كان عم حسن رجلا بسيطا مكافحا عاش حياته كلها يسعي بكل ما أوتي من قوة علي رزقه ليربي أبناءه الصغار من الحلال والذين أصبحوا رجالا الآن، جميعهم أكمل مراحل تعليمه المختلفة .. كان عم حس يعمل ماسحا للأحذية ومصلحا لها في قرية بسيطة من قري الريف المصري يجلس في مكانه المحدد قبالة المسجد من بداية النهار حتي آخره لا يذهب لبيته وقت الغداء إلي أن يأتي أحد أبنائه بعد عودته من الجامعة التي يتعلم فيها ليحمل عن أبيه محمل أدوات عمله الثقيل علي دراجته حتي لا يحمله أبوه علي ظهره إلي البيت وأحيانا كان يجلس هذا الشاب جانب والده وهو الذي يدرس في الجامعة ليساعد والده العجوز في إصلاح الاحذية ومسحها دونما خجل بل وبكل فخر وهوالذي يجلس بجوار والده في الشارع يراه الجميع ومنهم زملاؤه بالجامعة.. ظل هذا الشاب علي هذه الحال قبل ان يذهب لجامعته يحمل عن أبيه محمله علي الدراجة ويذهب به إلي مكان العمل وحينما يعود آخر النهار يقوم بنفس الرحلة ويذهب ليساعد أباه ثم يحمل عنه محمله إلي البيت مرة أخري إلي أن مات والده جالسا أمام محمله يقوم بعمله ويؤدي رسالته بكل فخر وأمانة وإباء.. مات الرجل وترك أولادا جميعهم حصلوا علي أعلي درجات التعليم ومنهم من حصل علي تعليم يصرف غيره الآلاف المؤلفة علي ابنائهم ليحصلوا عليه ولا يستطيعون.. والأهم من كل ذلك رحل عم حسن ماسح الأحذية وترك رجالا تعلموا العلم بتفوق وحصلوا علي أعلي وسام في تربية النفس .كان أبوهم وسيظل ببساطته وعفة نفسه وكفاحه وسام فخر علي صدورهم وذهب لربه ليقدم له عمله الصالح الذي قدمه في ابنائه قبل الموت.. رحم الله عم حسن المواطن المصري الأصيل الذي فقدناه اليوم.