رحلة بحث عن حلول لأزمات المياه والطاقة علي ضفاف النيل بالأقصر علي مدي العقود الثلاثة الماضية، لم ينقطع الحديث في مصر عن ضرورة الاستفادة من الطيور المصرية المهاجرة من العباقرة والعلماء الذين يعترف العالم كله بانجازاتهم العلمية في مختلف التخصصات والمجالات الحياتية. عباقرة وعلماء مصر المهاجرون لديهم الاصرار علي رد الجميل إلي وطنهم الأم من خلال العديد من المشروعات والافكار والمبادرات المبتكرة التي من شأنها أن تضع حلولاً جذرية لمختلف الأزمات والمشاكل التي تعاني منها مصر. ومؤخرا تنبهت الدولة المصرية لهذا الأمر، وسعت بشكل جدي إلي الاستفادة من الطيور المهاجرة، وعقد خلال العامين الماضيين مؤتمري »مصر تستطيع 1 و2» الذي استضاف العشرات من العلماء والباحثين المصريين المنتشرين في مختلف دول العالم. وعلي مدي يومي »الاحد والاثنين» القادمين، تعقد النسخة الثالثة من المؤتمر تحت شعار »مصر تستطيع بأبناء النيل» والتي تستضيفها مدينة الأقصر، ويشارك بها 23 عالماً مصرياً، يعرضون خلال جلسات المؤتمر العديد من المشروعات والمبادرات التي تقدم الحلول لأزمات مصر في قطاعي الري والزراعة.. »أخبار اليوم» ترصد في الملف التالي أهم المشروعات والافكار التي يطرحها علماء مصر خلال المؤتمر.. وإلي التفاصيل: من بنات أفكار صاحب الأطلس الشمسي د. هشام العسكري: زراعة ب »الأقمار الصناعية»! د.هشام العسكري أستاذ نظم علوم الأرض والاستشعار عن بعد بكلية شميد للعلوم والتكنولوجيا بجامعة تشابمان بالولايات المتحدةالأمريكية، وخبير مشاكل تأثيرات تلوث الهواء والتغير المناخي.. يؤكد العسكري أن الانتهاء من الاطلس الشمسي لاستخدامه في عمليات بناء وتشغيل المحطات الشمسية وتسليمه لوزارة الكهرباء كان من اهم الانجازات التي تم الاتفاق عليها في مؤتمر »مصر تستطيع 1»، مشيرًا إلي إنه خلال مشاركته في جلستين من جلسات مؤتمر »مصر تستطيع بأبناء النيل» سيقدم رؤيته حول الجدوي الاقتصادية لاستخدامات الطاقة الشمسية في الكثير من المنشآت الحيوية، وسيتم عرض التجربة التي تم تطبيقها علي مستشفي د.مجدي يعقوب حتي يتم تعميمها علي جميع منشآت الدولة، مشيرًا إلي أنه تم التواصل مع هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة للقيام ببعض الدراسات لاستخدام الطاقة الشمسية في المناطق الصناعية في المجتمعات الصناعية والعمرانية. وفي مجال الزراعة أكد العسكري أنه سيقوم بطرح فكرة »الزراعة الذكية» التي تعتمد علي فكرة استخدام الاقمار الصناعية في تحديد كفاءة التربة والتغيرات المناخية التي يمكن أن تطرأ علي الاراضي الزراعية وكمية الامطار ورطوبة التربة حتي يمكن تحديد نوعية المحاصيل التي ستتم زراعتها، بالإضافة إلي تحديد إدارة رشيدة للمياه المستخدمة في عمليات الري. وأوضح أن مصر تعتمد بنسبة تزيد علي 90% من استهلالكها من المياه علي نهر النيل .. ولكن مع مشاكل نقص المياه لابد من إيجاد بدائل أخري يمكن الاعتماد عليها.. ولذلك سيتم تقديم مقترح يساهم في توفير موارد مادية تساهم في عملية تحلية المياه التي تتطلب تكلفة مالية عالية وذلك من خلال جذب الكثير من الاستثمارات الأجنبية للعمل في مجال تغيير الغطاء الترابي الذي تتميز به منطقة الساحل الافريقي ويتسبب في الكثير من الاعاصير في عدد من دول العالم. كما أجري د. هشام العسكري أبحاثاً تركزت علي فحص ومراقبة العواصف الترابية باستخدام تقنيات مختلفة من أنظمة الاستشعار عن بعد، ودرس المشاكل الناجمة عن تلوث الهواء في المدن الكبري وفقاً للعوامل الطبيعية والصناعية، والتغير المناخي وتأثيره علي البحار والمناطق الساحلية.. لقيت أبحاثه دعماً كبيراً من مؤسسات كبري مثل وكالة ناسا الأمريكية للفضاء ووزارة الزراعة الأمريكية والاتحاد الأوروبي. د. إيمان غنيم خبيرة المياه الجوفية وتطوير الزراعة: نهر تحت رمال الصحراء الغربية د.