مزهواً بحماقته وقف الرئيس الأمريكي »ترامب» يقول إن قرار الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني وبدء اجراءات نقل السفارة الامريكية إليها قد تأخر كثيراً، وانه يتخذه لانه يمتلك الشجاعة التي لم يمتلكها أسلافه من الرؤساء الأمريكيين!! ولا أعرف عن أي شجاعة يتحدث الرئيس ترامب مع قرار لا يجسد إلا الحماقة السياسية والجهل بالتاريخ والعبث بمصالح الشعوب وفي مقدمتهم شعب أمريكا نفسه؟! قرار الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل كان من البداية لعبة انتخابية تحكمها الاعتبارات الأمريكية المحلية، وهكذا أصدر الكونجرس قرار الاعتراف قبل 22 عاما ومعه قرار تعطيل التنفيذ بإعطاء الرئيس الامريكي حق تأجيل نقل السفارة إلي القدس بقرار يصدر كل ستة أشهر، لأن الكل كان يستوعب حجم الخطر علي المصالح الأمريكية في المنطقة من هذا القرار. لم يكن الرؤساء الامريكيون طوال هذه السنوات تنقصهم الشجاعة كما يزعم ترامب، بل كانوا يملكون »بمستويات مختلفة» الخبرة السياسية والوعي الكافي الذي يجنبهم مثل هذه الحماقات التي يرتكبها السيد ترامب، والتي تدفع أمريكا ثمنها من مكانتها ومن مصالحها يوما بعد يوم. أي عمدة لقرية صغيرة في أي مكان في العالم يعرف مكانة القدس عند مليارات المسلمين والمسيحيين في العالم كله، ويدرك أن ما فعله السيد »ترامب» لا يمت للشجاعة بأي صلة، ولا يمثل إلا انتهاكا للقانون والشرعية الدولية، ولا يجسد إلا خطوة قد ينجو بها ترامب من بعض مشاكله الداخلية، لكنها تفتح أبواب الجحيم في منطقة لم تعد تحتمل المزيد من الصراعات، وتشعل نيران حرب دينية لا سابق للدمار الذي ينتج عنها إذا لم يتم تطويقها منذ البداية، وإذا لم يعد العقل للسياسة الامريكية قبل أن يقودها ترامب إلي الكارثة!! فعن أي شجاعة يتحدث السيد »ترامب»؟! هل هي شجاعة إعطاء جماعات الإرهاب التي تستغل الدين السمح أسوأ استخدام قبلة الحياة بتأجيج الصراع حول القدس بدلا من جعلها رمزا للتسامح الديني والاخاء الإنساني كما كانت علي مدي القرون في ظل عروبة لا تعرف التعصب ولا الكراهية؟ هل هي شجاعة مكافأة الاحتلال الصهيوني للمدينة المقدسة وطرد أهلها ومصادرة أرضها وجعلها نموذجا للاستيطان العنصري الذي استأصله العالم إلا من هذه المدينة المقدسة التي تركت نهبا لقطعان المستوطنين الصهاينة، والتي يجيء »ترامب» اليوم ليقول انهم يمثلون الشرعية، وأن العالم كله هو المخطئ حين يرفض هذه النازية الجديدة، ويقف في وجه كل من يساندها؟! أم ان الشجاعة عند السيد »ترامب» هي في هذا الجهل الفاضح ان مصلحة امريكا تتحقق إذا تحققت مصالح السيد »ترامب» نفسه؟! وأنها ستكون في افضل حال إذا نجا من ملاحقات القضاء ومن مخاطر العزل!! ولا بأس في سبيل ذلك من أن تذهب القدس للصهاينة، أو يسير وراء وهم تصفية قضية فلسطين!! أو ان يغرق المنطقة في صراع لا يعرف عواقبه، ولكنه فقط يتصور أنه سيشغل الامريكيين حتي لا يتم عزله، وسيضمن له تأييد اللوبي الصهيوني إلي آخر مدي! • أغلب الظن ان السيد شجاع »أو الرئيس ترامب» مازال يعيش في دور المقاول والسمسار، وأنه مازال يعتقد ان كل شيء قابل للبيع والشراء. حتي القدس نفسها!! وأغلب الظن ان السيد شجاع »أو الرئيس ترامب» يتصرف في قضية »القدس» بنفس المنطق الذي يمليه عليه مستشاروه منذ انطلق في حملته الانتخابية. بأن يكون صوتا لمن يريدون أمريكا للعنصر الابيض فقط، ومن يرون العالم قسمة بين أمريكا عنصرية، وبين »الآخرين» ولهذا تتصاعد كراهيته للعرب والمسلمين. ولهذا يجد الطريق سالكا لكي يتبني كل ما يريده الصهاينة. بل إن الأمر يصل الي حد أن تطلب منه غالبية يهود أمريكا ان يتراجع عن قراره بشأن القدس خوفا من عواقبه، فيصر علي قراره ويتمسك بحماقته!! من حق السيد شجاع »أو الرئيس ترامب» أن يتمسك بقراراته، وأن يزهو بشجاعته في الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني، ونقل سفارته اليها، لا أحد يستطيع منع الحماقة، من أن تقول كلمتها مادامت تمتلك القوة، لكن عليها أن تستعد لتحمل عواقب قرارها!! ومن حق السيد شجاع »أو الرئيس ترامب» ان يصدر ما يشاء من قرارات وأن يرتكب ما يريد من حماقات.. ومن حقنا ان ننتظر ردا عربيا رسميا فاعلا يتجاوز الشجب والتنديد، وإلا فإن رد الشارع العربي سيكون أقوي من كل توقع!!