عشت الأيام الماضية ظروفا صعبة وقاسية مع أحد الأصدقاء المقربين إلي عقلي وقلبي حيث تعرض لمحنة أسرية زلزلت كيانه وأفقدته سعادته وحبه للحياة وحولته إلي إنسان مهموم ليل نهار خاصة بعد أن انفض الناس من حوله أو اكتفوا بالفرجة عليه مع الدعاء له بفك كربه بينما ظل هو وحيدا يتطلع إلي رحمة الله في السماء ويقول دائما يارب إلي أن لعبت الصدفة دورها في تدبير لقاء عابر جمع بيننا بعد غياب طويل داخل أحد أكبر المستشفيات العلاجية الاستثمارية بالقاهرة ولاحظت أن علامات الارهاق تكسو وجهه الهادئ الذي كان يبدو لي دائما مبتسما.. واستمعت إليه وعلمت بتفاصيل محنته الانسانية وطلبت منه ان يظل قويا متماسكا لا يفقد إيمانه بالله فإن مع العسر يسرا طالما قال يارب.. وقررت أن أتوحد مع صديقي وكأنه توأم روحي فنحن منذ نعومة أظافرنا نعيش معا علي الحلوة والمرة.. وبدأت مع صديقي الخطوة الأولي في رحلة الألف ميل لمواجهة أزماته وأوجاعه الأسرية. وكان الله سبحانه وتعالي رحيما بعباده وبدأت الأزمات والمشاكل تنفرج تدريجيا ووجدنا من يقوم بتذليل الصعاب في الأمور المالية التي تحتاجها الأسرة بينما جاء من يطمئن قلوبنا بوجود الأمل في علاج الشقيق الميؤس في شفائه والخروج به من غيبوبته الطويلة.. بينما جاءت إلينا بشري أخري تؤكد لصديقي المكلوم بأن هناك أملا في علاج حفيده الذي لم يتجاوز عمره 3 شهور في القاهرة دون الحاجة إلي السفر لخارج البلاد أو انتظاره لأحد كبار الجراحين الفرنسيين لإنقاذ حياته عندما يأتي في زيارة لمصر هكذا تبدلت الأحوال من ظلام دامس إلي شعاع شمس يضئ الحياة ويزرع فيها الأمل من جديد إنها رسالة من الله لكل إنسان في محنة أنه دائما قريب يجيب دعوة الداعي ويستجيب له بشرط ان تتوافر له النوايا الطيبة وان يخلص في اداء واجبه في عمله وان يكون صافي النفس نظيف القلب عفيف اللسان يعلم ان من أحبه الله حبب خلقه فيه وشفاه وعافاه من كل مكروه.. تلك سطور أكتبها عن تجربة شخصية عشتها ووضعني قدري بداخلها طوال الأيام الماضية ووجدتني مطالبا بنقلها بصدق وأمانة لأهلي وناسي وأصدقائي ولكل إنسان تواجهه أزمات أو مشاكل يترتب عليها اتخاذه لقرارات مؤلمة ويصور له الشيطان انه لا حل ولا أمل في تجاوزها ويفقده إيمانه بالله وفي قدرته علي التغلب عليها وتحويل انكساره إلي انتصار. نحن أحوج ما نكون إلي الصدق مع النفس والتحلي بالصبر والإيمان خاصة شبابنا الذي يزعجني أن أجده في بعض المواقف ساخطا ومتألما أو شاكيا وباكيا من قسوة الحياة وضيق الرزق وجحود البعض وغلظته في لغة وآداب الحوار فيصابون بالخوف والتوتر وتتولد لديهم الكراهية تجاه كل شيء طيب في بلادهم.. وياليتنا نتعلم جميعا إن بعد العسر يسرا مهما طال هذا العسر .. لقد عشت عبر سنوات عمري محن كثيرة زادت من قوتي وصلابتي وجعلتني أردد دائما أن الضربة القوية التي لاتسقطني أرضا ولاتقضي علي حياتي تجعلني أكثر تحملا وصبرا وتدفعني للنهوض مرة أخري لخوض معارك الدنيا بحلوها ومرها مؤمنا بأن القادم سوف يكون بمشيئة الله أفضل من كافة الوجوه واضعا أمام عيني قوله تعالي في كتابه الكريم: »رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ ».