ختام مؤتمر "تفعيل القيادات الطلابية" للاتحادات الرياضية للجامعات بالإسماعيلية    أسعار اللحوم اليوم الجمعة 22 أغسطس 2025 في أسواق الأقصر    3900 جنيه لهذا العيار، سعر جرام الذهب صباح اليوم الجمعة    8 قرارات جمهورية مهمة وتكليفات قوية من السيسي للحكومة لتخفيف الأعباء عن المواطنين    وقَّعوا على عريضة لإنهاء حرب غزة، إقالة 15 ضابطًا بسلاح الجو الإسرائيلي    رئيس الاتحاد الأفريقي: قمة «تيكاد 10» ستكون في القارة السمراء    كاتس: وافقنا على خطط الجيش للقضاء على حماس وإجلاء السكان من غزة    إنذار تحسبًا ل تسونامي بعد الزلزال المدمر في «ممر دريك»    محمد الشناوي يشارك في مران الأهلي    مدرب أهلي جدة: قادرون على تحقيق الفوز على النصر    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 22-8-2025 والقنوات الناقلة    ناشئو وناشئات الطائرة يتوجهون إلى تونس بحثًا عن التتويج الأفريقي    أبرزها السكة الحديد والترسانة، انطلاق دوري المحترفين اليوم ب 3 مباريات    القاهرة تُسجل 40 مئوية.. تحذير من حالة الطقس غدا: عودة ارتفاع درجات الحرارة    تحرير 1497 مخالفة ملصق إلكتروني وعدم ارتداء خوذة خلال 24 ساعة    البكالوريا أم الثانوية العامة.. تفاصيل الاختلافات الكاملة فى المواد والمجموع    تجهيزات خاصة لحفل ويجز في مهرجان العلمين الليلة    الجارديان تحتفي باكتشاف مدينة غارقة عمرها 2000 عام بالإسكندرية    الإسكندرية السينمائي يحتفل بمئوية سعد الدين وهبة ويكرم نخبة من أدباء وشعراء مدينة الثغر    للرزق وتيسير الأمور.. دعاء يوم الجمعة مستجاب (ردده الآن)    الحبس عامين ل تارك صلاة الجمعة بدون عذر في ماليزيا.. وأحمد كريمة يوضح الحكم الشرعي    الرعاية الصحية: إنشاء أول مركز متكامل لعلاج الأورام بمجمع الإسماعيلية الطبي    حلوى لذيذة واقتصادية، طريقة عمل الكيكة    المرور اليوم.. سيولة مرورية في معظم شوارع القاهرة والجيزة    وزير الزراعة: الصادرات الزراعية تحقق 6.8 مليون طن حتى الآن    غدًا.. إعلان نتيجة التقديم لرياض أطفال والصف الأول الابتدائي بالأزهر| الرابط هنا    أونروا: نحو 90% من غزة أصبحت مناطق عسكرية إسرائيلية    وزير الثقافة يستقبل وفدًا من الموهوبين ببرنامج "اكتشاف الأبطال" بقرى "حياة كريمة"    13 شهيدًا في غزة اليوم وقصف متواصل على نازحين ومرافق مدنية    بوتين يطالب كييف بالتخلي عن دونباس وزيلينسكي يرفض التنازل عن أي جزء من الأراضي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 22-8-2025 في محافظة قنا    إيران: عراقجي سيجري محادثات هاتفية مع نظرائه من الترويكا الأوروبية لبحث الملف النووي    محافظ الجيزة: خطة عاجلة لتحديث مرافق المنطقة الصناعية بأبو رواش وتطوير بنيتها التحتية    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الجمعة 22 أغسطس 2025    «زي النهارده«في 22 أغسطس 1945.. وفاة الشيخ مصطفى المراغي    «زي النهارده» في 22 أغسطس 1948.. استشهاد البطل أحمد عبدالعزيز    معجزة جديدة ل أطباء مصر.. طفلة جزائرية تقف على قدميها مجددًا بعد علاج 5 أشهر (فيديو)    90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الجمعة 22 أغسطس 2025    كيف يتصدى مركز الطوارئ بالوكالة الذرية لأخطر التهديدات النووية والإشعاعية؟    