تراجع غير متوقع لمخزون النفط الخام في أمريكا    رئيس المجلس الأوروبي: نثمن جهود الرئيس السيسي الجبارة التي أدت لوقف إطلاق النار في غزة    مقتل شخص في حادث إطلاق نار بمدينة هانوفر شمالي ألمانيا    ليفربول يكتسح فرانكفورت بخماسية في دوري الأبطال    قنديل: لا توجد خلافات في إدارة الأهلي    علي الحجار يفتتح حفله ب«المال والبنون» في مهرجان الموسيقى العربية وسط حضور جماهيري كبير    توجيهات بإنشاء صالة لياقة بدنية متكاملة لخدمة طلاب جامعة المنيا    توزيع مستلزمات مدرسية على الطلاب الأكثر احتياجا في دمياط    تعويضاته المطلوبة تعادل ثروته ب5 مرات.. كيف يربح ترامب من الدعاوى القضائية؟ (تحليل بيانات)    شفيق التلولي: التحول في الرأي العام العالمي تجاه فلسطين تطور جوهري يجب البناء عليه    الرئيس أردوغان يهدي السلطان العماني سيارة توج الكهربائية    انضمام 12 عالمًا من جامعة المنصورة إلى عضوية اللجان الوطنية بأكاديمية البحث العلمي    محافظ البحر الأحمر: 75% من إنتاج بترول مصر يخرج من رأس غارب    تعرف على موعد تطبيق التوقيت الشتوي في أسيوط    «معاهم الفانوس السحري».. 3 أبراج لديها دائمًا حل لكل مشكلة    مواقيت الصلاة في أسيوط غدا الخميس 23102025    داعية إسلامي: زيارة مقامات آل البيت عبادة تذكّر بالآخرة وتحتاج إلى أدب ووقار    بمشاركة 158 استشاريا.. بورسعيد تحتضن أكبر تجمع علمي لخبراء طب الأطفال وحديثي الولادة    كوبارسي: الجماهير تحب الانتصارات الكبيرة في الكلاسيكو لكننا لا نفكر في ذلك    مصرع رسام الشارع الاخرس صدمه قطار بالمنيا    تجديد حبس صاحب محل موبايلات في «جريمة المنشار بالإسماعيلية» 15 يوما    صور| مصرع شابين سقط بهما مصعد كهربائي بطنطا    رئيس جامعة بنها يطمئن على طلاب كلية الفنون التطبيقية المصابين في حادث أسوان    يويفا يعلن قائمة الأسرع فى دورى أبطال أوروبا وسرعة محمد صلاح القصوى    المتروبوليتان يحتفى ب «آلهة مصر القديمة»    طرح البوستر الرسمي لفيلم "قصر الباشا" بطولة أحمد حاتم    أكرم القصاص: مصر الحليف الأنسب والقوى للاتحاد الأوروبى ولا بديل لها    مبابي ينافس بيدري على جائزة أفضل لاعب في الدوري الإسباني لشهر أكتوبر    صندوق استصلاح الأراضى بالوادى الجديد يوافق على جدولة ديون المشروعات الزراعية    هل القرآن الكريم شرع ضرب الزوجة؟.. خالد الجندي يجيب    هل يجوز احتساب جزء من الإيجار من زكاة المال؟.. أمين الفتوى يجيب    إيناس جوهر رئيسًا لجنة إعلام الخدمة العامة.. وعمرو خفاجي مقررًا    محافظ شمال سيناء يستقبل نائب وزير الصحة لبحث جاهزية المنشآت الصحية (صور)    نائب رئيس الوزراء ووزير التعليم العالى يشهدان افتتاح مؤتمر الجمعية المصرية للصدر    أنغام تحيي حفلا غنائيا في أوبرا الكويت نوفمبر المقبل    مدرب الاتحاد: تعرضنا للظلم أمام الأهلي    ميلاد هلال شهر رجب 2025.. موعد غرة الشهر الكريم وأحكام الرؤية الشرعية    «التنظيم والإدارة»: «الوزراء» وافق على تخصيص جلسة مسائية للمتخلفين عن اختبارات التعيين    "وان أوف وان" تطلق مشروعين جديدين في الشيخ زايد والتجمع السادس    مصر تستضيف تنصيب الرئيس الجديد لبنك التصدير الأفريقي «أفريكسيم بنك»    «جهار»: 26 منشأة صحية حصلت على الاعتماد الكامل أو المبدئي    تجديد حبس والد المتهم بقتل زميله وتقطيع جثته بمنشار فى الإسماعيلية 15 يوما    "مكافحة انتشار المخدرات" فى ندوة بطب بيطري أسيوط    بعد أزمة مواجهة برشلونة وفياريال.. الدوري الإيطالي يتمسك بإقامة مباراته في أستراليا    انطلاق دوري الأنشطة الرياضية لتلاميذ المدارس بالمحافظات الحدودية بجنوب سيناء    تعليم قنا: انتهاء عصر الانتقال الآلي من صف إلى آخر    فى ذكرى تدمير المدمرة ايلات ..