إيمان غنيم مدير معمل الأبحاث للاستشعار عن بعد بجامعة نورث كارولينا ويلمينجتون، وخبيرة استكشاف المياه الجوفية وتطوير الزراعة، أكدت أن مصر دولة صحراوية وتعيش علي 8٪ فقط أراضي مزروعة حول نهر النيل. وتعاني من نقص في المياه. موضحة أننا نستطيع من خلال الاستشعار عن بعد الكشف عن مناطق مياه جوفية خفية لاستغلالها، ولابد من الاعتماد علي التكنولوجيا الحديثة في كل مشاريعنا، والاستشعار عن بعد لا بديل عن توظيفه لتقصير الوقت والمجهود، مشيرة إلي أنها أجرت 77 بحثا في أمريكا جميعها عن مصر والدول العربية واكتشفت وجود نهر مائي كبير يقع في المنطقة الحدودية بين مصر وليبيا تم اكتشافه بالرادار، وهو عبارة عن دلتا مغطاة بالرمال حيث يصب في بحر الرمال الأعظم، والنهر تستخدمه ليبيا، بينما لم تلتفت إليه مصر حتي الآن، علي الرغم من أنه يغطي 4 دول ويزيد علي نهر النيل ب 3 مرات. وأضافت غنيم أنها تعمل في مجال التنبؤ بالسيول واكتشاف الموارد الطبيعية والكوارث المتوقع حدوثها في البلدان من خلال »أطالس» إلكترونية يتم تجديدها سنويا، وتتم الاستعانة بها من أجل التحكم في الأمر سواء بالاستفادة من الموارد أو تجنب الكوارث. وأشارت إلي أنها تستخدم صور الأقمار الصناعية لكشف ما تحت الرمال، ومن خلالها تم اكتشاف أنهار وبحيرات قديمة وعملاقة تحمل كميات كبيرة من المياه الجوفية أسفل الصحراء الغربية، مشيرة إلي أن أجزاء من هذه الأنهار يتم استخدامها في منطقة شرق العوينات وتم التوصل إلي سبب خروج المياه من هذه المنطقة وهو أنها التقاء ل 6 شبكات نهرية عملاقة تحت الأرض. وتمتلك د. إيمان غنيم خبرة طويلة شهدت لها أكبر المنظمات الدولية في العالم مثل ناسا والجمعية الجيولوجية الأمريكية في استخدامات تكنولوجيا الاستشعار عن بعد والرادار متعدد الأطياف ونظم المعلومات الجغرافية في استكشاف مناطق المياه الجوفية وتطوير الزراعة والمخاطر الطبيعية مثل الفيضانات، والجفاف، وتآكل السواحل وارتفاع مستوي سطح البحر وإدارة الأراضي الرطبة الساحلية. يعرضها د. منصور المتبولي أفكار مبتكرة لزيادة الإنتاج السمكي إلي 5 ملايين طن سنوياً د.منصور المتبولي أستاذ ورئيس قسم طب وأمراض الأسماك بجامعة الطب البيطري في فيينا بالنمسا ومخطط الاكتفاء الذاتي الدولي يؤكد أن مصر تمتلك الكثير من الامكانيات والموارد سواء الامكانيات الطبيعية والبيئية أوالمائية التي تساهم في إنتاج ثروة سمكية هائلة تحقق الامن الغذائي، وتجعلها في مرتبة متقدمة علي مستوي العالم في الثروة السمكية.. مشيرًا إلي إنه يمكن لمصر خلال أعوام قليلة فقط زيادة إنتاجها إلي 5 ملايين طن سنوياً وبالتالي يمكنها تحقيق الاكتفاء الذاتي من الثروة السمكية إذا تم إتباع الأساليب العلمية والاستعانة بالمتخصصين في هذا المجال والتخلص من كل المعوقات التي تؤدي إلي إلحاق الضرر بالكائنات البحرية. ويشير إلي إنه من أهم النقاط التي سيعرضها خلال مشاركته في جلسة الاستثمار والشركات المحلية والدولية في مجالات المياه هي ضرورة الاعتماد علي الاستزراع السمكي التكاملي الذي يقوم علي الترابط بين نشاطين أو أكثر من الانشطة الزراعية وهو مايؤدي إلي تعظيم الاستفادة من المياه والاراضي الزراعية مع المساهمة في زيادة انتاج الاسماك الغذائية وتحقيق الامن الغذائي والاكتفاء الذاتي من الاسماك، والاستخدام الامثل للمياه خاصة في ظل وجود نقص حاد في الموارد المائية، مشيرًا إلي إنه سيعرض أيضًا فكرة امكانية تربية بعض أنواع الاسماك داخل حقول الارز للاستفادة من المياه المستخدمة في الزراعة بحيث يستخدم فضلات الأسماك كسماد للأرز. ويضيف إنه خلال المؤتمر سيقوم بعرض أحدث الابحاث والتقنيات المعروفة والمعروضة دوليًا في تطبيق الاستزراع السمكي التكاملي في مصر كإحدي آليات الاستفادة القصوي للمياه المتاحة في زيادة الانتاج السمكي والزراعي وتوفير المياه. وكانت الحكومة الأمريكية قد كلفت المتبولي بحل أكبر مشكلة مرضية لأسماك السلمون في 22 ولاية أمريكية، كما تم تكليفه من منظمة البحث الألمانية لحل أكبر مشكلة مرضية تواجه مزارع الأسماك بفيتنام فحقق لها الاكتفاء الذاتي.. تخصص في تدريس 8 مواد في جامعتي ميونيخ وفيينا تتعلق كلها بالأسماك والكائنات البحرية وما يمكن أن يصيبها من أمراض، وطرق علاجها، إضافة إلي خطط تنمية الثروة السمكية. يشرف عليه د. هاني سويلم مشروع عملاق لاستخدام الطاقة الشمسية في تحلية المياه د.