أسعار اللحوم في الأسواق اليوم الخميس 18 سبتمبر 2025    مصدر بالخارجية السورية: اتفاقات متتالية ستُبرم مع إسرائيل قبل نهاية العام    مصادر طبية: 25 شهيدا في غارات الاحتلال على غزة منذ فجر اليوم    غيابات الزمالك أمام الإسماعيلي في الدوري المصري    نائب وزير الصحة يوجه باستبعاد مدير مناوب بمستشفى قطور المركزي بالغربية لتغيبه عن العمل    التأمين الصحي الشامل: 495 جهة حاصلة على الاعتماد متعاقدة مع المنظومة حتى أغسطس 2025    الصحة تشارك في مؤتمر إيجي هيلث لدعم الخطط الاستراتيجية لتطوير القطاع الصحي    ملك إسبانيا يشيد بالشراكة الاستراتيجية مع مصر ويؤكد متانة العلاقات الثنائية    منحة كورية ب7.5 مليون دولار لإنشاء مركز للتدريب وبناء القدرات في مصر    «أنتي بليوشن» تعتزم إنشاء مشروع لمعالجة المخلفات البحرية بإستثمارات 150 مليون دولار    وزير الخارجية: إطلاق منصة مصر الصناعية الرقمية لتسهيل الإجراءات وتحفيز مناخ الأعمال    محافظة أسيوط تدشن مبادرة "صحح مفاهيمك" بالتعاون مع الأوقاف الأحد    جبران: تحرير 3676 محضرًا خاصًا بتراخيص عمل الأجانب خلال 5 أيام فقط    دراسة: كيم جونج أون غير راض عن مستوى التعويضات التي حصلت عليها بلاده من روسيا مقابل نشر قواتها    وزير الأوقاف يشارك في قمة أستانا لتعزيز حوار الأديان بحضور عالمي واسع    كومباني يشيد بتركيز لاعبي بايرن بعد الفوز على تشيلسي في دوري الأبطال    مورينيو يرحب بالعودة لتدريب بنفيكا بعد رحيل لاجي    إصابة 5 أشخاص في حادث تصادم ببني سويف    خنقها الدخان.. تفاصيل مصرع طفلة في حريق شقة سكنية بأوسيم    تموين الفيوم تواصل حملاتها المكثفة لضبط الأسواق ومواجهة جشع التجار    ضبط المتهم بإنهاء حياة زوجته بمساكن الأمل في بورسعيد    قبل انطلاقه الليلة، أسعار تذاكر حفل آدم ومروان خوري ومحمد فضل شاكر بجدة    10 ورش تدريبية وماستر كلاس في الدورة العاشرة لمهرجان شرم الشيخ الدولي لمسرح الشباب    الجيزة تستعد للعام الدراسي الجديد.. وزير التعليم والمحافظ يفتتحان 3 مدارس جديدة.. الانتهاء من كافة أعمال الصيانة والمرافق.. وتوفير 619 فصلا جديدا    الذهب يتراجع مع ارتفاع الدولار بعد خفض الفائدة الأمريكية    قرار جديد لرئيس الوزراء، الاستيلاء المباشر على أراضٍ لتنفيذ مشروع الطريق المزدوج بالغربية    مصر وروسيا تبحثان سبل التعاون بمجالات التعليم الطبي والسياحة العلاجية    ترامب يهاجم الأمير هاري.. ويؤكد: أمريكا وبريطانيا نغمتين للحن واحد    الأمم المتحدة تحذر من تدهور الوضع فى قطاع غزة وتطالب بحماية المدنيين الفلسطينيين    تحالف الأحزاب المصرية يدشن «الاتحاد الاقتصادي» لدعم خطط التنمية وحلقة وصل بين الحكومة والمواطن    وزارة التعليم تعلن تفاصيل تقييم طلاب المرحلة الثانوية فى التربية الرياضية    التحفظ على أكثر من 1400 كتاب دراسى خارجى مقلد داخل مكتبتين    مصرع شخصين وإصابة 3 آخرين فى حادث تصادم أتوبيس مع سيارة نقل بطريق مرسى علم    تزامنًا مع عودة المدارس.. «الطفولة