اسرائيل : "ضربة موجعة" لإسرائيل في أعقاب حرب 1967    تفاصيل الاجتماع الفني لمباراة مصر وغانا في تصفيات كأس العالم للسيدات    مرور القاهرة يعلن إغلاق كوبري الأزهر السفلي لإجراء أعمال الصيانة    تكريم خالد جلال بختام ملتقى شباب المخرجين بمسرح السامر.. الليلة    وزير الخارجية الإسرائيلي: لا يوجد لإسرائيل صديق أعظم من الولايات المتحدة وممتنّون لإدارة ترامب على دعمها الثابت لإسرائيل    "واقع مزيف" يتوسع بصمت.. تحذير من الذكاء الاصطناعي    محافظ المنيا يتابع مستوى الخدمات بوحدة طب الأسرة بنزلة بني خلف بمغاغة    الرقابة المالية تمد وقف تلقي طلبات التأسيس لنشاطي التمويل الاستهلاكي ومتناهي الصغر بالطرق التقليدية لمدة عام    وصول حكام مباراة الزمالك وديكيداها للقاهرة استعدادا لموقعة الكونفدرالية    محافظ أسيوط: غدا فتح باب التقديم لحج الجمعيات الأهلية لموسم 1447ه – 2026م وحتى 6 نوفمبر المقبل    البترول: مصر تُصدر 150 ألف متر مكعب من الغاز المسال إلى تركيا لصالح توتال إنيرجيز    مفتي الجمهورية: الله تولى بنفسه منصب الإفتاء وجعله من وظائف النبوة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الطريق إلي حلم الضبعة مفروش بالإغتيالات والتفجيرات ومؤامرات المنتجعات السياحية !
إبراهيم كامل شجع علي التوريث وسعي إلي تحويل أرض الضبعة إلي قري سياحية فقال له مبارك علنا : «انسي يا إبراهيم» !
نشر في أخبار اليوم يوم 08 - 09 - 2017

في ذلك اليوم الحار من شهر أغسطس عام 2010 شعرت بنشوة صحفية وشخصية يصعب وصفها حينما سمعت مبارك يقول بصوت مرتفع: »‬إنسي الضبعة يا إبراهيم».
وإبراهيم هوإبراهيم كامل.. رجل الأعمال الذي زرع فكرة »‬التوريث».. ويمتلك قرية »‬غزالة» السياحية المجاورة للأرض التي اختيرت لبناء المفاعل النووي عليها في الضبعة.. وتبلغ مساحتها 65 كيلومترا علي ساحل البحر.. وضغط كامل بكل ما يملك من قوة مالية وعلاقات سياسية لتحويلها إلي منتجعات سياحية.. ونجح بالفعل في إقناع وزير السياحة وقتها زهير جرانة بما يريد.. لكن.. ما ذكره مبارك حسم الأمر.. كنت متحمسا للمفاعلات النووية .. رافضا المنتجعات السياحية .. وعبرت عن ذلك في حملة صحفية استمرت شهورا .. نشرت فيها عدة تقارير علمية لبعثات أجنبية .. تشرف عليها وكالة الطاقة النووية استغرق عملها سنوات بعد أن مسحت أراضي مصر كلها .. وكلفتنا 250 مليون جنيه .. واثبتت أن ساحل الضبعة غرب البحر المتوسط الأكثر مثالية لبناء ما نريد من مفاعلات تنتج كهرباء وتزيد من خبراتنا التكنولوجية .. كما أن جبال الملح في سيناء يمكن أن تكون مقابر للنفايات النووية .
مصر اختارت أرض الضبعة بعد دراسات علمية كلفتها 250 مليون جنيه أشرفت عليها
الوكالة الدولية للطاقة النووية التي اقترحت دفن النفايات النووية في جبال الملح بسيناء !
