يبدو ان مشاكل المرور في مصر عموما وفي المدن الكبري خصوصا قد استعصت علي المسئولين عنه واستحكمت حلقاتها ودخلت حلولها في حيز الصعب أو قل المستحيل ولا شك ان للمسئولين اعذارهم فعدد السيارات التي تجري علي الطرق المصرية بمختلف اشكالها وانواعها قد فاقت قدرة احتمال هذه الطرق علي استيعابها واحتواء اعدادها المتزايدة، كما ان سلوكيات الكثير من قائدي السيارات قد فسدت وانفلتت امام تسيب الرقابة والتهاون في تطبيق القانون والتراخي في الضبط والربط ويبدو اننا جميعا اصبحنا نشعر بالإحباط واليأس من وجود حلول حاسمة وضابطة لكل هذا الهوان المروري الذي تلاقيه يوميا ذهابا وايابا وضاع العمر يا ولدي واهدر الوقت علي قارعة طريق انسدت شرايينه واختنقت منافسه وتحشرجت انفاسه والمدهش ان كل تلك المحاولات القاصرة لم تأت بأي نتيجة والامور تتفاقم والازمة تحيط بنا من كل جانب وتحولت الشوارع إلي جراجات وفوضي سيارات تشغل الارصفة وصف تاني وتالت والله ورابع في بعض الاحيان ومشاة يسيرون في نهر الطريق وميكروباصات وتكاتك »جمع تك تك« تتلوي كالأفاعي الهائجة تتحدي الادب والذوق والاخلاق، ناهيك عن سيارة اطفاء حريق تصرخ او سيارة اسعاف تعوي وبداخلها مريض يحتضر ولا تجد من يفسح لها طريقا أو مساحة مرور وأما علي الطرق المسماة بالسريعة فحدث ولا حرج وكأن تلك الديناصورات المقطورة تتحدي القرارات الملزمة وتهدد بالثبور والاضرابات امام محاولات تطبيق القانون وضبط ايقاع الطرق وسلامة المواطنين ونزيف الدم المنهمر بقتلي وجرحي وضحايا التسيب والتراخي مع ذلك الشاب المتهور وغالبا المخمور وهو يترنح بمركبته بين السيارات المذعورة من كل تلك التهورات. وان كان البعض منا بيخاف ولا يستحي فقدصرنا لا بنخاف ولا نستحي لأن الحسم غاب والمخالفة ممكن تفويتها بتكبير الدماغ ومبدأ نفع واستنفع ومعلش او انت متعرفش انا مين وماما مين وبابي الباشا مين؟ والنتيجة ان فقد الطريق انضباطه وضربته الفوضي بجانب الازدحام الخانق وانهار الانضباط وتراجع الحسم وغاب التواجد الفعلي والمؤثر. ونحن نتساءل هل فعلا لا توجد حلول عملية تقليدية أو حتي ابتكارية؟ أهي لوغاريتمات أن نحدد مناطق عبور للمشاة؟ هل يئس منا رجال المرور كما يئسنا منهم رغم محاولات مضنية وان كانت غير ناجحة او كافية وقرارات تبدو حاسمة علي الورق ولكنها هشة عند التطبيق؟.. طيب هل من الممكن اتخاذ خطوات جادة لنقل الوزارات بموظفيها وعمالها ومساكنها الي المدن الجديدة بعد توفير الخدمات الأساسية بها لتصبح جاذبة ومقبولة.. هل من الممكن تطبيق قوانين مدروسة لجدولة توقيتات دخول المدارس والموظفين وتوقيتات غلق المحال السهرانة وما شابهها.. هل من الممكن تطوير النقل الجماعي بحيث نستخدمه بدلا من كل هذا التكدس من سيارات التسوق والتسكع بلا مبرر ولا طائل، الحكاية محتاجة قرارات جريئة ووجود مكثف وانضباط يحسم ويردع. أليس من حق الجماهير المصريين ان نضمن لهم الأمن والامان علي طرقهم في بلادهم؟ همسة: بعث عمر بن الخطاب إلي أحد ولاته قائلا »كثر شاكوك وقل شاكروك فإما استطعت وإما اعتزلت«