والأمومة» يطلق حملة توعوية لحماية الأطفال من العنف والإساءة    تعاون بين وزارتى التضامن والصناعة لرعاية المسنين المحالين للتقاعد    أيمن بهجت قمر ناعيا يمنى شرى: كانت إنسانة رائعة وجميلة    رئيس اتحاد الصناعات: العمالة المصرية المعتمدة تجذب الشركات الأجنبية    تكريم الإعلامي سمير عمر فى ختام المؤتمر السنوى الأول للإعلام العربي ببنغازي    سؤال برلماني بشأن واقعة اختفاء إسورة أثرية نادرة من المتحف المصري بالتحرير    الإمام الأكبر يكرم الأوائل في حفظ الخريدة البهية.. ويؤكد اعتزاز الأزهر برسالته    من هو معلق مباراة الزمالك والإسماعيلي والقنوات الناقلة في الدوري المصري؟    انطلاق منافسات نصف نهائي مصر المفتوحة للإسكواش ولقب السيدات مضمون    حقيقة تفاوض الأهلي مع الألماني فيليكس ماجات لتدريب الفريق    ملك إسبانيا: 60 شركة إسبانية مستقرة في مصر وتشارك بمشروعات كبرى    القرفة العيدان أفضل ولا الأكياس الجاهزة؟.. استشاري مناعة توضح الفوائد والأضرار    نيللي كريم توضح سبب غيابها المحتمل في رمضان 2026    حكم تعديل صور المتوفين باستخدام الذكاء الاصطناعي.. دار الإفتاء توضح    خواكين فينيكس وخافير بارديم وإيليش يدعمون الحفل الخيرى لدعم فلسطين    مصروفات المدارس الخاصة صداع في رأس أولياء الأمور.. والتعليم تحذر وتحدد نسبة الزيادة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 18سبتمبر2025 في المنيا    شديد الحرارة.. حالة الطقس في الكويت اليوم الخميس 18 سبتمبر 2025    بيان ناري من غزل المحلة ضد حكم مباراة المصري    الشرع: أمريكا لم تمارس الضغط على سوريا.. والمحادثات مع إسرائيل قد تؤدي لنتائج الأيام المقبلة    هنيئًا لقلوب سجدت لربها فجرًا    وزير الخارجية يتوجه إلى السعودية لإجراء لقاءات مع كبار المسؤولين في المملكة    "سندي وأمان أولادي".. أول تعليق من زوجة إمام عاشور بعد إصابته بفيروس A    "معندهمش دم".. هجوم حاد من هاني رمزي ضد لاعبي الأهلي    احتفظ بانجازاتك لنفسك.. حظ برج الدلو اليوم 18 سبتمبر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحرب الاجتماعية
نقطة فوق حرف ساخن
نشر في أخبار اليوم يوم 06 - 10 - 2017

صباح 7 أكتوبر عام 1973 كانت مصر قد استقرت بإرادتها أعلي الضفة الشرقية بعدما سيطرت علي مسرح العمليات، الانتصار المصري أحدث صدمة للعالم الذي وقف مذهولا أمام السؤال الجوهري الذي فرض نفسه »كيف تمكن المصريون من عبور الهزيمة نفسياً قبل عبور القناة عسكرياً؟!»‬.
وقتها وقف المتربصون بمصر محاولين فك ألغاز هذه الإرادة التي تمكنت من تحويل المستحيل إلي واقع فرض نفسه بقوة علي أرض المعركة، ولابد أن هناك من هؤلاء المتربصين من أدرك أن هذا الشعب إذا حدد هدفه وامتلك إرادته والتف حول قيادته فإنه قادر علي تحقيق المستحيل ولا يمكن كسره أو هزيمته، فكان القرار هو ضرورة الانهزام النفسي لهذا الشعب القادر علي إنتاج هذه الإرادة، منذ ذلك الحين والحرب الاجتماعية بدأت مستهدفة الشخصية المصرية.
