عاش كمال الشاذلي نائبا برلمانيا محنكا، أدرك معارضوه قدره فعظموه احتراما، وسعي أكثرهم إلي صداقته، وماكان من مؤيديه إلا أن زادوه تعظيما، فتوجوه نائبا عن الباجور لستة وأربعين عاما يمثلهم تحت قبة البرلمان. لم يكن كمال الشاذلي شخصا عاديا، فقد كان شديد الإيمان بأن من يزرع حبا لابد وأن يحصد حبا، وأن من يجعل همه رعاية شئون أهله لابد وأن يستأثر بعقولهم ويملأ قلوبهم ووجدانهم. هكذا كان كمال الشاذلي وسيظل في وجدان أهل الباجور، الذين عايشهم وسعي إليهم، وأدركهم فأدركوه، وتسابق تلبية لإحتياجاتهم دون طلبهم، فكان عقلهم الذي يفكر لهم، وقلبهم الذي ينبض بآلامهم ويسعي لتفريج همهم، حتي صار بصمة حب غلفت قلوب أبناء الباجور صغيرهم قبل كبيرهم، وهو ما يحسدهم عليه أبناء المحروسة علي ما خصهم الله به من نعمة. لقد كان كمال الشاذلي مخلصا لأهله فبادلوه إخلاصا، وأكد بسلوكه السياسي أن العمل الوطني ينبع من خدمة أهله في دائرته، وأن لناخبيه الحق الأول عليه في خدمتهم، وأن تمثيله لهم تحت قبة البرلمان تكليف قبل أن يكون تشريفا، وأن السعي لعضوية البرلمان لابد وأن تكون من أجل العمل العام، وأن الأحق بهذا من يملك القدرة علي العطاء. لقد عاش كمال الشاذلي عمره كاملا جنديا محاربا تحت قبة البرلمان، يذود عن مصالح بلده مصر، مدافعا عن مستقبلها، سخر خلالها كل مهاراته السياسية في زعامته للأغلبية، في زمن اشتد فيه الحراك السياسي، مما جعله يستحوذ علي إعجاب واحترام معارضيه قبل مؤيديه، وهو ما أكده إصرار أهل الباجور علي ترشيحه عنهم لدورة مجلس الشعب القادمة رغم ما كان يعانيه من مرض، ولكن القدر لم يمهله حتي يخوض الانتخابات ويستشعر حب أهله الذين زادوه. رحم الله كمال الشاذلي، وجعله خير قدوة لنواب مجلس الشعب في الدورة القادمة، وليتهم يدركون أن مصر ما أحوجها الآن للمخلصين من أبنائها، وليس للمزايدين.. أليس كذلك؟!