خفض فاتورة الإستراد البالغة 70 مليار دولار خطوة علي الطريق الصحيح أحالت الحكومة الموازنة العامة الجديدة للعام المالي 2017/ 2018 إلي مجلس النواب، والتي ستتم إحالتها إلي لجنة الخطة والموازنة الأسبوع الحالي، وتبلغ قيمة المصروفات في الموازنة الجديدة تريليونا و190 مليار جنيه بزيادة 20% عن الموازنة الحالية. كما تستهدف الحكومة خفض نسبة عجز الموازنة إلي 9.1% بدلاً من 10.7 % في الموازنة الحالية، بالإضافة إلي زيادة معدل النمو الاقتصادي من 4% العام الحالي إلي 4.6% في العام المالي المقبل.. مع التعهد بالتوسع في المزايا الإجتماعية، حيث خصصت لها 332 مليار جنيه بزيادة 19% للإنفاق علي الدعم سواء الكهرباء أو المواد البترولية والسلع التموينية، وزيادة الايرادات الضريبية إلي 73% من إجمالي الإيرادات لتصل إلي 604 مليارات جنيه بدلا من 461 مليارا العام الحالي بارتفاع 31%.، بجانب سعي الحكومة لخفض التضخم بعد ارتفاعه إلي 30% بسبب الفجوة بين الأجور والأسعار.. وكذلك خفض فاتورة الاستيراد والمقدرة ب70 مليار دولار. ووصف خبراء الاقتصاد الموازنة التي أعدتها وزارة المالية بأنها موازنة » طموحة»، ولكن تحتاج إلي بعض الإجراءات التي يجب إتخاذها حتي يمكن تحقيق هذه الأرقام علي أرض الواقع، مؤكدين ان أهم هذه الاجراءات محاربة الفساد في الأجهزة الحكومية، والتأكد من وصول الدعم إلي مستحقيه، والبحث عن طرق مبتكرة لزيادة الإيرادات بدلاً من التوسع في فرض المزيد من الضرائب التي يتحمل نتائجها في النهاية المواطن البسيط. ويري د. مختار الشريف أستاذ الإقتصاد بجامعة المنصورة أن الأرقام التي أعلنتها الحكومة في خطة موازنتها الجديدة للعام المالي 2017/ 2018 أرقام طموحة، ولكن حتي يتم تحقيقها علي أرض الواقع لابد أن يكون المجتمع لديه قدرة عالية علي التشغيل سواء من ناحية الإنتاج والقوي البشرية، وهو مايتطلب خفض نسب البطالة وتوفير فرص العمل لإستيعاب مايقرب من800 ألف خريج سنوياً، وتحديث وإصلاح الهيئات والجهات المسئولة عن زيادة الإيرادات وعلي رأسها الجهاز الضريبي، ودمج الإقتصاد غير الرسمي أو الموازي في القطاع الرسمي والذي يمثل حوالي 40% بينما لا تستفيد منه الدولة، بل ويهدر الكثير من الإيرادات. ويشير الشريف إلي أن قيمة »تريليون»جنيه أول مرة تحدث في تاريخ مصر، خاصة بعد تحديد الحكومة قيمة المصروفات بتريليون و190 مليار جنيه، بزيادة حوالي 20% عن الموازنة الحالية، والتي بلغت المصروفات بها حوالي 995 مليار جنيه، ولكن إذا قمنا بحساب الفرق نجد إنه ليس فرقاً كبيراً بسبب زيادة نسبة التضخم والنتائج الإقتصادية المترتبة علي تحرير سعر الصرف، وما صاحبه من إنخفاض في قيمة العملة، مشيراً إلي أن رفع قيمة المزايا الاجتماعية والدعم وتخصيص 332 مليار جنيه لها بارتفاع 19%، تشمل دعم المواد البترولية والكهرباء والسلع التموينية، هي خطوة جيدة تحسب للحكومة، ولكن من ناحية أخري نحتاج في البداية إلي تحسين فاعلية وكفاءة الخدمات المقدمة سواء التأكد من وصول الدعم إلي مستحقيه ومحاربة الفساد داخل الأجهزة المسئولة عن تقديم هذا الدعم. ويضيف الشريف أن استهداف الموازنة الجديدة خفض فاتورة الإستيراد التي تقدر بحوالي 70 مليار دولار خطوة جديدة ونسير بها علي الطريق الصحيح، ولكن لن يتحقق ذلك إلا عن طريق حل المشاكل التي تواجه الإنتاج المحلي ووضع ضوابط وشروط محددة للإستيراد وإيجاد البديل المحلي المناسب للسلع أو الخدمات التي يتم وقف إستيرادها، مؤكداً أن محاولة الوصول إلي معدلات نمو مرتفعة سواء في الموازنة الجديدة أو التي تليها لن تؤتي بثمارها دون أن يقابله خفض في معدلات الزيادة السكانية التي تلتهم أي محاولة لزيادة معدلات النمو. بينما يقول د. يسري طاحون أستاذ الإقتصاد بجامعة طنطا أن معظم دول العالم المتقدمة عندما تقوم بالإعداد للموازنة العامة تحدد أولويات تستهدف تحقيقها من تطبيق هذه الموازنة مثل القضاء علي الفقر أو التهميش وتقليل نسبة البطالة وتحقيق العدالة الإجتماعية وغيرها، وبالتالي لايمكن تنفيذ الخطة التي وضعتها