حالة من الرعب والفزع إنتابت الشارع المصري الأيام الماضية، خاصة الفتيات والنساء ممن لا يرتدون الحجاب واللاتي يشعرن بأن هناك من يتربص بهن.. لا يعلمن من أين سيأتيهن الخطر.. شائعات انطلقت بأن بعض أعضاء التيارات الإسلامية سيلقون بماء النار علي وجه أي فتاة تجرأت ونزلت الشارع دون حجاب. الخوف من هذه التيارات تخطي الأمور الشكلية، إلي ضرب صميم الديمقراطية، بسبب التطرف في المواقف والآراء بالتكفير واستخدام العنف لمواجهة المنكر - من وجهة نظرهم - بالقوة. ورفض الدولة المدنية وتطبيق الشريعة الإسلامية علي جميع أبناء الوطن. لغة غريبة سادت الخطاب الديني في جميع وسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية لا تعود بمصر إلي ما قبل 25 يناير 2011، وإنما إلي قبل ما يزيد علي1400 عام من ظهور الإسلام. هل هذه هي الحقيقة، أم هناك مغالطات أو حملات مقصودة لتشويه التيارات الدينية التي ظهرت بقوة علي السطح كإحدي ثمار ثورة الشعب التي قادها الشباب. والكارثة أن تكون محاولات التشويه هذه، حتي وإن كانت تستند إلي أقوال أو تصرفات بعض أعضاء الجماعات الإسلامية، هدفها زعزعة الثقة في مكاسب الثورة. الظاهرة لم تغب عن ذهن إئتلاف الوعي العربي، أحد إئتلافات شباب الثورة. وفي هدوء - وبعيدا عن الأضواء - تبني أعضاء الائتلاف مبادرة الحوار مع جميع التيارات الدينية لبناء توافق مشترك، يهدف لوضع أسس ومبادئ بناء مصر الجديدة. فمصر اليوم انطلقت نحو عصر جديد. لا يستطيع أحد إقصاء الآخر. الجميع مصريون وطنيون مخلصون أبناء وطن واحد. مهما اختلفت التوجهات السياسية أو العقائد الدينية.. الجميع متساوون فيما لهم من حقوق وما عليهم من واجبات، والقانون هو المظلة الوحيدة، والشرعية لصندوق الانتخابات، نرضي بنتائجه مهما كانت إرادة الشعب في اختيار الحاكم أو عضو البرلمان. بدأ شباب الثورة جلسات الحوار مع أعضاء الجماعة الإسلامية. وعندما وصلت اجتماعاتهم إلي المستوي المطلوب من التفاهم والأرضية المشتركة من الاتفاق، حول الموضوعات المهمة والحساسة، والتي كانت بمثابة فزاعة من الجماعة، أو بعبع يرعب الجميع من التيارات الإسلامية، كان ل »أخبار اليوم« شرف رعاية انطلاق مبادرة حوار شباب الثورة مع الجماعة، بعد أن اختارها الشباب منبرا قوميا ووطنيا ودارا للحوار الحر بقلب مفتوح. وسوف يوالي شباب الثورة - بعد نجاح جولة الحوار مع الجماعة الإسلامية - الحوارات مع جميع التيارات الأخري، السلفيين، الإخوان المسلمين، الجهاد وغيرها. علي مائدة »أخبار اليوم« للحوار بين رموز الجماعة الإسلامية وشباب الثورة في أول لقاء عام، وبمشاركة المستشار زكريا عبدالعزيز الأب الروحي لائتلاف شباب الثورة والذي أدار الحوار، كانت المناقشات قوية، واضحة، صريحة، أسعدتني نتائج الحوار، كما ستسعد كل مصري وتطمئنه علي موقف الجماعة الإسلامية من جميع القضايا التي تشغل الرأي العام، وخاصة تأكيدهم مجددا عما التزموا به من مراجعات لمواقفهم خلال وجودهم في السجون، لا عودة إلي حمل السلاح في وجه أي مصري أو ضيوف بلدهم من السائحين، ولا يحق لأحد تغيير المنكر بالقوة، وأن المحاسبة مهمة القضاء والتغيير بسن القوانين من خلال القنوات الشرعية، وأنه لا اعتراض علي حاكم جاء به الشعب في انتخابات حرة، رجلا أو أمرأة. وأنهم يريدون مصر دولة مدنية وأن النبي محمدا صلي الله عليه وسلم أول من أسس الدولة المدنية، ولم يعرف الإسلام دولة دينية قط. مفاجآت الحوار بين الشباب ورموز الجماعة الإسلامية كثيرة و»أخبار اليوم« تنشرها كاملة علي صفحاتها بين يديك.