المشاركة وإبداء الرأي، وتسجيل المواقف من أبجديات العمل السياسي.. ويتمثل دور الأحزاب السياسية في حث المواطنين علي المشاركة وإبداء آرائهم سواء كانت بالتأييد أو بالرفض، وتشجيعهم علي أن يكونوا جزءا من أي عملية سياسية تحدث في الشارع.. وفي الانتخابات أيا كانت سواء رئاسية أو نيابية أو محليات تنشط العملية السياسية ويكون المواطن محورها الرئيسي، ومن ثم فهي تعد فرصة يجب استثمارها من جانب الأحزاب للإعلان عن نفسها وتوجهاتها وبرامجها ورؤيتها من خلال التحرك في المحافظات وعقد اللقاءات والندوات والعمل علي زيادة عضويتها من خلال إقناع المواطنين برؤيتها وبرامجها.. لكن أن تدعو الأحزاب المواطنين لمقاطعة الانتخابات فهي بذلك تعد الخاسر الأكبر لأنها من زرعت في المواطنين ثقافة المقاطعة والابتعاد عن أي عمل سياسي.. فتلك الأحزاب في أمس الحاجة لصوت مواطن واحد في أي انتخابات تخوضها مستقبلا.. فكيف لمواطن أن يثق في حزب طلب منه أن يقاطع انتخابات؟! قال د. كريم السيد أستاذ العلوم السياسية وخبير الشئون البرلمانية إن الانتخابات علي اختلاف أنواعها تعد فرصة للأحزاب لكي تقيس تواجدها في الشارع، وبناء علي ذلك تعيد تقييم موقفها وتواجدها وتطور من نفسها، مضيفا أن أي حزب سياسي يدعو لمقاطعة الانتخابات يعتبر غير مؤسسي ويسبب الضرر لنفسه بخسارة الجماهير في الشارع، وتعد هذه الفكرة ضد تنمية الحزب وتطويره، وأضاف أن هناك مشكلة في تواجد الأحزاب السياسية خاصة بعد عام 2011.. فالأحزاب السياسية كان لديها أكثر من فرصة لتدعيم تواجدها ولكنها لم تستفد منها ابتداء من انتخابات البرلمان والتي منحتهم 75% من مقاعد البرلمان، ومع ذلك لم تتطور، كما كان لها دور في ثورة 30 يونيو واختفت من بعدها وأصبحت مرتبطة بمناسبات لتروج لنفسها فقط دون المشاركة الفعالة في الحياة السياسية، مؤكدا أن معظم الأحزاب لم تحسن استغلال الفرصة المتاحة لها سياسيا.. حتي المتواجدة في البرلمان لم تستطع ترسيخ تواجدها في الشارع بشكل أفضل، ولم تصنع نوابا نجوما تعبر عن الحزب وتوجهاته، والأحزاب السياسية ما زالت تعاني من مشاكل التمويل وهو سبب لسيطرة رجال الأعمال علي عدد منها. وأكد د. محمد حسين أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة أن الحزب الذي يدعو لمقاطعة الانتخابات يعزل نفسه عن الحياة السياسية، موضحا أن الأحزاب السياسية يتمثل دورها الأساسي في المشاركة ودعوة المواطنين للمشاركة وفي حالة تقمص دور آخر ودعوة المواطنين للمقاطعة ومنع أعضاء الحزب من المشاركة ومحاسبة أعضائه يعتبر ذلك خروجا للحزب عن مهمته السياسية، مشيرا إلي أنه مهما كان الاختلاف مع النظام يجب علي الأحزاب دعم العملية السياسية والمشاركة في الانتخابات وإبداء الرأي إيا ما كان، وأضاف أن الدعوة للمقاطعة يعد عملا سلبيا وبهذا يلعب الحزب دورا غير سياسي. وعن رأي الأحزاب التي سبق ودعت للمقاطعة يوضح محمد سامي رئيس حزب الكرامة أن المقاطعة تؤثر بشكل سلبي علي الأحزاب والتي من المفترض أنها مفرخة لكوادر سياسية جديدة، ويجب عليها التفاعل مع الأحداث السياسية بهدف زيادة فرصها عند المشاركة في انتخابات المحليات والنواب أو الرئاسة، مضيفا انه من المفترض علي الأحزاب أن تسهم في تفعيل الحياة السياسية، وبالتالي فإن دورها الأساسي المشاركة، وقال إن الأحزاب قد تلجأ الي المقاطعة عندما تصبح غير مقتنعة بالعملية الانتخابية نفسها، مؤكدا أنه من أنصار المشاركة والدعوة لإبطال الصوت ولا يؤيد دعوات العزوف عن المشاركة في الانتخابات. وأوضح عبد الغفار شكر نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الانسان أن الأحزاب كيانات سياسية مهمة ويجب أن تمارس نشاطها بصفة مستمرة، والخطر عليها أن تظهر في المجتمع أوضاع تمنعها من الحركة، موضحا أنه ليس مع الدعوة للمقاطعة فعندما تقاطع في انتخابات ما سوف يستمر الحال كما هو عليه في بقية الانتخابات التي تعقبها، وأنه يري أنه من الأفضل المشاركة وإبطال الصوت، مشيرا إلي أنه من المفترض أن الأحزاب هي التي تهيئ المواطن ليتخذ المواقف السياسية السليمة وتمنحه خبرة الحوار، وأكد ان الأزمة ليست في قرار الأحزاب بالمقاطعة وإنما في المناخ الحزبي والالتقاء بالجماهير وطرح توجهاتها في وسائل الاعلام، وعدم تملكهم الأموال التي تتيح لهم التحرك في المجتمع.