الحكومة في الموازنة العامة التي ستتم مناقشتها خلال أيام في البرلمان علي أرض الواقع إلا عن طريق تحديد الاولويات خاصة فيما يتعلق بالطبقات الفقيرة في المجتمع. واشار إلي أن الفترة الحالية تحتاج إلي زيادة الدعم علي السلع الغذائية وغيرها من الخدمات التي تهم المواطن البسيط خاصة بعد إنخفاض قيمة الجنيه، بجانب زيادة مخصصات التعليم والصحة ولكن في المقابل يجب زيادة الإيرادات وهو ما تستهدفه الحكومة بالفعل بزيادة 27% عن الموازنة الحالية ليصل إلي 819 مليار جنيه بدلاً من 644 مليار جنيه في موازنة 2016/2017، وحتي يحدث ذلك لابد من التفكير »خارج الصندوق» لزيادة الإيرادات في الموازنة، وأولها إصلاح القاعدة الضريبية بدلاً من الإتجاه إلي فرض ضرائب جديدة يتحمل أعباءها في النهاية المواطن البسيط.. ويضيف طاحون أنه إذا أرادت الحكومة زيادة الإيرادات يمكنها أن تتجه إلي إستغلال أصولها غير المستغلة وعلي رأسها الأراضي التي توجد علي أطراف المدن والتي يمكن أن يتم بيعها في المزاد العلني وستوفر مئات المليارات من الجنيهات بدلاً من هذه الأصول المهدرة، مشيراً إلي إن زيادة معدلات النمو التي تستهدفها الحكومة في الموازنة إلي 4.6% لن يمكن الوصول إليها إلا إذا تم السيطرة علي معدلات التضخم التي ترتفع بشكل جنوني، بالإضافة إلي زيادة الإعتماد علي الإنتاج المحلي وتوزيع الدخل القومي بشكل عادل. ومن ناحيته أكد د.شريف الدمرداش أستاذ الإقتصاد بجامعة القاهرة أن الخطة التي وضعتها الحكومة للموازنة الجديدة خطة واقعية من الناحية المنطقية، ويمكن تحقيقها علي أرض الواقع خاصة فيما يتعلق برفع معدلات النمو إلي 4.6%، وتخفيض العجز في الموازنة إلي أقل من 10%، وتحقيق فائض أولي في الفرق بين الإيرادات والمصروفات بدون فوائد الديون لأول مرة منذ عشر سنوات، بالإضافة إلي زيادة الإيرادات العامة إلي 27% لتصل إلي 830 مليار جنيه، ولكن من ناحية أخري فإن تحقيق هذه الخطة يحتاج إلي مجموعة من الإجراءات خاصة فيما يتعلق بزيادة الإيرادات خاصة أن بند المصروفات يحتاج إلي مليارات الجنيهات خاصة إن خدمة القروض والديون الداخلية والخارجية تصل إلي 380 مليار جنيه، كما أن ما يزيد عن 340 مليار جنيه موجه إلي الدعم، بالإضافة إلي 240 مليارا للأجور. ويضيف أن خطة زيادة الإيرادات في الدولة يمكن تحقيقها عن طريقين أولهما تخفيض الدعم عن الخدمات التي تقدمها الحكومة للمواطنين، إما عن طريق زيادة الإنتاج المحلي، ولكن الحل الاول لايمكن تحقيقه في الوقت الحالي خاصة في ظل نسبة الفقر التي يعاني منها الكثير من المواطنين فلا يمكن تخفيض الدعم عن الصحة أو التعليم أو باقي الخدمات، وبالتالي فإن الطريق الثاني الأفضل وهو البحث عن طريق أكثر فاعلية لزيادة الإنتاج المحلي بدلاً من الإعتماد علي الإستيراد من الخارج الذي يلتهم الكثير من الموازنة، بالإضافة إلي ضرورة التوسع في الإستثمارات الحكومية، وهو ما تستهدفه الحكومة في الموازنة الجديدة بزيادة مخصصاتها بنسبة 38%، ولكن من ناحية أخري يجب ألا تؤدي هذه الزيادة إلي الضغط علي مخصصات الدعم وتؤدي إلي تقليله. وأكد خبير التمويل د. وائل النحاس أن تقليل عجز الموازنة فكرة بسيطة جداً وتستطيع الحكومة أن تتحكم بها كيفما تشاء، بمعني ان الحكومة تعلم جيداً ماستنفقه العام المقبل، وماهي إيراداتها، وتستطيع ان تزيد من إيراداتها خاصة وانها اعتمدت الموازنة بالتريليون للمصروفات وليست الإيرادات، مشيراً إلي أن الحكومة لم تصدق ولو مرة واحدة خلال الثلاث السنوات في تحقيق نسبة عجز الموازنة المحددة في كل ميزانية تم تحديدها. ويضيف النحاس أن معظم الأرقام التي حددتها الحكومة في الموازنة الجديدة، مجرد ارقام، وماقالته ارقام الموازنة عن إستهداف الحكومة لتحقيق معدلات نمو تتخطي 4.6% لن يفيد في شيء إلا إذا تم كبح فوائد الديون وزيادة الدين العام، وهناك دول تخطي فيها الدين العام ال200% ولكنها تظل في أمان، لأنها قادرة علي السيطرة علي ديونها وسداد الفوائد بشكل منتظم حتي لاتزيد عليها، ولكن في مصر هناك تزايد لفوائد الدين.