اختلف الخبراء والمحللون السياسيون والمنظمات غير الحكومية حول مفهوم واهمية الرقابة الدولية علي الانتخابات. هناك مؤيدون لضرورة الرقابة الدولية علي الانتخابات باعتبارها ضمانا لتحقيق الديمقراطية والنزاهة خاصة في البلدان التي تعاني من بعض المشاكل الداخلية. وهناك ايضا من يري ان الرقابة الدولية تعد انتهاكا لسيادة الدولة واستقلالها كما انها ربما تكون وسيلة للتدخلات الاجنبية. يقول المحامي الامريكي المختص في التنمية الدولية والقانون الدولي إريك بيورنلند وهو احد المؤيدين للرقابة الدولية إن وجود مراقبين للانتخابات هو خدمة لمنع الاشكالات وإعطاء الأحزاب مزيدا من الثقة بأن الانتخابات كانت حرة ونزيهة. والمفتاح لتحقيق هذه النتيجة هو المراقبون الذين ينظر إليهم من قبل جميع الأطراف علي أنهم محايدون. كما أن وجود المراقبين يعزز ثقة الناخبين في نزاهة العملية الانتخابية ونزاهة هيئة إدارة الانتخابات. واكتسبت عملية المراقبة الدولية علي الانتخابات أهمية خاصة في العقود الأخيرة لكونها تحدد بشكل كبير جودة ونزاهة الانتخابات. فمنذ عقد الثمانينيات تمت مراقبة الانتخابات المحلية والدولية، بحيث أصبحت وسيلة مهمة للتأكد مما إذا كانت الانتخابات وخصوصا في دول الطور الانتقالي أو دول ما بعد النزاعات قد جرت بطريقة حرة ونزيهة. علي النقيض خلصت مجمل الدراسات التي رصدت تجارب المراقبة الدولية وعارضتها ، إلي أن الغرباء غالبا ما يجهلون الظروف المحلية المتعلقة بالتاريخ والثقافة وما شابه ذلك للبلد التي تحتاج للرقابة . كما أن بعثات المراقبة غالبا ما تصل قبل وقت قصير من التصويت وتفتقر عادة إلي اللغة أو التدريب الثقافي لتمكينها من إجراء تقييم فعال للتصويت ، كما أن بعثات المراقبة الدولية تتخلي في كثير من الأحيان عن العمل مع المراقبين المحليين وذلك لتفادي الظهور بمظهر التحيز. وبجانب تلك السلبيات هناك مشكلات أشد خطورة ، فقد رصد المهتمون بعمليات الرقابة الدولية أن معظم البعثات لم تكن مستقلة تماما فهي مرتبطة دائما بالكيانات التي تقدم لها التمويل ودائما ما تأتي تقاريرها وفقا لمتطلبات التمويل . وبذلك تميل لمصدرها بدلا من الوفاء بمهمة مراقبة الانتخابات. يضاف الي هذا أن العديد من المنظمات غير الحكومية ليست مستقلة تماما ، فبعضها لديه اتصالات مع أحزاب سياسية خاصة أو منظمات دينية محلية. وفي هذا الخصوص ، يمكن الإشارة إلي خلاصة إحدي الدراسات التي أجريت حول مواقف بعثات المراقبة الدولية للانتخابات الزيمبابوية، فقد اختتمت الدراسة بالقول: »علي الرغم من مئات المراقبين الذين شهدوا الانتخابات الرئاسية نفسها، وتنوع تقاريرهم الدقيقة ، فإن بعضهم تحدث عن انتخابات حرة ونزيهة بشكل عام، والبعض الآخر تحدث عن التخلي عن كل المعايير الانتخابية«!!. لذلك فانه من وجهة نظر الخبراء المعارضين فان الرقابة الدولية علي الانتخابات تمثل مساسا بالسيادة الوطنية وتدخلا في الشئون الداخلية للبلاد . وتضع الحكومة في شبهة العجز عن إدارة الإصلاح السياسي الداخلي ، معللين رفضهم بالقول أن هناك حكومات قادرة علي توفير الضمانات الكافية لضمان سلامة ونزاهة العملية الانتخابية ، وهو ما يؤكد أفضلية الإشراف الوطني الكامل علي الانتخابات..والسؤال المهم هو ما هي الرقابة الدولية وما هي مؤسساتها ومن هم المراقبون الدوليون الذين سيشاركون في هذه المهمة الخطيرة!! الحقيقة إنه لا توجد مواصفات خاصة من حيث مجال العمل او الجنسية او الانتماء الي أي مؤسسة أو منظمة دولية شرعية لهؤلاء المراقبين, بل ان المراقب الدولي يمكن ان يكون كاتباً او مؤرخاً أو ناشطاً سياسياً او صحفياً وصاحب مهنة شريفة يشترط فقط ان يكون علي دراية بشئون البلد المطلوب منه مراقبة العملية الانتخابية بها!! وقد حدد خبراء الشئون الدولية حدود عمل المراقبة الدولية في الانتخابات خاصة في الدول المستقلّة حديثاً والتي لا تملك المؤسّسات الضرورية لإدارة العملية الانتخابية. ولا يحق للمراقبين الدوليين أن يتدخّلوا في الإدارة الفعلية للانتخابات البرلمانية او الرئاسية التي هي من صميم صلاحيات اللجنة العليا للإشراف علي الانتخابات في اي دولة ولا يحلّ المراقبون الدوليون مكان المراقبين المحليين من المجتمع المدني. ويرفض عدد كبير من دول العالم الرقابة الدولية علي الانتخابات باعتبارها تدخلا في الشأن الداخلي للبلاد وانتهاكا للسيادة الوطنية.