الحكومة الذكية قررت أخيرا ورغم أنفها ان تلعب دور التاجر الشاطر.. وتنزل إلي السوق في مواجهة مع حيتان استيراد وتجارة اللحوم.. بعدما تعمدوا اشعال اسعارها بصورة جنونية مع قدوم عيد الأضحي. وزارة الزراعة وكعادتها كل عام فتحت منافذ البيع للمواطنين لحجز الأبقار والأغنام اللازمة للأضحية.. من إنتاج مزارعها بأسعار أقل مما هو متداول في السوق.. هذا بالإضافة إلي طرحها كميات أخري من اللحوم المذبوحة.. التي تم بيعها من خلال منافذ التوزيع المملوكة لها والمنتشرة علي طول محافظات مصر. أيضا فتحت الحكومة الباب أمام القطاع الخاص لاستيراد أكثر من 54 ألف رأس من العجول والجمال الحية من السودان وأثيوبيا.. بالإضافة إلي كميات هائلة من لحوم الأبقار والجاموس والضأن المشفاة.. تم بيعها من خلال سلاسل المحلات التجارية الكبري. لكن الحقيقة ان الشركة القابضة الغذائية ومجمعاتها الاستهلاكية كانوا نجوم السباق الحكومي.. واستطاعوا »تبييض وجه الحكومة« بوقف اندفاع الأسعار.. والبيع بأسعار منافسة لحيتان تجارة اللحوم.. وذلك بعد أن استخدموا خبرتهم في الاستيراد والتسويق المحلي.. وتعاقدوا علي استيراد آلاف الأطنان من اللحوم المشفاة والمبردة من الأصناف الجيدة من السودان، ونيوزيلندا والبرازيل واستراليا وجنوب افريقيا.. عدا الرؤوس الحية التي تم ذبحها في المجازر المصرية. دخول قطاع الأعمال العام وعن طريق الشركة القابضة للأغذية في استيراد اللحوم الحية والمبردة.. ثم احكام قبضتهم في الرقابة والتوزيع من خلال ثلاثة آلاف مجمع استهلاكي مملوك لها ومنتشر كمنافذ بيع علي مستوي الجمهورية.. مكنهم من المنافسة والبيع بأسعار أقل من التجار.. ومنع ارتفاع الأسعار ووصول كيلو اللحم إلي مائة جنيه خلال عيد الأضحي. هذه التجربة تؤكد فعليا وعمليا ان تدخل الدولة وعن طريق شركات قطاع الأعمال المملوكة لها مهم ومن شأنه ضبط الأسعار.. وتنظيم حركة السوق عند حدوث احتكار أو انفلات من القطاع الخاص.. وأن الحكومة تملك عصا سحرية لضبط المنظومة التجارية والاقتصادية بشركاتها ومنافذها التسويقية لو أرادت ان تلعب دور التاجر الشاطر! لذا أقول للمهندس رشيد محمد رشيد وزير الصناعة والتجارة وهو كما أعلم منحاز للقطاع الخاص بفكره وتوجهاته.. ان ملكية الدولة لقطاع الأعمال بشركاته مهم.. وأي تفكير في بيع المجمعات الاستهلاكية خطأ.. ولابد من استمرارها وتطويرها ودعمها باستقلالية في الإدارة.. وحرية الحركة في التجارة والتسويق.. بدلا من محاولات تحجيمها.. وتحديد ما تبيعه ومالا تبيعه لأن ذلك يحرمها من المنافسة ويؤثر علي ميزانياتها بالسلب.. ويخدم سلاسل المحلات الخاصة فقط.. وتلك أسعارها لاتخدم مصالح واحتياجات محدودي الدخل! المجمعات الاستهلاكية كانت وعلي مدي سنوات طويلة تجربة رائدة خدمت الناس.. عندما دعمتها الدولة منذ الستينيات وأعطت لها الأولوية في حصص السلع المستوردة والمحلية.. بل وخصصت لها انتاج الأسماك من بحيرة ناصر.. وغيرها من أماكن الصيد الخاضعة لمؤسسة الثروة السمكية وأسطول أعالي البحار.. لتباع في منافذها بأسعار مخفضة.. تحافظ علي التوازن في سعر الأسماك.. لصالح الفقراء. أخيرا.. أحيي أصحاب منظومة النجاح في مواجهة أزمة اللحوم اللواء محمود أبوشادي وكيل وزارة التجارة الداخلية.. وهو قادم إليها بخبرة اكتسبها من عمله السابق كرئيس ناجح لمباحث التموين.. ومعه القادمان بتاريخهما المهني في قطاع الأعمال العام المهندس أحمد الركايبي رئيس الشركة القابضة الغذائية.. والمحاسب محسن زاهر أسطاس رئيس مجلس إدارة النيل للمجمعات الاستهلاكية علي جهدهما في إثبات ان الدولة يمكنها مواجهة الانفلات ضد مصالح الفقراء.