بحلول 30 يونيو المقبل تعود إلي اذهان المصريين ذكري ثمرة نضالهم ضد الفاشية الدينية، ذكري ثورتهم الإنسانية المتفردة، انها ثورة الدولة، وفي نفس التاريخ ستبدأ السنة الاخيرة للفترة الرئاسية الحالية، انتبه، استدع حواسك، لقد انطلقت إشارة البدء، للبديل المدني.. انتهت فترة اعداده وتلقي التعليمات بالنزول إلي الملعب، وسيكثف ظهوره في المحافل العامة مستعرضا قدراته علي الالقاء واستخدام لغة الجسد وتعبيرات الوجه واليدين.. بالتوازي مع حركة البديل المدني المدعوم خارجيا، ستبدأ عملية قصف سياسي مكثف للرئيس عبدالفتاح السيسي تهدف لخلق مناخ ضاغط من حوله يؤدي إلي محاولة توتير الرئيس لينعكس ذلك علي أدائه العلني، من خلال خطوات تكتيكية تهدف لاستدراجه إلي مساحة من الانفعالات التي تبدو غير منضبطة والايحاء بتراجع قدرته علي التحكم في ثباته الانفعالي وبالتالي خلق حالة تخويف مبكرة ما اذا قرر الترشح لفترة ثانية سيكون خلالها رئيسا متحررا من ضغوط الناخب الذي لم يعد بحاجة لصوته في فترة ثالثة غير ممكنة دستوريا. عملية استدراج الرئيس - هكذا يطلقون عليها - ستتم من طرف خفي وأطراف اخري معلنة، لا تندهش من شخصيات ستعاود الظهور بعد اختفاء طوال ثلاث سنوات لتحج جميعها نحو قبلة مرشحها المدني المنتظر، عملية الاستدراج تهدف لخلق قاعدة ارتكاز وهمية للمرشح المدني لإرباك عملية التقييم والمقارنة الفعلية فبدلا من التقييم العلمي لهذا المرشح المدني المحتمل استنادا لتجربة عملية، ستخضع عملية التقييم لما سيتم رصده وتصيده للرئيس الحالي خلال ولايته الاولي لاتاحة الفرصة لمنافسه المحتمل للتحرك في مساحات وهمية ومنحه أدوات للتنظير دون عناء. إياك ان تتعامل مع المقال كدعوة لإعادة انتخاب الرئيس الحالي بل دعوة لاستحضار الوعي وتحذير من الانخداع مرة أخري، فقط ما عليك الا أن تسترجع شريط ذاكرتك المسجل عليه كل ما تعرض له وطنك منذ يوم 28 يناير 2011، وتذكر حجم التدليس الذي تعرضت له وكيف شاركت بغير قصد في الدفع بوطنك إلي حافة الهاوية، وإياك ان تنسي من أنقذه. عملية الاستدراج ستشارك بها أطراف النخبة التي سبق لها تغييب الوعي المصري من خلال حملات التنظير الجماعي التي أدت إلي التسليم القسري للوطن والمواطن لجماعة الاخوان، نفس المنظرين سيتحالفون مع نفس الإعلاميين لإعادة احتلال ذهنية الرأي العام بعدما حررتها قسوة التجربة التي لم تجف دماؤها بعد، سينضم لجماعات التنظير مجموعة من رجال الاعمال الذين تأثرت مصالحهم بعدما قررت القوات المسلحة تفعيل دورها المدني للنهوض بالبنية التحتية فضلا عن توفير السلع الاستراتيجية، هذا اللوبي سيسخر كل أدواته للمشاركة في عملية الاستدراج من خلال حملات استفزازية تهدف لوضع الرئيس مبكرا تحت المجهر الانتخابي، عملية الرصد المكثفة لحركة الرئيس وتصريحاته وانفعالاته سيتم توثيقها وأرشفتها تمهيدا لاستخدامها ضد الرئيس اذا ما قرر الترشح لولاية ثانية، في المقابل ياتي دورك كمواطن قرر الا يتخلي من جديد عن وعيه وإدراكه لتسارع من الان بتوثيق جلسات التنظير المعلنة لنفس افراد النخبة السياسية والإعلامية والتي سيعيدون استخدام نفس عباراتها ومصطلحاتها وتراكيبها اللغوية المقعرة التي أدت لتغييب جمعي للوعي والذي انتهي إلي استيلاء التنظيم العصابي الاخواني علي السلطة، لكن هذه المرة سيغلفون نظرياتهم السياسية بعبارات ليبرالية للتمويه علي الذهنية العامة المصرية والإمعان في تضليلها للإيهام بعدم ارتباطهم فكريا بمخططات التنظيم الدولي للجماعة الارهابية التي لن تفوت فرصتها التاريخية في ازاحة السيسي عن الحكم مهما كان البديل.. راجع نفسك جيدا وجهز برنامجك الانتخابي الشخصي من الان وحدد سمات مرشحك وتأكد أن هذه النخبة تمارس السياسة النظرية باطمئنان شديد هي تتدلل علي الدولة المصرية ومؤسساتها لا يسيطر عليها الا يقين واحد هو انه مهما كانت نتائج مغامراتهم غير المحسوبة ومهما كلفت من عمر الوطن واقتصاده فلا داعي للقلق طالما انه يمكن استدعاء الجيش المصري في أي وقت وطالما أن الجيش سيستجيب لهذا النداء من منطلق مسئوليته الوطنية، وبعدما يستجيب نكرر نفس الشعارات ثم نفس الانتقادات ثم نفس النظريات ولم لا تخضع الدولة المصرية لتجاربنا الوهمية، فالنظريات لا تنضب والجيش لا يمل من قدره في إنقاذ وطنه والمواطن يستمتع بحالة التغييب، وهكذا تستمر النخبة في تغييب المواطن والأخير مستمتع والجيش لا يمكن أن يتخلي عن قدره في حفظ الدولة، ولا يدفع الثمن الا المخلصون. هذه دعوة لليقظة المبكرة، إياك أن تتخلي عن وعيك وتترك النخبة التنظيرية وشلل المقاهي وخبراء الشاشات تستدرجك أنت ورئيسك ووطنك، إياك ان تسمح لتلك النخبة بأن تستدرجك مرة أخري لحقل تجاربها الوهمية لتمارس هوايتها في الاخفاء القسري للحقائق.