يعتبر قرار لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي برفع اسعار الفائدة بنسبة 2٪ محاولة للحد من ارتفاع معدلات التضخم المتوقع أن تواصل صعودها عقب قرار الحكومة برفع اسعار المنتجات البترولية منذ حوالي أسبوع، والسؤال الذي يفرض نفسه: هل سيحقق القرار الغرض منه، وما هي ايجابياته وسلبياته؟ وهو ما يجيب عليه خبراء المال والاقتصاد في السطور التالية.. في البداية يقول خبير الأوراق المالية ايهاب سعيد إن رفع البنك المركزي لسعر الفائدة من جديد قرار غير صحيح، خاصة انه تم رفعها في مايو الماضي 2% لاستباق التضخم المتوقع من رفع أسعار الوقود في بداية الشهر الحالي، وهذا مايسمي »التوقع بالتضخم» مضيفاً أن سياسات المركزي في الوقت الحالي لن تؤدي إلي تراجع نسب التضخم المرتفعة، لأن التضخم ناتج من قرارات اقتصادية استثنائية، مثل رفع اسعار البنزين، وتعويم الجنيه. تأثير سلبي وتساءل السعيد هل رفع البنك للفائدة سيؤدي الي انخفاض سعر البنزين؟ ويجيب: بالطبع لا.. لان هناك اثرا تضخميا كبيرا يعاني منه الشارع المصري يتمثل في ارتفاع أسعار السلع والخدمات. وأشار السعيد إلي أن قرار الرفع له تأثير سلبي علي الاستثمارات، والتي تأثرت اكثر من مرة بشكل كبير من سياسات البنك المركزي الانكماشية، وهذا يتعارض مع فكر الدولة في الاصلاح الاقتصادي. استيعاب التضخم وقالت مني مصطفي المحلل الفني بالمجموعة الأفريقية وعضو اللجنة العلمية بالمجلس الاقتصادي الأفريقي ان البنك المركزي رفع الفائدة باعتباره إجراء استباقيا لمحاولة استيعاب الموجة التضخمية المتوقعة بعد رفع أسعار الطاقة و المحروقات، ممايؤثر بشكل مباشر علي أسعار السلع والخدمات، التي تشهد في الاساس تسارعا في ارتفاع اسعارها منذ بداية العام الحالي، وإن خفت وتيرتها خلال شهر مايو، واعتمد المركزي علي تلك السياسة النقدية في رفع الفائدة في المرة الأولي، لحصر السيولة في الاقتصاد غير الرسمي، لذا جاءت متزامنة مع انطلاق حملة الشمول المالي ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسط وبرامج التمويل العقاري للاسكان الاجتماعي. وتضيف أنه يجب النظر بشكل أدق لمسببات التضخم بشكل عام في الحالة الاستثنائية التي يمر بها الاقتصاد المصري الان، فبالرغم من أن رفع أسعار الطاقة كان متوقعا، طبقا لما هو محدد في برنامج الحكومة الاقتصادي وشروط قرض صندوق النقد، إلا أن معدلات التضخم مرتفعة، وكل قرارات البنك المركزي في الفترة الاخيرة لرفع سعر الفائدة جاءت في سبيل خفض التضخم. مطلب للبنوك ومن جانبه يري د. مدحت نافع استاذ التمويل والاستثمار بجامعة القاهرة ان قرار لجنة السياسات النقدية برفع قيمة الفائدة هو في البداية مطلب لمعظم البنوك التجارية التي تحاول بالكثير من الطرق رفع قيمة الفائدة علي الديون التي تحصل عليها الحكومة من هذه البنوك، وبالتالي فإن قرار رفع سعر الفائدة لن يؤدي الي تقليل عجز الموازنة كما يري البعض بل يزيد من قيمة الديون الداخلية، بالاضافة الي أن رفع الفائدة سيكون له تأثير عكسي علي جذب المزيد من فرص الاستثمار لان هذه الخطوة ستؤدي بالطبع الي رفع قيمة الفائدة علي القروض، وبالتالي يفضل اي مستثمر وضع رأس ماله في البنوك كودائع يحصل من خلالها علي فائدة اكبر، بدلا من استثمارها في اي مشروع يضطره للحصول علي قرض بفائدة عالية. فائدة للمودعين ويري د. شريف دولار الخبير الاقتصادي واستاذ الادارة بالاكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا ان رفع سعر الفائدة او تخفيضها هي سياسة متغيرة في كل دول العالم وليست ثابتة علي حسب الظروف الاقتصادية لكل دولة، وهي اداة من ادوات السياسة النقدية تتغير باستمرار مع تغيير الوضع الاقتصادي في الدولة وبالتالي سيكون هناك تأييد لها من البعض ورفض من البعض الاخر، وهو ما حدث عندما اقرت لجنة السياسات النقدية الزيادة في سعر الفائدة يوم الخميس الماضي، فالمدخرون من المواطنين يرون انه قرار صائب لانه يزيد الفائدة علي ودائعهم في البنوك، والمستثمرين يرون انه قرار خاطئ لايصب في مصلحتهم لانه يرفع نسبة الفائدة علي القروض، مشيرا إلي أن في الثمانيات والتسعنيات وصلت قيمة الفائدة في البنوك المصرية وقت الاصلاح الاقتصادي وكذلك في امريكا وصلت الي مايزيد علي 20% عندما كانت تمر بأزمة اقتصادية هائلة تدهور فيها سعر الدولار. وأضاف أن رفع سعر الفائدة يساهم في زيادة تحويلات المصريين العاملين في الخارج والتي تعد من اهم مصادر العملة الصعبة، وزيادة الاحتياطي النقدي حتي يتم استعادة باقي المصادر سواء السياحة او عائدات قناة السويس او الاستثمارات الاجنبية، وذلك للحفاظ علي قيمة الجنيه من التدهور حتي لايحدث خلل سياسي واقتصادي بعد ذلك. ويضيف دولار أن القرار رقم 88 لسنة 2003 ينص علي دور البنك المركزي في الحفاظ علي استقرار الاسعار ومعدلات التضخم ومساندة سعر الصرف حتي يستعيد الجنيه قوته ومكانته، وبالتالي فمن حقه اتخاذ قرارات يراها تصب في الاصلاحات الاقتصادية منها قرارات زيادة سعر الفائدة.