»ساعات أقوم الصبح قلبي حزين، أطل بره الباب يأخذني الحنين، اللي لقيته ضاع، واللي اشتريته انباع، واللي قابلته راح وفات الأنين، وارجع وأقول، لسه الطيور بتفنّ، والنحلايات بتطنّ، والطفل ضحكه يرنّ، مع ان مش كل البشر فرحانين».. تظل كلمات صلاح جاهين ترن في القلب رغم رحيله منذ 31عاما، مازال صوت كلماته يوقظ المشاعر ويلهب الإحساس في معاركنا اليومية مع الحياة، حينما نفرح، أونحزن، أو نغضب أو نثور، لقد استطاع بكلماته ان يخترق وجدان شعب بأكمله ببساطة وتلقائية روح، عندما قال: »علي اسم مصر التاريخ يقدر يقول ما شاء، أنا مصر عندي أحب وأجمل الأشياء بحبها وهي مالكة الأرض شرق وغرب، وبحبها وهي مرمية جريحة حرب، بحبها بعنف برقة وعلي استحياء، وأكرهها وألعن أبوها بعشق زي الداء، واسيبها واطفش في درب، وتبقي هي ف درب، وتلتفت تلاقيني جنبها في الكرب، والنبض ينفض عروقي بألف نغمة وضرب».. كيف استطاع جاهين ان يطوع مشاعرنا بكل هذا الحب لمصر دون صراخ أو نحيب؟، كان يمتلك عبقرية الإحساس بالكلمة، حتي إن ثوار يناير لم يجدوا كلمات أقوي من كلماته التي كانت ترج الميدان وتلهب المشاعر وتشحذ العزيمة وقت الثورة، صلاح جاهين أيقونة نادرة التكرار، كان رساما وشاعرا وممثلا بنفس الدرجة، لم يأخذ منه فنا علي حساب فن آخر، ومن هنا كانت عبقريته المتفردة ولما غنت سعاد حسني الدنيا ربيع، قفلنا علي كل المواضيع، وظلت هي الأغنية الاجمل التي مازلنا نتغني بها في كل ربيع.، لم يهزم قلبه غير حب كبير وصدمة لم يحتمل وجودها هزيمة 67، ظل صامتا بعد النكسة ولم يكتب غير قصيدة عن بحر البقر » لموا الكراريس» وقصيدة علي اسم مصر ،كما كانت وفاة الرئيس عبدالناصر، السبب الرئيسي لحالة الحزن والاكتئاب التي أصابته، حيث لازمه شعور بالانكسار لأنه كان الملهم والبطل والرمز لكرامة مصر، لم يستعد بعدها »جاهين» تألقه وتوهجه الفني الشامل كما قبل.وتوفي شاعر الثورة وفيلسوف الفقراء في ال 21 من إبريل عام 1986، عن عمر ناهز ال 55، تاركًا من المؤلفات ما له نفس الأثر الذي اعتاد إحداثه في النفوس.