استهداف الشخصية المصرية اجتماعيا كان هدفه تشتيتها وإفقادها طريقها نحو وطنها وبالتالي اهتزاز مفهوم الانتماء للوطن داخل وجدانها فلا تصبح قادرة علي امتلاك إرادتها والسيطرة عليها واستخدامها لخدمة وطنها وقت الحاجة إليها، إذن كانت الحرب الاجتماعية تهدف لتفكيك مفهوم الانتماء واستنزاف رصيد الوطنية الاستراتيجي الذي تراكم بعد نصر أكتوبر، التمهيد النيراني لتلك الحرب الاجتماعية تم من خلال منهج تفكيكي طويل المدي ارتكز علي ما يلي:
دعم الثقافات الوافدة الناشئة حديثاً والإيحاء بقدرتها علي مناطحة الثقافة المصرية الضاربة جذورها في أعماق التاريخ.
تسطيح المنتج الفني والثقافي والفكري.
الاستهداف الشخصي للرموز الوطنية وتشويهها.
دعم الجماعات التي تحاول فرض هوية جديدة لتشكيك المجتمع في عقيدته.
التشكيك في انتصارات الوطن المصري ونسج الأكاذيب حول كوّن انتصار أكتوبر نفسه قد تم باتفاق لتحريك المنطقة، حتي إن بعضهم اخترع مفهوماً جديداً بعنوان »‬حرب أكتوبر تحرير أم تحريك»، كما لو كانت هزيمة الجيش الإسرائيلي التي سيوثقها التاريخ يمكن أن تكون قد تمت باتفاق.
فرض صور ذهنية سلبية للرؤساء المتعاقبين كما لوكانت وظيفتهم فقط هي الانصياع للتبعية الأمريكية وخدمة المشروع الصهيوني.
دفع المواطن المصري نحو الاغتراب داخل وطنه من خلال تضخيم حالة من الفساد والمحسوبية وانعدام تكافؤ الفرص والترويج لذلك بادعاء أن الدولة تمارسه عمداً ضد طبقات بعينها في المجتمع.
تسطيح العملية التعليمية وغزوها بأنماط تعليمية أجنبية باعتبارها تعليماً راقياً.
فرض أنماط سلوكية غريبة بدءاً بتشويه العامية المصرية، وصولاً إلي استخدام المصطلحات الأجنبية المخالطة للعامية المصرية باعتبارها دليلاً علي الرقي الاجتماعي.
علي مدار أربعين عاماً والشخصية المصرية تتعرض لقصف اجتماعي مكثف.
عملية استهداف الشخصية المصرية التي تمت بشكل ممنهج أدت لما يلي:
شعور المواطن باليأس والإحباط وغياب العدالة.
فقدان الثقة بين المواطن وحكومته.
الشعور بانحياز الدولة لرجال الأعمال.
اللجوء إلي التدين الظاهري الذي يفصل بين العبادات والمعاملات.
اختلال منظومة القيم والأخلاق.
انتشار ظاهرة المثقف النظري المنفصل عن محيطه.
تراجع القدرة علي تقديم القدوة.
اتساع الفجوة بين الأجيال وبالتالي تراجع قيمة الأسرة.
صعود القيم المادية والرغبة في الإثراء السريع.
كل هذه النتائج أدت إلي خلل جسيم في التكوين النفسي والذهني للشخصية المصرية انعكس علي علاقتها بمفهوم الدولة علي نحو سلبي حاد بعدما تم إفقاده الشعور بأهمية هذه الدولة في حياته.
عملت الحرب الاجتماعية منذ البداية علي الدفع بأنماط ونماذج سلوكية وثقافية متضاربة بهدف تفتيت وحدة الذوق المصري ووحدة المزاج العام وبالتالي منع أي مشروع يمكن الالتفاف حوله، بدأ من موجة الأغاني الهابطة التي استخدمتها طبقات معينة للتعبير عن هويتها التي تميزها عن باقي المجتمع، مروراً بحركة مسرحية مشوهة حولت قاعات المسارح إلي ما يشبه الملاهي الليلية، وصولاً إلي جمهور كرة القدم الذي تم تصنيف أحد طوائفه صراحةً بعبارة جمهور الدرجة الثالثة فتحولت العبارة من تعبير عن قيمة مادية إلي التعبير عن هوية اجتماعية لمرتادي تلك المدرجات، ثم انتقلت الحرب إلي ملعب الدراما المصرية التي قدمت نماذج سلوكية سلبية وربطتها بقيم البساطة والتواضع ودعمها مجموعات من الممثلين الذين عمدوا إلي بناء شهرتهم وانتشارهم من خلال تقديم أعمال فنية لإرضاء ذوق هذه الطبقة بتجسيد شخصيات جاذبة لها أو تستخدم أسلوباً يشوه العامية المصرية كنمط كوميدي، فخلقت نوعاً من الطبقية الثقافية والفنية التي زادت من حالة التفكك المجتمعي بعدما أدرك من يدير تلك الحرب أن مصر بلد اللا طائفية واللا قبيلة ولا يمكن تفتيته عقائدياً فوجه مجهوداته نحو عملية التفكيك المجتمعي.
