لا يستطيع أحد أن يقطع أو يحدد تماما ما ستكون عليه سياسة الادارة الجديدة لادارة يرأسها ترامب كلها اجتهادات بلا توقعات ،أما الواقع الماثل منذ عقود الذي تكشف أكثر من أي عهد مضي وهو واقع أن رؤساء أمريكا منذ عدة عقود واجهات لمصالح عليا.. للحكومة الحقيقية التي لا تحتمل التغيير خارج النسق القائم... لذا فالمؤكد أن ترامب سيكون تحت وطأة ضغوط شديدة بل ربما بتهديدات فيحالة خروجه علي المنوال القائم فيكون مصيره اما ان يحاكم أمام الكونجرس أو ربما الاغتيال ! سنعرف أكثر عن ترامب وتوجهاته الحقيقية في المائة يوم الاولي له في الرئاسة هكذا درجوا علي قياس التعرف علي معالم كل ادارة جديدة ، ثم تباعا تزداد المعالم وضوحا في الأشهر التالية.. الخطب الانتخابية والاقوال خلال المعركة شيء والقرارات الرئاسية شي آخر، فالوعود لا قيمة لها بدون أفعال تنقلها الي الواقع.. عشرات التساؤلات تتري منها ما يهمنا كثيرا في الشرق الأوسط: الحرب الجادية علي الارهاب. مصير الفلسطينيين مع اسرائيل. هل يلجأ ترامب للدبلوماسية دون اشعال الصراعات كما سبق واعلن ؟ سبق وانتقد سياسة سلفه أوباما أكثر من مرة لانه أنفق ترليونات الدولارات بل حدد ستة ترليونات »بدلا من تمويل بناء ما يستعيد لأمريكا مجدها بعثرت في تنفيذ أفكار لم تؤد الا لخراب دول بالشرق الاوسط». تلك الانتخابات كشفت الكثير مما سبق للاعلام الأمريكي وكان ينفيه أو يخفيه، بادعاء أنها من نظريات المؤامرة.. ولكن تأكد تماما من خلال هذه الانتخابات وذيولها من حرب ضروس تبين تماما من خلالها أن الحزبين السياسيين هما في واقع الأمر محكومان من تلك الخلاصة العولمية بتمويلاتها الانتخابية لكليهما.. الحزبان المتنافسان سياسيا كلاهما واقع الأمر في خدمة مصالح البلوتوكراسي أو الأوليجاركة أو كما يفضلونها: الكوربوريشنز ، كلها تعبيرات تؤدي ذات المعني في توصيف حكم الأمر الواقع بالولاياتالمتحدة، سواء فاز هذا الحزب أم ذاك فالذي ينتخب منهما يحكم من الواجهة بينما الحكم الحقيقي لتلك الخلاصة المالية ولمصالحها وهذا ما يجري منذ عدة عقود و... يا سلام سلم علي دي ديموقراطية !! مجيء ترامب من خارج تلك المنظومة وما حدث من الحرب اعلاميا ومن الدولة العميقة تجاه هذا الوافد الجديد الذي يستهدف التغيير ، أدي لكشف الواقع الذي لم يدركه الكثيرون من قبل ! واضح ان المخابرات المركزية متوقفة الآن عن مزيد من التلطيخ في ترامب، خصوصا بعدما ثبت عجزها عن تقديم دلائل تثبت اتهام التدخل الروسي في الانتخابات لصالحه، لكن الاعلام الامريكي لم يتوقف معظمه عن التشهير وتوجيه أشد القذائف تلطيخا لسمعته.. نعتوه بأنه أداة لموسكو وأنها تولت رعايته وتدعيمه علي مدي لا يقل عن خمس سنوات (!!) واتهموه بأنه ألعوبة في أيدي الروس باحتفاظهم بفيلم له مع عاهرات روسيات أثناء زيارة لموسكو تخص أعماله العقارية.. قذفوه بأقذع اتهامات ممكن أن تلحق بشخصية سياسية وتتراوح بين الخيانة الوطنية والانحلال الأخلاقي فماالبال وهو رئيس لأقوي دولة في العالم !! دوائر أمريكية شتي محايدة وصفت ما جري ومايزال جاريا حتي اللحظة بأنه عملية