لو بطلت قهوة.. 4 تغييرات تحدث لجسمك    مقتل شاب في الأقصر إثر مشاجرة بسبب المخدرات    الإيجار القديم.. محمود فوزي: تسوية أوضاع الفئات الأولى بالرعاية قبل تحرير العلاقة الإيجارية    ياسر ريان: المصري منافس الأهلي على الدوري ثم الزمالك وبيراميدز    حرق الكنائس.. جريمة طائفية ودعوة للتدخل الأجنبي    هل يمكن تحديد ساعة استجابة دعاء يوم الجمعة ؟ دار الإفتاء توضح    صفات برج الأسد الخفية .. يجمع بين القوه والدراما    بعد أزمة قبلة راغب علامة.. عاصي الحلاني يدخل على الخط (فيديو)    انخفاض جديد في عيار 21 بالمصنعية.. أسعار الذهب والسبائك اليوم الجمعة بالصاغة محليا وعالميا    بيان «المحامين» يكشف الحقيقة في اجتماعات المحامين العرب بتونس    ملف يلا كورة.. ثنائية ألفينا وبانزا.. مناشدة الزمالك.. وخطة تجهيز إمام    محمد رمضان ينشر فيديو استقباله في بيروت: "زي ما فرحتوني هدلعكم"    تنفيذ حكم الإعدام في مغتصب سيدة الإسماعيلية داخل المقابر    تنفيذ حكم الإعدام بحق قاتل زوجين في «مجزرة سرابيوم» بالإسماعيلية    لاعب الأهلي الأسبق: ديانج لا غنى عنه.. وبن رمضان الصفقة الأفضل    «هتسد شهيتك وتحرق دهونك».. 4 مشروبات طبيعية تساعد على التخسيس    أزمة وتعدى.. صابر الرباعى يوجه رسالة لأنغام عبر تليفزيون اليوم السابع    مصرع شابين غرقا بنهر النيل فى دار السلام بسوهاج    خالد الجندي: الدفاع عن الوطن وحماية مصالحه من تعاليم الإسلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصة إغراق المدمَّرة إيلات
في أروقة السياسة
نشر في أخبار اليوم يوم 20 - 10 - 2017

ستظل قصة إغراق المدمرة الإسرائيلية إيلات، يوم 21 اكتوبر 1967، من أعظم القصص التي غيرت مجري التاريخ البحري العسكري الحديث في العالم كله... فتاريخ البحرية العسكرية يؤرخ، منذ ذلك اليوم، بما قبل إغراق المدمرة إيلات، وما بعد إغراق أكبر قطعة بحرية في الأسطول الإسرائيلي أمام سواحل مدينة بورسعيد الباسلة.
لقد كان لهذه العملية الفضل في تغيير تصميم وبناء القطع البحرية المتعارف عليه تاريخياً... وتغيير منهج تسليحها... فضلاً عما أسست له من تغيير في أساليب القتال البحري.
وفي تقييم الرادارات البحرية، التي أصبحت تركز علي ضرورة اكتشاف الأهداف البحرية، صغيرة الحجم، عن بعد، حتي لا تفاجأ، قطع الأسطول، بمثل هذه الزوارق الصاروخية، وهي تطلق صواريخها، من مسافات بعيدة، وتصيبها بدقة متناهية... وهو ما دفع إلي بدء تطوير أجهزة الحرب الإلكترونية، في القطع البحرية، المنوط بها اكتشاف هذه الأهداف المعادية... مهما صغر حجمها... أو بعُدت مسافاتها. بالإضافة إلي تطوير أسلوب التشويش علي عمليات إطلاق الصواريخ »سطح-سطح»‬ وعلي إمكانية تدمير، هذه الصواريخ المعادية، قبل وصولها إلي سطح القطعة البحرية الكبيرة. ظهر، كذلك، فكر جديد لاستخدام الطائرات الهيلوكوبتر في القصف المبكر لهذه الأهداف الصغيرة المعادية، وفي التعامل مع الصواريخ »‬سطح-سطح»مبكراً، قبل إصابتها للهدف. طرأت كل هذه التغييرات علي تكتيكات القتال البحري بعد نجاح قوات البحرية المصرية في إغراق المدمرة الإسرائيلية إيلات...
