منذ يونيو الماضي وايطاليا تعيش حالة من الجمود السياسي والصراعات والانقسامات ليس فقط بين تياري الاغلبية والمعارضة وانما ايضا بين تحالف الاغلبية بين بعضهم ببعض فعلي مدار الاشهر الاربعة الاخيرة وقفت عجلة الحياة السياسية وتجمد نشاط البرلمان والحكومة ولم يعد هناك حديث علي المسرح السياسي الايطالي الا الحديث عن حياة بيرلسكوني وعلاقاته الغرامية مع القاصرات الجميلات ومحاولاته تمرير قانون يقضي بعدم مثوله امام القضاء عن التهم الموجهة اليه بسبب التهرب الضريبي والفساد بصفته مالك اكبر شركات اعلامية عالمية. وعلي الرغم من ان مداعبات بيرلسكوني وفضائحه مع القاصرات ليست جديدة علي المسرح السياسي الايطالي منذ دخوله عالم السياسة الا ان فضيحته الاخيرة مع القاصرة الحسناء روبي المغربية التي ازيح عنها الستار وفجرت اكبر قضية اخلاقية يتعرض لها رئيس وزراء ايطاليا منذ اعلان الجمهورية الايطالية تعد هذه المرة بداية النهاية لحياة بيرلسكوني السياسية والتي تدفعه للمثول امام القضاء الذي ينتظره منذ سنوات والحقيقة ان علاقات بيرلسكوني المشبوهة مع القاصرات والحسناوات والتي اكدها اكثر من مرة بقوله انه يحب النساء ولن يخجل من ذلك هي التي زعزت ثقته وثقله السياسي واضعفت من قوته داخل البرلمان وانما خلافه مع حليفه السابق جان فرانكو فيني رئيس مجلس النواب الذي انشق عن حزبه واسس حركته السياسية الجديدة »المستقبل والحرية« ومعه 54 عضوا من اعضاء البرلمان هو الذي وضعه في موقع لا يحسد عليه حتي اصبح لا يجد امامه لانقاذه من الانهيار وسقوط حكومته الا حليفه اومبرتو بوسي زعيم حزب رابطة الشمال الذي يجني في مقابل مساندته له مميزات سياسية يعتبرها البعض تنازلات ربما تعرض وحدة ايطاليا للخطر بسبب مطالبة بوسي بتطبيق نظام الفيدرالية علي مدن واقاليم ايطاليا. وبخروج فيني وتيار من حزب بيرلسكوني انعكس ميزان الاغلبية داخل مجلسي النواب والشيوخ واصبح مصير حكومته واستقرارها في يد فيني وجماعته التي تطلب من حين لاخر باسقاط بيرلسكوني واستقالته اذا عجز عن ادارة الحكومة. وعلي الرغم من ان مصير حكومة بيرلسكوني في يد جان فرانكو فيني الا ان اللعبة السياسية لم تدفعه للتعجل بتوجيه الضربة القاضية لبيرلسكوني وتحالفه داخل البرلمان بالانسحاب من الاغلبية وخروج وزرائه من الحكومة في الوقت الحالي لانه مازال يعد ويبني هيكل حزبه الجديد الذي يستعد به للنزول في الانتخابات البرلمانية القادمة وهذا الامر يتطلب منه عدة اشهر ولذلك يري البعض ان عدم تعجل فيني في القضاء علي بيرلسكوني ووضع نهايته السياسية هي مسألة وقت فقط وليس الا مناورة سياسية لترك بيرلسكوني بفضائحه يضع نهايته السياسية بنفسه. ويري المراقبون ان الفراغ السياسي الذي تشهده الحياة السياسية الايطالية داخل البرلمان بسبب انشغال رفقاء بيرلسكوني في الحكومة بالدفاع عن مشاكله الشخصية وعدم الاهتمام بمشاكل البلاد ومصير ومستقبل المواطنين ادي الي تراجع شعبيته وحزبه بشكل كبير وفقد ثقة اغلبية الايطاليين وهو الامر الذي انعكس في كلمات رئيسة اتحاد الصناعات الايطالية مارشيجالي التي عبرت عن خيبة املها وتراجع ثقة رجال الاعمال في حكومة بيرلسكوني الذي خذلهم امام العالم بسبب الصورة السيئة التي ظهرت بها ايطاليا نتيجة فضائحه مع القاصرات والعاهرات. وامام تفاقم حدة الازمة السياسية وتزايد اصوات الاوساط السياسية بمطالبة بيرلسكوني بالتراجع عن رئاسة الحكومة وتقديم استقالة حكومته يصر بيرلسكوني علي التمسك بمنصبه محذرا بان ايطاليا ستواجه خسائر فادحة اذا سقطت حكومته في حين هدد اومبرتو بوسي زعيم رابطة الشمال والمساند الوحيد لبيرلسكوني باللجوء الي الانتخابات المبكرة في حالة حدوث ازمة سياسية وعدم تكليف اخر بتشكيل حكومة سياسية حكومة تكنوقراط جديدة وهو الامر الذي يعتبره المراقبون من المؤشرات التي تعكس مدي خطورة الموقف حيث ان الانتخابات المبكرة في الوقت الحالي سوف تسمح لحزب رابطة الشمال بارتفاع اسهمه السياسية ونسبته خاصة في اقاليم الشمال بما يعطي الحزب قوة اكثر لتيسير مطالبة الانفصالية داخل البرلمان. وهدد كالديروني احد زعماء حزب رابطة الشمال بخروج عشرات الملايين من اهالي الشمال بمظاهرات في حالة قيام رئيس الجمهورية جورجو نابوليتانو بتكليف شخصية اخري بتشكيل حكومة جديدة اذا استقالت حكومة بيرلسكوني معتبرا ذلك بمثابة انقلاب سياسي ومطالبا بالعودة لصناديق الاقتراع المبكر.