها ونعطيها قدرها ونقدم لها ما يحقق النتائج التي تليق بها ولا نضيع معناها في مجرد أفعال فوضوية أو مطالب فئوية أو مواقف انتهازية. علينا أن نحدد طريقنا دون أن ننظر إلي الخلف أو نفقد توازننا وأن نعي تماما أننا أصبحنا في النور بعد طول ظلام، وأننا أصبحنا نستنشق نسيم الحرية بعد أن عشنا سنوات من القهر تلاشت فيها كل القيم وسقطت فيها كل القوانين، وأن الأيدي الطاهرة التي أسقطت النظام في استطاعتها أن تصنع مستقبلا دون أن تنبهر بلحظة النجاح فيعميها نورها أو تضيع رؤيتها. فقط علينا أن نكون متنبهين لما يحدث حولنا، فهناك المتربصون وهناك من يريدون انتكاسة الثورة ويضعون الألغام في طريقها. وأن يكون لدينا يقين بأن نجاح الثورة هو مجرد بداية لابد لها من جهد مضن وعمل دؤوب، وأن نكون قادرين علي أن نبني دولة ديمقراطية يتمتع شعبها بالحرية والعدالة الاجتماعية، وألا نضيع وقتنا لأن العالم في كل ثانية يتقدم من حولنا.. وتخاذلنا سوف يفقدنا توازننا فينهار اقتصادنا وتضيع هيبتنا ولا نستطيع أن نعوض ما فاتنا أو نلملم شتاتنا. إننا إذا أردنا بحق أن نصنع مستقبلنا ونرفع اسم بلدنا فليس أمامنا اختيار إلا أن نكون أو لا نكون، ان الاختيار الصعب هو قدرتنا علي الوصول إلي الهدف بأسرع ما يمكن، وبحيث نختصر الزمن لنصبح دولة كبري في أقصر وقت، وأن نتفوق علي أنفسنا ونثبت وجودنا وإلا ضعنا وضاع دم شهدائنا هباء وبلا ثمن. انني علي ثقة أن شعبنا قادر علي اجتياز تلك الأزمة لأنه قاسي كثيرا وعاش حياة غير كريمة، وأن مصر تأخرت كثيرا بعد أن جني عليها حفنة من البشر وسرقوها ونهبوا ثرواتها وخيراتها وباعوا أرضها وقسموا ما تبقي منها فيما بينهم وحولوه إلي منتجعات وقصور وعزب وعاشوا عيشة الملوك وتركوا أهلها يعانون من الجوع والفقر والفاقة تحت سطوة حكم بوليسي ذاق الناس منه كل ألوان الظلم والقهر والاستبداد.