ولنتعرف أكثر علي قصة إغراق تلك المدمرة العملاقة، التي ترقد منذ 50 عاماً في أعماق البحر المتوسط، قبالة الشواطئ المصرية، عند مدينة بورسعيد... دعونا نتصفح كتاب »‬الرحلة الأخيرة للمدمرة إيلات»، الذي كتبه المقدم الإسرائيلي إسحاق شوشان، قائد المدمرة إيلات، وشاهد العيان علي العملية المصرية لإغراقها، يوم 21 أكتوبر عام 1967... يقول المقدم شوشان عندما اقتربت المدمرة من شاطئ بورسعيد... صعدت إلي السطح لكي أتطلع إلي المدينة... كانت الشمس تغرب في الأفق خلف مدينة بورسعيد... وبدأت الأضواء تضئ مباني المدينة... ورياح شهر أكتوبر الجميلة تهل علينا... وفجأة سمعت صراخ ضابط الرادر بأن صاروخاً يقترب من المدمرة... أطلق علينا من اتجاه مدينة بورسعيد... وأدركت لحظتها أن الأمر مهيب... وهو ما دفع ضابط الرادار إلي عدم الالتزام بالإجراءات المعمول بها من حيث إبلاغي بواسطة جهاز الإنذار. ورفعت المنظار... ورأيت الصاروخ يقترب من المدمرة... مخلفاً وراءه ذيلاً أسود... ليصيب المدمرة في ثوان قليلة»‬ ويضيف شوشان »لقد أصبت في هذه العملية... وشعرت وكأنها النهاية... وعلمت أن الصاروخ قد أصاب منطقة المراجل في جانب المدمرة... فانقطعت عنها الكهرباء... ومالت المدمرة وبدأت المياه تتسرب إليها من الجانب. ومنذ اللحظة الأولي وأن علي يقين بضرورة مغادرة المدمرة... إذ فقدت قدرتها ولم يتبق لنا ما نستطيع فعله لإنقاذها... فإذا بي أتلقي خبر إصابتها بالصاروخ الثاني من الجانب الآخر... ليصيب باقي أجزاء المدمرة... ورأيت المدخنة تتهاوي ومعها منصة إطلاق صواريخ الطوربيد... وبدأت المدمرة في الغرق... فحدثت نفسي بأنه إذا كنت قد نجوت من الأول، فلن يقتلني الصاروخ الثاني... ونجح ضباط الاتصال، بعد محاولات عديدة، بإرسال إنذار إلي قائد لواء المظلات الإسرائيلي في شمال سيناء، بغرق المدمرة.
يسترسل شوشان في رواية تفاصيل هذه الليلة قائلاً :جمعت طاقم المدمرة، الذي أصيب أكثر من 95% منه بالصدمة... وشرحت لهم خطة النجاة... كان الموقف رهيباً... والظلام يخيم علي المنطقة... والمدمرة تغرق رويداً رويداً... والجرحي كُثر... وأنزلنا قوارب النجاة استعداداً لتنفيذ الخطة... فإذا بالصاروخ الثالث يصيب المدمرة من الخلف، ويقلبها علي جانبها... لتهوي بسرعة في قاع المتوسط في خلال ساعتي زمن.
ألقي المقدم شوشان نفسه في الماء، حينئذ، واضطر للسباحة علي ظهره، بسبب بزة الإنقاذ البحري... ووفقاً لما ذكر في كتابه، فقد اصطدم بشئ خلفه، وسأله »‬من أنت؟»، ولما لم يتلق جواباً، التفت ليجده واحداً من جنوده قد فارق الحياة. يستطرد شوشان »‬وهكذا تفرق طاقم المدمرة... وعددهم 199... في البحر... أصيب بعضهم... وغرق البعض الآخر ممن خارت قواهم... أو ممن لم يتمكنوا من فتح حزام الإنقاذ. كانت الصرخات عالية... تشق سكون الليل، الذي بدأ يداهمنا بضراوة... وسمعت صيحة أحد الجنود يصرخ بأن هناك صاروخاً رابعاً... إلا أنه اصطدم بالمياه... إذ لم يتبق شئ من المدمرة التي كانت قد غرقت بالفعل».
