د. سعىد عبد العظىم بسم الله والحمد لله , والصلاة والسلام علي رسول الله وعلي آله وصحبه ومن والاه أما بعد .. فقد خلق الله الخلق لعبادته قال تعالي " وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين " وأمر سبحانه الخلق بهذه المهمة حتي الممات فقال " واعبد ربك حتي يأتيك اليقين " واليقين هو الموت .. فلا يصح أن تكون العبادة نقرة ونقرة أو ساعة وساعة ولا يجوز معها أن نقسم العباد إلي واصل ومريد ومن زعم أن الواصل يسقط عنه التكليف فقد أخطأ في ذلك والعبادة مفهوم واسع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة فالصلاة عبادة والصوم عبادة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والحب في الله والبغض في الله والتوكل والإنابة والرجاء كلها عبادات فالعبادة شاملة للمال والبدن والقلب ولا بد في قبولها من نية وصحة أو إخلاص ومتابعة " فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا " قال العلماء : أخلصه وأصوبه فإذا كان العمل خالصا ولم يكن صوابا لم يُقبَل وإذا كان العمل صوابا ولم يكن خالصا لم يُقبَل والخالص ما كان ابتغاء وجه الله والصواب ما وافق هدي رسول الله صلي الله عليه وسلم .. والعبادة يجتمع فيها كمال الحب مع تمام الخضوع والذل فالناس قد يخضعون للحاكم ولكنهم لا يحبونه فلا يصح أن يُقال أنهم يعبدونه وكذلك الرجل قد يحب امرأته ولكنه لا يخضع لها فلا يجوز أن يُقال أنه يعبدها من دون الله .. وأحيانا تجري التعبيرات الساقطة علي ألسنة الناس عندما يقال عن لاعب كرة مثلا فلان معبود الجماهير أو عن راقصة وممثلة فلانة معبودة الجماهير !! فلا معبود بحق إلا الله وكل معبود سواه باطل سواء كان مَلَكًا مقربا أو نبيا مرسلا أو شجر أو حجر أو كوكب ... ولذلك كانت الكلمة الطيبة التي ندخل بها في دين الله والتي أصلها ثابت وفرعها في السماء هي كلمة الشهادة ( لا إله إلا الله محمد رسول الله ) فلا معبود بحق إلا الله وكل الطرق مسدودة إلا من طريق رسول الله -صلي الله عليه وسلم -فلا يقال بعد ذلك لكل شيخ طريقة فالناس لا يدخلون الجنة إلا من طريقه صلي الله عليه وسلم .. والتوحيد نوعان : توحيد بالمرسِل جل وعلا وتوحيد متابعة الرسول -صلي الله عليه وسلم -وقد أثني سبحانه وتعالي علي نبيه بوصف العبودية وذلك في : أرفع وأعلي مقاماته فقال " سبحان الذي أسري بعبده ليلا من المسجد الحرام إلي المسجد الأقصي الذي باركنا حوله لنريه من ءاياتنا " - وفي مقام الدعوة " وأنه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا " - وفي مقام الرد علي من ادعي أن عيسي ابن الله " وقالوا اتخذ الرحمن ولدا لقد جئتم شيئا إدا تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا أن دعوا للرحمن ولدا وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا إن كل من في السموات والأرض إلا ءات الرحمن عبدا " وقال " وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون " وقال عن المسيح " إن هو إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني إسرائيل " - ولذلك لما امتدح البعض النبي -صلي الله عليه وسلم -قال ( لا تطروني كما أطرت النصاري المسيح بن مريم إنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله ) .. وأركان العبادة الحب والخوف والرجاء قال سبحانه عن أصفيائه " إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين " قال العلماء : فمن عَبَدَ الله بالحب وحده فهو زنديق ومن عَبَدَ الله بالرجاء وحده فهو مرجئ ومن عَبَدَ الله بالخوف وحده حروري ( نسبة للخوارج الذين خرجوا علي عليّ واعتصموا بحروراء ) .. وما نُسِبَ لرابعة العدوية من قولها : ( أنا لا أعبد الله خوفا من ناره ولا طمعا في جنته ) لا يُقبَل بغض النظر عن صحة النسبة فقد كان النبي -صلي الله عليه وسلم - يسأل الله الجنة ويعوذ به من النار وهو سيد الخلق أجمعين .. وإذا كان حق الله علي العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا فحق العباد علي الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا كما ورد في حديث معاذ بن جبل -رضي الله عنه -وهو في الصحيح إذ الجزاء من جنس العمل .. فاعمل ما شئت كما تدين تُدان والتوحيد أولا لو كانوا يعلمون وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .