الصحافة القومية الآن في ورطة لا تعرف كيف تخرج منها بمفردها، ومثل كل شئ في مصر تأثرت أسعاره وتكلفته بخطة الإصلاح الاقتصادي وتعويم الجنيه امام الدولار اصيبت صحفنا القومية الورقية بكارثة. والجريدة التي سعرها جنيهان لابد ان تباع باربعة جنيهات، والمؤسسات الصحفية لا تملك رفاهية حق رفع اسعارها بمفردها ،والمالك الوحيد القادر علي هذا القرار هو المجلس الأعلي للصحافة، وهذا المجلس ايضا لم يعد يملك هذا الحق بعد ان اصدر البرلمان القانون التنظيمي المؤسسي للصحافة والاعلام، والذي ينص علي تشكيل مجلس اعلي للصحافة والاعلام وينبثق عنه هيئة قومية للصحافة واُخري للإعلام، وتقوم الهيئة القومية للصحافة بمهام المجلس الأعلي للصحافة.. وهنا تكمن الازمة، والازمة ليست في المدة التي يمكن ان تصدر فيه القرارات او تتشكل فيها هذه المؤسسات التنظيمية لمهنة الصحافة والاعلام ،فالصحف اليومية قادرة علي تقليص إعداد أوراقها لأكثر من نصف عدد أوراق اي صحيفة او مجلة،وذلك لمرحلة قصيرة تتوازن فيها الأوراق مع التكلفة ومدي تغطية الإعلانات لأي تضخم في الأسعار وازدياد أعداد العاملين وتكليفات الأجور علي ميزانيات المؤسسات.. والخروج من هذه الأزمة يجب ان يكون علي محورين، الاول يخص الحكومة بالتعجيل في تشكيل المؤسسات التنظيمية والانخراط السريع في مهامها التنظيمية، وان تقوم الحكومة بإعفاء المؤسسات من الديون الكبيرة نتيجة تراكم الضرائب وديون قروض الحكومة او فتح ملكية المؤسسات بنسبة 49 ٪ من رأسمال هذه المؤسسات للاكتتاب العام وتكون الاولوية الي نسبة مميزة للعاملين، او بيع المؤسسات الخاسرة او دمجها، وابقاء نسبة 51 ٪ للحكومة حتي لا تفقد آليات تعبر عنها سياستها، والمحور الثاني يجب ان تقوم به المؤسسات التنظيمية الجديدة مع المؤسسات القومية، ويقوم علي مراجعة احوال هذه المؤسسات، والعمل علي تقليص الديون وتخفيض التكلفة، والسعي لخلق موارد جديدة لهذه المؤسسات تساهم في تخفيف التكلفة والنفقات، اما المؤسسات الصحفية القومية فعليها مراجعة مضمون ما تقدمه، وان تحول معظم ما تقدمه ورقيا الي الحالة الرقمية،وان تتخلي تدريجيا عن البحث عن الاخبار، والتي أصبحت في متناول الجميع ويعرفها القارئ قبل ان تنشرها الصحف بما لا يقل عن 18 ساعة،وان تتحول الصحف اليومية والأسبوعية والمجلات الي مضمون جديد في المهنة، يقوم علي تقديم الخدمات للقارئ، وتقديم المواد التحليلية والرؤي المستقبلية، بجانب ما وراء الاخبار والاحداث. وان تتحول الخدمة الاخبارية في الصحف القوميه الي تقوية وتدعيم المواقع الاخبارية الخاصة بكل مؤسسة، وإعلاء فكرة الرأي والرأي الآخر.. والي ان نصل الي حلول لما نعوم فيه من أزمات مالية وإدارية ومهنية، يجب ان نتذكر حكومة وعاملين في المؤسسات الصحفية القومية جميعا وأيضاً مؤسسات تنظيمية جديدة اننا جميعا خدام عند الشعب، وانه هو المالك الاول والحقيقي لهذه المؤسسات، فيجب ان نكون عند حسن ظن هذا المالك، وانه هو الوحيد مع ضمائرنا القادر علي حسابنا ، بعد الله .