يقول المقدم شوشان أنه كان قد تلقي الأوامر، يوم 19 أكتوبر 1967، بالإبحار، بالمدمرة إيلات، إلي شاطئ بورسعيد، وعلي متنها عدد من طلاب البحرية الإسرائيلية، في رحلة تدريبية... بهدف استعراض القوة، وإثبات تواجد القوات البحرية الإسرائيلية أمام شواطئ مدينة بورسعيد. وكان عمر المدمرة إيلات 25 عاماً فقط، عندما انضمت للأسطول البحري الإسرائيلي في يونيو عام 1956، ضمن صفقة مع بريطانيا، ضمت المدمرة الثانية يافا.
ولقد أصيب المقدم شوشان بكسر في عموده الفقري، في هذه العملية... كما أدانته اللجنة التي شكلها الجيش الإسرائيلي، للتحقيق حول أسباب غرق المدمرة. فدون مذكراته عن هذه العملية، في ذلك الكتاب، محاولاً نفي مسئولية إغراق المدمرة عن نفسه، وملقياً باللوم علي الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، التي عجزت عن التوصل إلي معلومات عن العملية، قبل وقوعها، قائلاً »‬إنه لمن الغباء عدم توقع محاولات المصريين للانتقام».
وبإغراق المدمرة إيلات، باستخدام لنشات صواريخ صغيرة... تغير فكر البحرية العسكرية في العالم بأسره... إذ توقفت جميع الدول عن بناء القطع البحرية الكبيرة، مثل حاملات الطائرات، والطرادات، والمدمرات... وبدأ الاعتماد، تدريجياً، علي الفرقاطات صغيرة الحجم، ولنشات الصواريخ... وبدأ تطوير الرادارات البحرية، لاكتشاف الأهداف من ارتفاع أربعة أمتار عن سطح البحر. إضافة إلي التغيير الذي طرأ علي تكتيكات وأساليب القتال البحري، في كل المدارس البحرية حول العالم، كما تغير فكر تشكيل مجموعات القتال البحرية (Naval Task Force)، لتكون قادرة، بذلك التكوين الجديد، وبالتالي بتشكيل الإبحار المتطور، علي التصدي لهذا السلاح المرعب الجديد بعد ما حققه المصريون من معجزة، بتدمير هذه المدمرة العملاقة بواسطة صواريخ صغيرة.
وعندما نقص تفاصيل تلك المعركة العظيمة، لا ننسي ذكر النقيب أحمد شاكر، والنقيب لطفي جاد الله، قائدي لنشات الصواريخ، اللذين نجحا، في إغراق المدمرة، وإتمام العملية بنجاح. كذلك لا ننسي معاونيهم الملازم أول السيد عبد المجيد، والملازم أول حسن حسني، والضابط البحري سعد السيد، ومعهم 25 جندياً مصرياً، هم أطقم هذه اللنشات. ولا يفوتنا أن نترحم علي الشهيد الرقيب محمد فوزي البرقوقي، الذي ضحي بحياته أثناء تلك العملية. فما كان من القوات البحرية المصرية إلا أن خلدت ذكري هذه الملحمة، باعتبار يوم 21 أكتوبر عيداً لها.
ستظل مصر دائماً فخورة بأبنائها... ورجالها... الأبطال الذين سطروا بعملهم وبشجاعتهم... سطوراً مضيئة في تاريخ العسكرية علي مستوي العالم... محققين لبلادهم عزتها وكرامتها، وسطروا ملحمة جديدة في سجل البحرية المصرية ليخلدها، ويتعلم منها، العالم كله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.