هاني سويلم استاذ إدارة المياه والتنمية المستدامة ومدير وحدة اليونسكو لإدارة المياه والتغيرات المناخية والمدير الأكاديمي لقسم هندسة المياه بجامعة أخن بألمانيا أحد أهم خبراء المياه والتنمية المستدامة في العالم، يضع حلاً لمشكلة الفقر المائي في مصر يعتمد علي استغلال مثلث العلاقة بين المياه و الطاقة و الغذاء ويقوم حاليا بأحد أهم المشروعات الحيوية والذي يتعلق باستخدام الطاقة الشمسية في تحلية المياه واستخدام المياه في إنتاج الأسماك و المحاصيل الزراعية المختلفة بطرق تتناسب مع ظروف مصر والمنطقة العربية . ويؤكد د.هاني سويلم أن مواردنا المائية محدودة وتقدر ب 55٫5مليار م3 بخلاف جزء بسيط من المياه الجوفية والأمطار التي تسقط علي الساحل الشمالي وهذه الموارد ثابتة ولم تزد منذ أن كان تعداد السكان72 مليون نسمة والآن وبعد أن اصبحنا مايزيد علي 100 مليون نسمة فقد انخفض نصيب الفرد السنوي من المياه الي640 م3 وهو أقل من حد الفقر المائي وهو 1000م3 للفرد سنويا. وأشار إلي أن التعامل مع ملف المياه داخليا له شقان الأول هو الترشيد والتطوير في طرق التعامل مع المياه في جميع المجالات المنزلية، الزراعية، والصناعية والثاني وهو زيادة مواردنا المائية للزراعة والتي تمثل التحدي الأكبر في أمننا المائي وتكون زيادة الموارد عن طريق إعادة الاستخدام »الآمن» لأغراض الزراعة و كذلك تحلية المياه. ويؤكد علي ضرورة أن نفعل كما تفعل الدول العظمي عن طريق القيام بإنتقاء مجموعة بحثية في كل مجال من مجالات المياه و يتم إصدار »تكليفات» بحثية بتمويل من الدولة لحل مشاكل محددة والوصول إلي تكنولوجيا مصرية تقوم بتصنيعها مؤسسات الدولة الموثوق بها. د. عبدالحليم عمر يقترح شق قناة مائية مغطاة شرق النيل رغم عدم مشاركته في مؤتمر »مصر تستطيع بأبناء النيل» إلا إنه حرص علي وضع عدة حلول ومقترحات لحل المشاكل التي تعاني منها مصر في مجال المياه.. وهو د. عبدالحليم عمر استاذ هندسة النقل بجامعة كارلتون و رائد هندسة الطرق بكندا والذي كان أحد العلماء المشاركين في مؤتمر »مصر تستطيع -1». أوضح د. عمر أن مصر تعاني من عدد من المشكلات والتي تؤثر علي خطط الدولة لبناء مستقبل مستقر، وعلي رأسها ارتباط الاحتياجات المائية بالتنمية الاقتصادية للوطن فتعداد مصر يقترب من رقم المائة مليون وهذا رقم »مرعب» لدولة تعتمد إعتمادا إستراتيجيا علي مصدر واحد لإحتياجاتها من المياه وهو »نهر النيل» الذي يعد المورد الرئيسي. وقال: من المعروف أن الحروب القادمة سوف تكون علي »مصادر المياه» بدلا من »البترول»، وللتعامل مع هذا الملف لابد من البحث عن مصادر جديدة للمياه لتزويد مصر بجزء من إحتياجاتها من المياه العذبة. مثل بحيرة ناصر والتي يمكن شق قناة »مغطاة» بسعة محددة لتصنع نهرا شرق نهر النيل يمتد من جنوب الوادي وحتي شرق الدلتا. وأشار إلي أن مصر حتي اليوم لم تنتبه لخطورة نقص الموارد المائية وكيفية التعامل بشكل شامل مع القضية.. ولذلك فنحن في أشد الحاجة لسن قوانين تمنع الإسراف في »إستهلاك المياه» والاستعانة بتكنولوجيات تساعد علي ترشيد استخدام المياه والتقليل من »استنزاف» الموارد المائية والتي اصبحت تمثل تحدياً للحكومات المصرية، بالإضافة لتطوير تكنولوجيات حديثة تساعد علي إعادة توريد مياه للاستعمالات الخاصة عن طريق »معالجة وتنقية» المياه المستعملة وخاصة مياه الني استخدمت في الري أو الصناعة.