ثم ازدادت شراسة تلك الحرب بالدخول في مرحلة تشكيك المجتمع في ثوابته العقائدية والدينية لتوسيع مساحات التفكيك والإمعان في طمس الهوية حتي يمكن اعادة البناء المشوه بعد تسطيح الثقافة التاريخية القديمة للمجتمع المصري.. وربما تمثلت مظاهر تصاعد شراسة الحرب فيما يلي:
أوائل تسعينيات القرن الماضي احتلت اهتمام الصحف ووسائل الإعلام ما تم فرضه علي المجتمع من ادعاء بوجود مجموعات لما يسمي عبدة الشيطان، ولم يسفر الفحص حينها عن اعتناق عقائدي انما خلل اخلاقي ناتج عن غياب دور الأسرة.
تزايد الاحتفاء بظاهرة المشاهير من البلطجية وتقديم بعضهم كأبطال شعبيين ورواية أساطير عنهم لم تحدث أساساً.
صناعة حكايات درامية عن بعض رجال الأعمال باعتبار أن قوتهم ليست مستمدة بالأساس من ثرواتهم المتراكمة بل من قدرتهم علي خرق القانون بالتواطؤ مع بعض كبار المسئولين في الدولة.
الترويج لشيوع أنماط منظمة لجرائم زنا المحارم أو تبادل الزوجات.
ومؤخرا الزخم الإعلامي لحفل يروج للشذوذ علي أرض مصر.
كل تلك الحالات تم تصنيعها لفرض نماذج مسلكية يمكن أن تحظي تدريجيا بنسبة (أي نسبة) من القبول في المجتمع المصري لزيادة الخلل الاجتماعي لوحدة المجتمع.
كل تلك النماذج والحالات نجحت في استدراج المجتمع المصري واقتياده إلي مساحة الخلل العقائدي التي تجيد الجماعات المتأسلمة الحركة فيها، وتستغلها في العبث المنظم داخل العقول الشابة التي تعاني أزمة البحث عن الهوية المفقودة، بعدما توحي لها أن المخرج الوحيد من حالة الشتات هو العودة إلي مرجعية دينية تراثية والتخلي عن الهوية المحلية، لتجد تلك العقول نفسها أمام حالة منفصلة عن سياقها الزمني تتطور بعد ذلك إلي مرحلة منحهم لأنفسهم الحق في تكفير المجتمع ثم الحق في الوصاية علي المجتمع والاستعلاء عليه، كما تضع الدولة والمجتمع كله موضع المتهم المفرط في صحيح الدين، وتستمر تلك الحالة في التطور وصولا إلي ترسيخ مفهوم أن الدولة الحالية ما هي إلا كيان بشري نشأ لتعطيل وإعاقة انتشار الدين وبالتالي فإن حربها عمل شرعي جائز.
التوصيف علي النحو المشار إليه وأمام هذه الحالة فإن المسئولية الوطنية تستوجب علي الجميع أن يتصدي لدوره في إنقاذ أبنائه وأحفاده، تستوجب علي الجميع الالتفاف حول دولة القانون والإصرار عليها، تدعو إلي مشروع قومي لحفظ الهوية المصرية، تستدعي حركة ثقافية عاجلة مستندة لرصيد مهول من المعرفة، ذلك لأن محاولات فرض أي هوية وافدة لن تنجح إلا علي أنقاض الهوية الأصيلة للدولة المصرية التي تقوم أساسا علي التنوع والتعددية والتي يجب أن يحفظ بقاءها إطار قانوني محدد وملزم للجميع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.