صلاح جاهين حدوتة مصرية أصيلة، نظل نحكيها لأولادنا، وأولاد أولادنا، كلما طلت علينا ذكراه، فلا احد يمكنه أن ينسي الليلة الكبيرة ولا الرباعيات ولا أشعاره ولا رسوماته، كان قيثارة شعب وحب، عشق مصر من كل قلبه، تغني بها حتي آخر لحظة في عمره، قال عنها في قصيدته علي اسم مصر : "علي اسم مصر التاريخ يقدر يقول ما شاء،أنا مصر عندي أحب وأجمل الأشياء، بأحبها وهي مالكة الأرض شرق وغرب، وبأحبها وهي مرمية جريحة حرب، مصر النسيم في الليالي وبياعين الفل، مصر السما الفزدوقي وعصافير معدية، والقلة مملية ع الشباك .. مندية، والجد قاعد مربع يقرا في الجرنال، الكاتب المصري ذاته مدمج في مقال، ومصر قدامه اكتر كلمة مقرية، قريتها قبل ما اكتب أسمي بايديا ورسمتها في الخيال علي أبدع الأشكال، ونزلت أيام صبايا طفت كل مجال، زي المنادي وفؤادي يرتجف بجلال ". كل من عرفه واقترب منه أحبه، لم يجتمع احد علي حب شخص مثلما اجتمع كل مفكري ومبدعي مصر علي حبه، قال عنه احمد بهجت : كان شمساً تشع بالفرح، رغم أن باطنه كان ليلاً من الأحزان العميقة، وكان يداري أحزانه، ويخفيها عن الناس، ويصنع منها ابتسامة ساخرة، ويظهر علي الناس بوجهه الضاحك كل يوم، أما إحسان عبد القدوس فقال عنه :لم يكن مجرد شخص، ولكنه كان أكبر أمل في مستقبل مصر الفني، أما لويس عوض فقد قال عنه: إن صلاح جاهين كان ضميرا عظيما غير قابل للانقسام. منذ يومين أهداني احد الأصدقاء فيلما تسجيليا نادرا عن صلاح جاهين يروي فيه بصوت وصورة قصة حياته، مع لقطات مصورة له في الشوارع والمطاعم والموالد، ومقتطفات من أشعاره ومن أوبريت الليلة الكبيرة، وشهادات مصورة للفنانة سعاد حسني والمخرج صلاح أبوسيف الذي قدمه للسينما في دور بدير في فيلم "لا وقت للحب "المأخوذ عن رواية يوسف إدريس. لقد عشت علي مدي خمسة وأربعين دقيقة مع الفن الجميل والزمن الذي عاش فيه جاهين متألقا وحزينا وفرحا كالأطفال، انه حقا فنان نادر الوجود في زماننا الحالي.