اشتداد حدة الازمة السياسية الايطالية بين زعيم الاغلبية ورئيس الحكومة سيلفو بيرلوسكوني وبين رئيس مجلس النواب جان فرانكو فيني المنشق عن الاغلبية يثير قلق اوساط المال والاقتصاد لانعكساتها السلبية علي الوضع الاقتصادي المتأزم الذي تعاني منه ايطاليا منذ فترة. ويري المراقبون ان المناخ المتوتر الذي يشهده المسرح السياسي الايطالي الان ليس فقط نتيجة صراعات سياسية وانما ايضا نتيجة حروب شخصية وصلت الي حد يستحيل معه التعايش السياسي بين اقطاب الصراع الامر الذي جعل الحياة السياسية الايطالية في موقف لا تحسد عليه يجرف البلاد الي الانقسام والتفكك والمواجهات المسلحة بين معارضي تيار بيرلسكوني من ناحية والمؤيدين له من ناحية اخري. وتعتبر الايام المقبلة حاسمة لمصير المشوار السياسي لسيلفو بيرلوسكوني الذي من المنتظر ان يقف امام مجلسي النواب والشيوخ لاقتراع الثقة مرة اخري في اقل من شهرين ولكن هذه المرة يتقدم بيرلوسكوني وهو مكسور الجناح وسط فضائحة الغرامية مع القاصرات من ناحية وتخلي كتلة فيني عن الاغلبية من ناحية اخري فاصبح الامل ضعيفاً لافلاتة من عدم الثقة ومن المتوقع ان يقع في الفخ السياسي الذي نصبه له حليفه السابق المنشق عليه جان فرانكو فيني الذي استطاع خلال ايام قليلة اعادة ترتيب بيته السياسي وتاسيس تياره الجديد »المستقبل والحرية« واعلان نشأة حزب جديد يمين وسط بالتحالف مع حزب بير فرناندو كازيني زعيم حزب وحدة الديمقراطي المسيحي وكتلة فرانشيسكو روتيلي »الوحدة من اجل ايطاليا« وبهذا التحالف استطاع فيني تكوين تحالف وسط يتنازع علي الزعامة بين تحالف بيرلوسكوني اليميني من ناحية وتحالف وسط اليسار من ناحية اخري لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة اذا تقرر حل البرلمان واجراء انتخابات مبكرة خلال الربيع المقبل. ومن ناحية اخري حذر رئيس الجمهورية الايطالي جورجيو نابوليتانو من تفاقم الازمة السياسية التي تشهدها ايطاليا وتصاعد حدة الصرعات الشخصية والسياسية بين زعيم الاغلبية سيلفو بيرلوسكوني وجان فراكو فيني رئيس مجلس النواب وتياره المنشق عن تحالف الاغلبية وانعكاستها الخطيرة علي المشاكل الاقتصادية التي تعاني منها البلاد ودعا نابوليتانو الحكومة الايطالية وعلي رأسها سيلفو بيرلوسكوني الي التحلي بالمسئولية والعمل علي اقرار الميزانية العامة والتصديق عليها في البرلمان قبل منتصف ديسمبر المقبل لاخراج ايطاليا من نفق الظلام وتجنب كوارث مالية واقتصادية قد تصيب الاقتصاد الايطالي اذا لم تستطع الحكومة الانتهاء من اقرار الميزانية العامة في موعدها المحدد. كما دعا نابوليتانو رئيسي مجلس النواب والشيوخ للتشاور معهم لتجنب صدام سياسي يجرف البلاد الي مواجهات عنيفة بين الكتل السياسية المتحاربة بما يؤدي الي عدم الاستقرار وأكد نابوليتانو لكل من جان فرانكو فيني رئيس مجلس النواب واستيفاني رئيس مجلس الشيوخ علي ضرورة اجراء جلسات التصويت علي اقتراع الثقة علي حكومة بيرلوسكوني في كل من مجلسي النواب والشيوخ يوم 41 ديسمبر المقبل بعد الانتهاء من التصديق علي قانون الميزانية العامة. ويري المراقبون ان هذا التوقيت بالذات يعتبر حاسماً في حياة بيرلوسكوني الذي يأمل في الاستمرار لرئاسة الحكومة وتجنب حل البرلمان الا ان عدم ضمان حصوله علي اغلبية اصوات اعضاء مجلس النواب يزيد من توقع استقالة حكومته وتفجر ازمة سياسية علي الرغم من توقعه للحصول علي اصوات اغلبية اعضاء مجلس الشيوخ الامر الذي دفعه الي التفكير للمطالبة بحل مجلس النواب فقط اذا لم يحصل علي الثقة فيه واجراء انتخابات سياسية لمجلس النواب دون حل مجلس الشيوخ اذا حصل فيه علي ثقة الاغلبية الامر الذي اعتبره المراقبون تفكيراً يؤدي الي جرف البلاد الي حالة من التفكك والانقسام لم تشهدها ايطاليا من قبل منذ اعلان الجمهورية والقضاء علي الفاشية وهو ما دعا رئيس الجمهورية نابلوليتانو للتدخل كمحامي للدستور والتعبير عن قلقه وعدم رضائه عما تشهده ايطاليا من صراعات بين اقطاب السياسة. وينتظر بيرلسكووني خلال منتصف ديسمبر القادم بقلق قرار المحكمة الدستورية العليا فيما يتعلق بموافقتها او عدم موافقتها علي قانون عدم مثول او محاكمة كل من رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية امام القضاء عن اي تهم او جرائم ارتكبوها بصفاتهم الشخصية قبل توليهم منصبهم السياسي خلال مدة رئاسة كل منهما للحكومة او الجمهورية واعتبر البعض ان تصادف توقيت قرار المحكمة الدستورية العليا مع التصويت علي اقتراع الثقة علي حكومة بيرلوسكوني يعد لحظة حاسمة في حياته الشخصية فاذا جاء قرار المحكمة بالرفض او التأييد فلن يفلت بيرلوسكوني من يد القضاء لانه سوف يفقد حصانته القضائية باستقالته من الحكومة اذا خسر جولته في مجلس النواب التي يتوقع الجميع حدوثها.