القذافي أبدي استعداده لتمويل المشروع النووي المصري
في عام 1985 ولكن انفجار مفاعل تشرنوبيل
في العام التالي أخاف مبارك من تنفيذه !
الموساد حاول تصوير جريمة قتل يحيي المشد
في باريس علي أنها جريمة عاطفية بعد أن كلف عاهرة بالتحرش به في فندق ميريديان ليتوال !
الجناة تخلصوا من الشاهدة الوحيدة علي الجريمة بدهسها بسيارة مرسيدس سوداء مسرعة في ليلة ممطرة !
التقي السادات ببيجن في شرم الشيخ للتفاوض علي استكمال الانسحاب من سيناء وبعد يومين أغارت الطائرات الإسرائيلية علي المفاعل العراقي في بغداد فاتهمت مصر بأنها كانت تعلم ولم يكن ذلك صحيحا !
تفاءلت عندما حضرت توقيع اتفاقيات مفاعلي الضبعة مع الروس في قصر الاتحادية وشعرت بقرب التنفيذ عندما دعا السيسي بوتين لحضور التوقيع النهائي في الضبعة !
كان ذلك في منتصف ثمانينيات القرن الماضي عندما أبدي معمر القذافي استعداده لتمويل المشروع المصري متصورا أنه سيحقق به حلم إمتلاك القنبلة النووية العربية بعد أن امتلكت باكستان القنبلة النووية الإسلامية .
ولكن .. جاء انفجار مفاعل تشرنوبيل السوفيتي في أوكرانيا يوم السبت 26 إبريل عام 1986 ليخيف مبارك من المشروع النووي فتجمد الحلم وغطت الأتربة الدراسات الفنية والعروض المالية.
وكانت الحجة: إذا كان السوفيت بكل ما يملكون من خبرات في الأمان النووي لم يحققوه في مفاعلاتهم واضطروا إلي إخلاء 100 ألف شخص من المناطق المحيطة بالانفجار فكيف نضمن نحن بخبراتنا الأقل أن لا نتعرض لكارثة مشابهة؟
قبل حادث تشرنوبيل بست سنوات .. بالتحديد في يونيو1980 .. كنت نزيل فندق متواضع في الحي اللاتيني عندما شاهدت علي القناة التلفزيونية الخامسة صورة عالم الذرة المصري الدكتور يحيي المشد وأحد ضباط الشرطة الفرنسية يعلن مقتله وهويمسك بيديه منشفة ملوثة بآثار »‬روج» مشيرا إلي أن الجريمة ارتكبت لأسباب نسائية .
لم أتردد في تحقيق الحادث .. وتنقلت بين الشرطة الفرنسية وحصلت علي نسخة من التحقيقات .. وعائلة المشد في الإسكندرية وتحدثت إلي زوجته وحصلت منها علي صوره الشخصية والأسرية بجانب نسخة من جواز سفره وأوراق أخري .. كما تحدثت إلي زملائه وتلاميذه في قسم الهندسة النووية بجامعة الإسكندرية .. وراحت الحقائق تتفتح حقيقة بعد أخري حتي اكتملت القصة فنشرتها كاملة عام 1990 في كتابي »‬الموساد وإغتيال المشد» الذي كشف عن دموية إسرائيل في حرمان العرب من امتلاك سلاح نووي لتنفرد وحدها به. كما أنني سجلت شهادتي في برنامج »‬سري جدا» الذي كان يقدمه يسري فوده وقت أن كان محققا تلفزيونيا بارعا أذيع في يوليو 2008 وسجل علي قناة يوتيوب أكثر من 400 ألف مشاهد حتي الآن .
يوم الجمعة 13 يونيو 1980 كان المشد عائدا إلي حجرته رقم 941 في فندق ميريديان ليتوال متحملا المطر الغزيز الذي أغرق باريس في بحر من المياه حاملا معه أكياسا بها هدايا بسيطة لعائلته .. منها ساعة جوفيال لابنه أيمن .. وملابس لابنتيه ولزوجته السيدة زنوبة علي خشخاني .
ما أن دخل المصعد حتي لحقت به فتاة ليل (تسمي ماري مجال) حاولت إغراءه بقضاء ليلة ساخنة معه .. ولكنه صدها وأغلق باب حجرته في وجهها .. فهوشخصية محافظة .. متدينة .. ريفية الجذور .. ولد في بنها (عام 1932) .. وتعلم في طنطا .. وتخرج في قسم الكهرباء بهندسة الإسكندرية (عام 1952) .. وأختير للسفر في بعثة إلي لندن لنيل الدكتوراة في تصميم المفاعلات النووية .. ولكن بسبب العدوان الثلاثي علي مصر (عام 1956) تحولت البعثة إلي موسكو لنيل الدكتوراة وحرص علي الزواج قبل السفر .