تشهير مخططة ومنسقة بعناية، تستهدف نزع »الشرعية»عن ترامب ، بمعني اقتلاعه كرئيس من منصبه، والذي لو تحقق لهم بهذا النحو سيؤدي لأزمة دستورية غير مسبوقة !! حملة التشهير تلك ماضية لاتزال وازدادت شراسة بعد الانتخابات مع دعاوي تطالب بمحاكمته مثل »حركة الاعتراض علي رئاسته» وكلها معالم لم يسبق أن شهدت الولاياتالمتحدة لها مثيلا في تاريخها حسب ما كتبه معلقون كتبوا أنهم يرون في حركة الاعتراض وغير ذلك معالم ثورة من عينة »الثورات الملونة» التي طالما مولتها ونسقتها ادارة أوباما باموال ذلك الملياردير المدعو صوروس.. فهو أكبر ممول لحركة الاعتراض تلك التي تجتاح أمريكا وتستهدف نزع الشرعية عن ترامب... الموقف الحالي باختزال أن ما يجري هو صراع مرير علي السلطة وعلي منع احتمال التغيير ، وهذا ما يتبدي تباعا من الخلاصة الرأسمالية الكبري البلوتوكراسي أي جماعة الثراء الحاكم ممن يفضلون أن يطلق عليهم وصف كوربوريشنز وهذه الادارة الجديدة التي تصنف بالانتماء اليهم. أهم نتائج الانتخابات الرئاسية تلك أنها كشفت تماما عن شريحة كبري من الشعب الامريكي لا تقل عن نصف الناخبين ، كلها تريد التغيير.. فهم غير راضين عن النسق السياسي والاقتصادي السائد ، ففي ربع القرن الأخير لم تؤد ممارسات الحكم غير ما يصفونه بأنه لصالح »زيادة الثراء ثراء ، ومزيد الفقر للفقراء» ، هذا غير تدهور احوال العائلات الامريكية المتوسطة التي أصبحت في وضع اقتصادي واجتماعي اقل بكثير من أمثالهم في الدول المتقدمة الاخري... هؤلاء جميعا يتساءلون اذا ما بامكان ترامب أن يحقق التحول الكبير المطلوب ويتلخص في عدالة اقتصادية اجتماعية للطبقات العاملة، أم أنه سيحاصر من قبل المؤسسة الحاكمة والدولة العميقة ؟ لن يجاب عن هذا التساؤل قبل بعض الوقت... ثم إن ترامب لم يحز علي تفويض سياسي كاسح من قبل الناخبين، فلا تنسوا أنه حصل علي أصوات تقل عن هيلاري بنحو 2 مليون و865 ألف صوت ! ترامب هذاهو أول رئيس أمريكي تايكوون أي قطب في البيزنس وبلا خبرة سابقة ، لا وظيفة او منصب حكوميا أوخبرة سياسية، انما امبراطورية عقارية علي مستوي دولي منها فنادق وكازينوهات للترفيه وملاعب جولف واستثمارات شتي ببلاد متعددة حول العالم وهو قد تعود ان يديرها بسلطات كاملة دونما مراجعة من أحد معتمدا علي حاسته كبيزنس مان وفي هذا يقال عنه شخصية مزاجية لا يتردد عندما يستدعي الموقف بما يعوق طريقه- لا يتردد في اهانة بل مرمطة من يقف في وجهه ويطيح به ان استطاع.. تري كيف تحكم مثل هذه التركيبة عندما تحكم دولة عظمي مثل أمريكا ؟. عليالعموم من القليل الذي يمكن توقعه لهذه الادارة من الآن أن الشهور والأعوام القادمة تحمل لها امتحانات عسيرة وللديموقراطية الأمريكية كذلك فيما لو تحرك ترامب عمليا لتنفيذ وعوده في الداخل والخارج.. فهل يفعل؟. من حيث اسرائيل، تتوافر معلومات شتي عن نوايا تستند الي مواقف وأقوال، قدرت أن أمسك عنها حاليا لحين تتكشف المواقف الفعلية.. عموما الفرص مواتية أمام التغيير، انما هل يكون التغيير الي الأفضل أم للأسوأ دعونا ننتظر فلا أحد يستطيع أن يقطع في ذلك حاليا...