استجاب زميل المهنة والصديق صلاح عبدالمقصود وزير الإعلام لدعوة »أخبار اليوم« لحضور حفل توزيع جوائز جمعية مصطفي وعلي أمين الصحفية.. وصحيح أن الصحافة لا تتبع وزارة الإعلام، وليس للوزير أي علاقة أو هيمنة علي الصحافة، إلا أن حضور عبدالمقصود واستجابته المشكورة للدعوة ومشاركته في توزيع الجوائز، كان لسبب أقوي من موقعه الوزاري، فهو واحد من أبناء مهنة الصحافة اللامعين، وكان نقابيا بارعاً وشغل عدة مواقع علي مدي العديد من الدورات بنقابة الصحفيين، ثم أنه أحد خريجي كليتنا - كلية الإعلام - دفعة 1980.. بما يعني انه صاحب بيت. وتكريماً لصاحبي الدعوة الراحلين العظيمين مصطفي وعلي أمين، تكرم صلاح عبدالمقصود بالقاء كلمة، تحدث فيها عن دورهما العظيم في الصحافة، وعن تلمذته لأستاذنا الجليل الراحل العظيم جلال الدين الحمامصي.. ثم عرج الوزير زميل المهنة في حديثه إلي ما تعيشه الصحافة من حرية.. وكانت هناك فتاة صغيرة تحوم حوله وهي تلتقط الصور، وإذا بها تقاطعه بشكل استفز الجميع وسألته: »وهو فيه عندنا حرية صحافة«؟.. وبسرعة رد عليها صلاح عبدالمقصود، وقال إننا بالفعل نعيش حالة من حرية الصحافة غير مسبوقة، ولا تقل فيها عما نراه في دول العالم العريقة في الديمقراطية، وقال إنه خلال فترة حكم الرئيس محمد مرسي صدرت »59« صحيفة جديدة، وألغيت كل القيود التي كانت مفروضة علي إصدار الصحف، وتم إلغاء حبس الصحفيين في قضايا النشر. وعند توزيع الجوائز، فوجيء الجميع بهذه الفتاة الصغيرة تتقدم لنيل الجائزة من صلاح عبدالمقصود باعتبارها الأولي علي خريجي الدفعة الأخيرة من كلية الإعلام بجامعة القاهرة - قسم الصحافة - وكانت حريصة جداً علي التقاط صورة تذكارية مع الوزير.. وبالقطع فإن سن هذه الصغيرة لم تسمح لها أن تتعرف علي ما كانت تعانيه الصحافة المصرية من كبت للحرية وقصف للأقلام.. ولكن إذا لم تكن تدرك ما نعيشه الآن من حرية،، فلابد - وهي دارسة الصحافة - أنها لا تقرأ الصحف، أولا تستطيع - إذا قرأت - أن تلمس مما تقرأه مدي الحرية التي تتمتع بها الصحافة، أو - وهذا احتمال وارد - أنها متشبعة باتجاه رافض لكل شيء، ولا تري إلا من خلاله، وتغمض عينيها عما لا تريده.. ولأنها متفوقة دراسيا- وهذا يحسب لها - فإن هناك احتمالا كبيرا أن تعين معيدة بكلية الإعلام، فهل بهذه المواصفات يمكن ان تعلم المهنة للأجيال الجديدة؟.. سؤال أوجهه إلي أساتذتها في الكلية، الذين لا أستطيع أن أعفيهم من المسئولية، في ان تكون الأولي علي قسم الصحافة بهذه الرؤية!! إن من يقرأ الصحف في هذه الفترة، لابد ان يدرك بالفعل - مهما كان اتجاهه - مدي الحرية التي تعيشها الصحافة.. واستطيع أن أؤكد ان حرية الصحافة في مصر تعدت حدود الحرية التي تنعم بها الصحافة في الولاياتالمتحدةالأمريكية وبريطانيا وفرنسا، وكل دول العالم المتقدمة في هذا المجال.. لأن حرية الصحافة في هذه الدول لها ضوابط وحدود، وهي حرية مسئولة، بينما الحرية في بلدنا »المحروسة« بلا ضوابط وبلا حدود، وهي حرية غير مسئولة، وأصبحت حرية انفلات وتجاوز وقلة أدب في كثير من الأحيان، وأصبحت السخرية فيها »مسخرة«، وهي حرية في عدم الاحترام.. وليس هناك من بين كل رؤساء وحكام العالم الديمقراطي الحر، من يتعرض للإساءة والتجاوز والتطاول، مثلما يتعرض الرئيس المصري محمد مرسي، الذي يتهمونه بالديكتاتورية! هيكليات.. صدمت بعنوان يتصدر إحدي الصحف »إياها« علي لسان الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل، الذي جعله النظام الناصري المستبد الصحفي الأوحد، بعد أن قصف أقلام كل الصحفيين الكبار في ذلك الوقت.. يقول هيكل: »لا يليق وضع رئيس سابق في زنزانة«.. ولن أناقشه في ذلك، أو أحاول الاشارة إلي استحقاق مبارك - بكل جرائمه - لذلك من عدمه.. ولكنني أقول لهيكل أنه كان من اللائق جداً في العصر الذي كنت أكبر سدنته وكاهنه الأكبر، ان يتم عزل رئيس الجمهورية الذي ألتف حوله الشعب، والذي تحمل مسئولية قيادة ثورة 1952 في بدايتها والاساءة إليه بشكل لا يليق بإنسان وليس برئيس، والقاؤه في قصر مهجور بدون أثاث ولا يؤنس وحدته سوي الكلاب التي كانت أحن عليه من عبدالناصر وزبانيته، ثم مطاردة اسرته في »لقمة العيش«.. هذا هو اللائق يا هيكل.. ورحم الله الرئيس محمد نجيب.