فشلت العاهرة في مهمتها المكلفة بها .. وبينما كانت تصلح من زينتها وملابسها وجدت شخصا كان في نهاية الطرقة يطرق باب المشد ويجري معه حوارا خاطفا لم يستمر سوي دقيقتين سنعرف فيما بعد أنه ضابط في الموساد عرض التعاون معه وإلا كان مصيره الموت ولكن المشد سبه غاضبا وأغلق الباب في وجهه .
غادر ضابط الموساد الفندق ليصل إليه رجلان من وحدة »‬كيدون» وهي وحدة قتل متخصصة في التخلص من الشخصيات التي تشكل خطرا قائما أومحتملا علي إسرائيل .
دخل الرجلان الغرفة بمفتاح حصلا عليه بطريقتهما وأمسك أحدهما بالمشد وضربه الآخر علي رأسه بآلة حادة وما إن فارق المشد الحياة حتي راح الرجلان في تلويث الفراش ومناشف الحمام والمرآة بما يوحي بأن الجريمة عاطفية أرتكبها زوج غيور أوقواد لم يحصل علي المال المتفق عليه .
وعندما خرج القاتلان وضعا لافتة »‬برجاء عدم الإزعاج» علي باب الغرفة ليضمنا عدم اكتشاف الجريمة إلا بعد فوات الأوان.. وهوما حدث.. فلم تبلغ عاملة النظافة عن النزيل الذي لا يغادر غرفته إلا بعد يومين حسب لوائح الفندق .
• ولم تمر سوي فترة قصيرة حتي كانت ماري مجال تعبر الشارع المؤدي إلي متاجر لافيت الشهيرة حيث ينتظرها زبائنها في أحد البارات .. لكنها .. لم تصل إليه .. فقد جاءت سيارة مرسيدس سوداء مسرعة لتدهسها وتجهز عليها في ثوان .. لتموت الشاهدة الوحيدة علي الجريمة.
• لم يثر قتل المشد أحدا في مصر .. بل .. لم ينشر خبر واحد عما جري خشية أن يسقط السلام الهش الذي وقعه أنور السادات مع مناحم بيجن .. لكن .. ما أثار غضبي أن صحفيا للشئون الخارجية في روز اليوسف هو إبراهيم عزت اتهم زميل المشد الدكتور عصمت زين الدين بمساعدة المخابرات السورية في ارتكاب الجريمة في محاولة لتشويه سمعة واحد من كبار علماء الذرة في مصر بعد قتل أقرب الأصدقاء إليه .. وكتبت تقريرا مضادا بما جمعت من معلومات.. ولكنه.. لم ينشر.. فقد كانت إسرائيل تتمتع بحصانة صحفية الهجوم عليها خشية أن تغضب فلا تواصل انسحابها من سيناء .
والتقيت بالدكتور عصمت زين الدين وأنا استكمل تحرياتي الصحفية وكان واضحا أنه محبط مثله مثل باقي علماء الذرة في مصر بعد أن تجمدت هيئة الطاقة النووية التي أنشأها جمال عبد الناصر في إنشاص عام 1960 .. تجمدت الهيئة بعد هزيمة يونيو فتبددت ثروة مصر من هذه الفصيلة النادرة والثمينة من علمائها .. فهاجر من هاجر .. واعتزل من اعتزال .. وقتل من قتل .. وأكدت كلامه بملاحظة رصدتها عندما زرت قسم الهندسة النووية التي أشرف فيها المشد وحده علي 50 رسالة دكتوراة حيث وجدت هناك ملصقات تدعوإلي الحجاب ودعوات لحضور ندوات دينية وبدا المكان مهجورا لا يحفز أحدا علي البحث في هذا التخصص المتميز من العلوم .
بسبب ضيق سبل المعيشة وتزايد نفقات عائلته بما فيها تكاليف علاج أحد أبنائه المصاب بمرض السكر وافق المشد علي السفر إلي بغداد للعمل هناك في كلية التكنولوجيا .. وهي أشبه بمعهد للتأهيل والتدريب المهني .. يتخرج فيها فنيون وحرفيون مهرة في النجارة والميكانيكا والكهرباء ليس أكثر .. لكن .. المشد في أوقات فراغة كان يذهب لتقديم المشورة العلمية في هيئة الطاقة النووية العراقية حتي اكتشفوا خبرته الهائلة في تصميم المفاعلات وتشغيلها فنقلوه إليها .. خبيرا مميزا .
