منذ نشأة الكيان الصهيوني كالسرطان الخطير فى قلب العالم العربى، وجرائم جيش الاحتلال تتوالي، فالمذابح للعزل وجرائم الحرب والإبادة العنصرية كلها باتت مفردات أساسية لقاموس الجيش الإسرائيلي، الأمر الذى وثقته عشرات الأعمال الروائية والشعرية العربية، وكشفت عن الوجه القبيح والحقيقي لجيش الصهيونية الذي لطخ الأرض الطيبة بالدم، ورسمت معالم وحشية بلا حد في إبادة العرب في كل مكان دخل فيه. ◄ المصريون وثّقوا الوحشية في التعامل مع الأسرى ◄ الفلسطينيون سجلوا المذابح بأشعار عن الإبادة رسم الأدب والشعر العربي صورة واضحة المعالم للجيش الإسرائيلى، فهو جيش احتلال لا يتورع عن استخدام كل وسائل الوحشية واللا إنسانية، وهى صورة يصفها عادل الأسطة فى دراسته (اليهود فى الرواية العربية: جدل الذات والآخر)، بقوله إن الإسرائيلي رُسم فى هذه النصوص باعتباره فظا بلا رحمة، يقتل الفلسطينيين أفرادًا وجماعات، إذ تسجل الأعمال الأدبية العربية كيف قُتل اليهود على يد النازيين، إبان الحرب العالمية الثانية، ثم تبنوا النموذج النازي وطبقوه على الفلسطينيين الذين لا علاقة لهم بما جرى لليهود فى أوروبا، يحضر هنا شعر الشاعر الفلسطينى الكبير محمود درويش، الذى يعبر عن هذا التحول: «ضحية قتلت ضحيتها، وصارت لى هويتها»، الأمر الذى فهمته النصوص الأدبية على مستوى الرواية والشعر مبكرا وعبرت عنه بكل وضوح. وتعد رواية (الأسرى يقيمون المتاريس) للأديب المصرى فؤاد حجازى، واحدة من أهم النصوص الأدبية التى تفضح الجيش الإسرائيلى، فالرواية التى نُشرت العام 1976، توثق تجربة حجازى الذى وقع فى أسر الجيش الإسرائيلى عقب هزيمة يونيو 1967، التى كشف فيها عن جرائم جيش الاحتلال فى حق الأسرى المصريين، عبر إهانتهم وتعذيبهم، فضلا عن قتل الكثير من المجندين بأسلوب أقرب للتسلية وبعيدا عن أى حقوق دولية للأسير، لكنه كشف أيضًا عن روح المقاومة فى الأسر وكيف قاوم الأسرى العدو الغاشم رغم محاولات تجويعهم ومنع مياه الشرب عنهم، وعبرت الرواية عن روح المقاومة التى استمرت حية رغم الهزيمة وقادت بعد ذلك لنصر أكتوبر 1973 المجيد، وهى نفس الروح التى نراها فى رواية (خطوات على الأرض المحبوسة) لمحمد حسين يونس، التى وصف فيها بالتفصيل ظروف الأسر القاسية والمعاملة السيئة التى تلقاها الأسرى المصريون فى معسكر عتليت. بدوره، وثق الشعر المصرى جرائم جيش الاحتلال الإسرائيلى، وهو ما نجده بوضوح فى التعاطى مع مجزرة مدرسة بحر البقر أبريل 1970، حيث استشهد 30 طفلًا وأصيب 50 آخرون، فى هجوم وحشى يتنافى تمامًا مع كل الأعراف والقوانين الإنسانية الدولية، الأمر الذى وثّقه الشاعر المصري صلاح جاهين، فى قصيدة (الدرس انتهى لموا الكراريس)، التى لحنها سيد مكاوى وغنتها شادية. ◄ اقرأ أيضًا | رواية «شرفة الرمال».. إرادة الحياة تتحدى الألم الروايات الفلسطينية واللبنانية التي ترصد جرائم الجيش الإسرائيلى كجيش متورط فى جرائم حرب وتنفيذ مذابح ضد الفلسطينيين العزل، كثيرة، ربما تكون فى مقدمتها رواية (باب الشمس) للروائى اللبناني إلياس خوري، التى تعد واحدة من أهم الأعمال الروائية المكتوبة بالعربية على الإطلاق، فقد ذكر خورى العديد من جرائم الإسرائيليين بداية من عصابات الصهيونية فى العام 1948، وهى أول محاولة لرسم معالم شخصية أفراد الجيش الإسرائيلي الوحشية، وهى صورة ثبتتها العديد من الروايات العربية، التى تحدثت بوضوح وصراحة عن جرائم الإسرائيليين ومدى وحشيتهم فى تنفيذ مذابح لا نهائية، وهو ما نراه في رواية (الطنطورية) للروائية المصرية رضوى عاشور. ونجد تلك الروح فى أعمال عدة أخرى، تظل أحدثها رواية (تفصيل ثانوى) للروائية الفلسطينية عدنية شلبي، التي صدرت عام 2017، التى تركز صراحة على تأصيل جرائم جنود الجيش الإسرائيلى بشكل واضح وصادم، وكيف عملت آلة الدعاية الإسرائيلية المدعومة غربيا على التغطية على هذه الجرائم التي لا تسقط بالتقادم، فالرواية تنطلق من حدث تاريخي يتعلق باغتصاب شابة بدوية فلسطينية ثم قتلها على يد جنود إسرائيليين فى صحراء النقب عام 1949، الجريمة القذرة التى مرت دون عقاب، حتى تمر عقود حتى عصرنا الحالى وتقع قصاصة صحفية فى يد فتاة من رام الله، تبدأ عملية البحث وتوثيق عملية الاغتصاب والقتل البشعة. والشعر الفلسطيني قام بدور هائل في توثيق جرائم الجيش الإسرائيلي، خصوصًا مع ما يتميز به الشعر من حيوية وارتباط بالحدث اليومى، كونه تجربة انفعالية بالأساس، لذا وثق الشعر الفلسطيني والعربى مذابح الجيش الإسرائيلي ورسم صورة المجند الإسرائيلي كشخص يقتل بلا ضوابط ولا رادع ولا احترام للقوانين الدولية والإنسانية، وهو ما نجده مثلا عند الشاعر الفلسطيني عبد الوهاب زاهدة، الذى رصد فى قصيدته (لوحة تشكيلية من جنين)، جريمة جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي ارتكب مجزرة جنين أبريل 2002، التى راح ضحيتها 500 شخص من الفلسطينيين العزل فى جريمة تؤكد وحشية العدو، وهو ما عبر عنه زاهدة فى قصيدته بقوله: «أنا من جنين. اسمى أمين. فى البارحة. عبرت وحوش كالحة. ذات الشمال مع اليمين قتلت أبى فى لحظة. وسحقت زهور الياسمين. لم تبق سقفًا قائمًا. لم تبق زيتونًا وتين، فى كل زاوية دم. حتى الأنين له أنين. فحبوت أسعى جاهدًا، ما بين أشلاء وطين. كى ألقى أمى ربما. غابت تُعد لنا العجين، إنى افتقدت حليبها، وحنوها فى كل حين، وظللتُ أحبو حائرًا، حتى وصلتُ المقبرة. فإذا بأمى جثة. فوق التراب مبعثرة. الرأس كان مهشمًا. والصدر منها لم أره. حاولتُ أجمعها معًا. بعظامها المتكسرة. أقبلتُ أرضع ثديها. فأتت على مجنزرة. خلطت بعظمى عظمها. صرخت بأعلى صوتها. هى مجزرة هى مجزرة».