لم يعد من المقبول أن الحكومة كلما تعرضت لضائقة أو أرادت أن تزيد من مواردها أن تمد يدها إلي جيب المواطن حتي أصبح ينوء من ثقل ما يتحمله من عبء لدخله المحدود ومعاناته الشديدة من الغلاء الفاحش ونار الأسعار التي يزداد لهيبها يوماً بعد يوم.. صحيح أن الشعب المصري علي استعداد للتضحية عندما يثق في قيادته ويشعر أن الوطن في حاجة إليه ولكن هذا ليس معناه أن تقف الحكومة هكذا مكتوفة الأيدي عاجزة عن البحث عن موارد حقيقية تدفع بها عجلة التنمية وتنمي استثماراتها في الداخل والخارج.. ولما كانت الإيرادات الضريبية تمثل عاملاً أساسيا في تحديد قدرة الدولة علي إدارة النشاط الاقتصادي وتحقيق الأهداف التنموية للبلاد فليس هناك أي مبرر لتقاعس الحكومة عن محاسبة من تتضخم ثرواتهم علي حساب الشعب وملاحقة التجار الجشعين ومحترفي الإحتكار الذين يحرقون المواطن في أفران الغلاء بلا رحمة وكذلك حيتان التهرب الضريبي الذين يخرجون لسانهم للحكومة رغم أنهم يرتكبون جريمة لأنهم يمتنعون عن دفع حق الوطن.. بل وتتسع دائرة تلك الفئة من أصحاب المليارات والملايين بسبب عجز الحكومة عن ملاحتقهم في وقت يقدر فيه بعض الخبراء حجم الفاقد الضريبي بسبب التهرب الضريبي بنحو 400 مليار جنيه.. ولهذا فإن الوصول إلي هؤلاء الحيتان سوف يحقق للدولة دخلاً إضافياً مستحقاً يصل إلي مئات المليارات من الجنيهات.. بل ويؤكد الخبراء في نفس الوقت أن التغاضي عن توقيع العقاب أو ضآلة العقوبة يؤدي إلي زيادة معدلات التهرب وضعف معدلات التحصيل وزيادة حجم المتأخرات الضريبية التي تقدر بنحو 99.8 مليار جنيه.. وحتي لا يشارك في تلك الجريمة القائمون علي تفعيل منظومة الضرائب فعلي الحكومة أن تبحث عن أسلوب يحقق سرعة الوصول إلي هؤلاء المتهربين ومحاصرتهم بإنشاء مركز للمعلومات لجمع البيانات وأرشيف الكتروني لمكافحة التهرب والحصول علي البيانات والمعلومات من جميع الجهات والتنسيق بين الرقابة الإدارية والتهرب الضريبي ومباحث الأموال العامة للإيقاع بهؤلاء الحيتان الذين يرتكبون أبشع جريمة في حق الوطن.