كان صدام حسين في عام 1975 نائبا لرئيس مجلس قيادة الثورة في العراق عندما وجد في الرئيس الفرنسي فاليري جيسكار ديستان فرصة غير متوقعة للتعاون مع العرب بعد زيادة أسعار النفط في تلك الفترة بسبب حرب أكتوبر .. سافر صدام حسين إلي باريس في رحلة نادرة للخارج وصحبه رئيس الحكومة جاك شيراك في جولة لتفقد هيئة الطاقة النووية في مارسيليا وتسربت أنباء عن صفقة سرية وقعها الطرفان لكن لا أحد كشف عن تفاصيلها .
في العام التالي رد شيراك الزيارة ويومها أعلن عن بيع مفاعلين نوويين للعراق أطلق الفرنسيون عليهما أيزيس وأوزوريس بينما أسماهما العراقيون تموز واحد وتموز اثنين .
وبإعلان الصفقة أضاءت كل إشارات الخطر في إسرائيل وبدأت فرق الموساد في وضع خطط تفجير المفاعلين قبل وصولهما إلي بغداد.
في يوم 5 إبريل 1979 هبط فريق إسرائيلي من ثلاثة أشخاص إلي جنوب فرنسا وكان في انتظارهم ميكروباس رينو 12 بداخله أربعة أشخاص آخرين اتجهوا إلي مرفأ صغير بالقرب من ميناء طولون حيث صناديق المفاعلين النوويين العراقيين اللذين كانا علي وشك الشحن بعد ساعات قليلة .. كانت الخطة سرقة قلبي المفاعلين ولكنهم شعروا بضيق الوقت فسارعوا بتفجير الشحنة ولاذوا بالفرار دون أن يمسك بهما أويتوصل إليهما أحد .
بدا واضحا تواطؤ الأجهزة الفرنسية فيما حدث فلا هي كشفت عن الجاني ولا هي اعتذرت للعراق .. وفي الوقت نفسه لم يشأ ديستان أن يخسر زبونا ثريا مثل صدام حسين فنقل سرا ما شاء من مفاعلات كانت قد صنعت لبلاده علي أنه تجنب الاتهام بنشر الأسلحة النووية فأرسل إلي بغداد يورانيوم مخصب بنسبة سبعة في المئة لتشغيل المفاعلات لكنه لا ينتج سلاحا نوويا يحتاج إلي يورانيوم مخصبا بنسبة لا تقل عن 97 % . واكتشف المشد الخدعة فأرسله العراقيون مع وفد عسكري إلي باريس لمراجعة الفرنسيين في مواصفات اليورانيوم وفي هذه الزيارة قتل المشد .
إعترفت إسرائيل والولايات المتحدة بالجريمة في فيلم تسجيلي مدته 45 دقيقة صورته قناة ديسكفري المتخصصة في هذه النوعية من الأعمال الفنية بعنوان »‬غارة علي المفاعل».
لم تكن الغارة المقصودة في الفيلم بالغارة التي وقعت في طولون وإنما قصد بها الغارة التي شنتها الطائرات الإسرائيلية يوم 5 يونيو1981 علي مبني المفاعل النووي العراقي في ضاحية التثنية علي أطراف بغداد .
قبل تلك الغارة بيومين كنت أغطي بصفتي المراسل العسكري لروز اليوسف لقاء جري بين السادات وبيجن في شرم الشيخ التي كانت لا تزال تحت الاحتلال الإسرائيلي .. بالتحديد في فندق صغير مبني بطريقة بدائية يسمي أوفيرا.. يستخدمه محب الغوص الذين تظاهروا أمامنا مطالبين بعدم الانسحاب .. وكان الوفد المرافق للسادات يضم عثمان أحمد عثمان وسيد مرعي وهما صهرا الرئيس .. وأتذكر أن السادات عقب المؤتمر الصحفي الذي عقده في المطار نسي نظارته الطبية بعد أن الح عليه مساعدوه علي ركوبه الطائرة قبل غروب الشمس فلم يكن المطار مجهزا بمعدات الإقلاع الليلية .. وقدمت النظارة لواحد من أمناء الرئاسة يدعي المنجوري .. وعندما تعجبت من خفة وزنها قال إنها مصنوعة من قشرة صدفة سلحفاة .
اتهم السادات بأنه كان علي علم بخطة تفجير المفاعل العراقي وضاعف من حبكة الاتهام كراهيته لصدام حسين الذي شكل ما سمي بجبهة الرفض بعد رحلة السادات إلي القدس في 19 نوفمبر عام 1977 .
ونكاية في السادات أيضا قرر صدام حسين صرف معاش استثنائي لعائلة المشد بعد أن نجحت زوجة المشد في الاتصال به ونشرت في كتابي الوثائق التي تدعم ذلك .
بعد عشر سنوات من نشر كتابي اصدر رجل مخابرات إسرائيلي وصف نفسه بالمنشق هوبيتر ستروفيسكي كتابا بعنوان »‬بطريق الخداع» كشف فيه علي حد قوله كثيرا من انحرافات ذلك الجهاز.. وجاء توقيت نشر الكتاب قبل اسابيع من حرب الخليج الثانية التي وصفت بحرب تحرير الكويت .. لكن .. ما يثبت نشر الكتاب بموافقة الموساد الفصل الأول منها الذي تحدث عن عملية قتل المشد تحت عنوان: »‬عملية سفنكس» وهوالاسم الكودي لها.
وفي هذا الفصل ما يثبت أن الموساد حاول تجنيد المشد بواسطة عميل عراقي وزوجته قدماه إلي رجل الموساد في فرنسا الذي عرض عليه 100 ألف فرنك مقابل أخذ رأيه في صفقة ما ولكن المشد نجا من التورط فيما دبر إليه بسبب زهده في المال ولخشية أن يكون وراء الصفقة ما يغضب العراقيين فلم يكن أمام الموساد سوي قتله.. وأشار الكتاب إلي كثير من القصة كما رويتها.. واقتبس رأي زوجة المشد كما نشرته علي لسانها.
إن إسرائيل تصر علي أن تمتلك وحدها السلاح النووي الذي بدأت السعي إليه منذ إعلان دولتها حتي بنت مفاعل ديمونة وخصبت اليورانيوم وامتلكت أكثر من 100 قنبلة في القبو ولكنها كانت قنابل من النوع الثقيل الذي يؤثر تفجيره عليها فما كان منها إلا أنها استكملت الأبحاث حتي توصلت إلي قنبلة استراتيجية جربتها بمساعدة جنوب أفريقيا.. وكشف كل هذه الأسرار بالصور لصحيفة صنداي تايمز أحد الخبراء في ديمونة هو موردخاي فاعنون الذي قبض عليه وسجن ولم يجد محكمة تفرج عنه .
وتحرص إسرائيل علي تعطيل كل البرامج النووية العربية ولوكانت لإنتاج الكهرباء فهي تري أن الذرة التي تستخدم للسلم يمكن أن تستخدم للحرب. ولكن.. مصر الموقعة علي معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية كثيرا ما سعت إلي تطهير المنطقة من تلك الأسلحة .. لكن .. كل المبادرات التي قدمتها لم تجد استجابة من إسرائيل والولايات المتحدة .
وفي عام 2009 عاد مبارك للحديث عن بناء مفاعلات في الضبعة لإنتاج الكهرباء وتولي هذه المهمة المهندس حسن يونس وزير الكهرباء الذي تحدث عن عروض قدمتها دول مختلفة لمصر بتكلفة 4 مليارات للمفاعل .. ولكن .. من جديد تأخر التنفيذ .. فقد كانت مجموعة رجال الأعمال القريبة من جمال مبارك ويشارك بعضها في الحكومة تماطل في الاستجابة لما أمر به الرئيس لعلها تنفذ ما في رأسها وتحول ارض الضبعة إلي منتجعات سياحية.
لم تركب الجدية المشروع إلا بعد أن أعلن عنه الرئيس عبد الفتاح السيسي وجرت مفاوضات مطولة في القاهرة وموسكووصلت إلي حد توقيع أكثر من اتفاقية مع الجانب الروسي قدر لي أن اشهد الاحتفال بها في القصر الرئاسي .
وبالدعوة التي وجهها الرئيس إلي بوتين ليشهد معه حفل التوقيع علي الاتفاقية النهائية بدا واضحا أن مصر ستحقق حلمها النووي الذي طال انتظاره.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.