على عبد المنعم سيصفني البعض أنني "إخوان" إذا ما تحدثت بإيجابية عن أي شيء في بر مصر، وسيعتبرني آخرون "جبهة إنقاذ" إذا كنت أهاجم سلوكاً خاطئاً ارتكبه الإخوان أو السلفيون. ولهذا فأنا محاصر من قراء أي مقال أكتبه هنا أو هناك. ففي الأمس القريب كتبت علي صفحتي الشخصية علي "فيس بوك" أعارض فكرة اقتحام مكتب الإرشاد أو أي منشأة عامة أو خاصة، ورفضت استخدام الجرافيتي المسيئ لترويج وجهة نظر، ورفضت استخدام المولوتوف ضد المختلف معي سياسياً، ولذلك اتهمني الكثيرون بأنني "إخوان"، وعندما رفضت بعدها بدقائق ضرب الفتاة وقلت أنه لا يوجد مبرر لضرب فتاة، صرت في لحظة "علي البرادعي" أو "علي الليبرالي" الذي يدافع عن حقوق المرأة ولا يدافع عن إخوانه المسلمين الذين تعرضوا للضرب، رغم أنني علي نفس الصفحة التي تصل لنفس الناس! فالاستقطاب أذهب عقول الكثيرين، وأتمني من الله ألا أكون منهم، فالمطلوب أن يحاول كل منا أن يكون له "مسطرة مبادئ"، يقيس عليها أي حدث يقع، فلا ينحاز لطرف علي حساب الآخر، ولكن ينحاز فقط للمبدأ الذي يعيش عليه في حياته. مثال: إذا كنت ترفض العنف كوسيلة للتعبير عن الرأي، فمن المخزي أن توافق علي ممارسة العنف ضد مقرات وأفراد تيار سياسي معين، ثم ترفض وتندد وتهاجم وتولول وتصرخ لو تعرض أنصار تيارك السياسي لاعتداء من آخرين، فالمبدأ هو أنك ضد العنف، ويجب أن تكون ضده علي طول الخط. مثال آخر: إذا كنت ضد مشاركة الفلول في الحياة السياسية في مصر، فهذا مبدأ يجب أن تستقر عليه ولا تحيد عنه إذا تغيرت الأمور أو تبدلت الأحوال، فمن المخزي أيضاً أن تصف جبهة الإنقاذ بأنها فتحت الباب لدخول الفلول في المعترك السياسي، ثم تغض الطرف عن حضور الفلول لجلسات الحوار الوطني ولاجتماعات المحافظين، كما حدث قبل أيام، أما إذا كنت توافق علي مشاركتهم في هذه الجلسات والاجتماعات، فلا يصح أن تعترض علي مشاركة الفلول في فعاليات جبهة الإنقاذ.يجب أن يكون لكل منا معيار واضح وواحد لقياس الأمور، فإن حدت عن المعيار فاعلم أن الاستقطاب الحاد الذي نعيشه قد أثر علي تقييمك للأمور، وجعلك تنحاز لوجهة نظر غير صحيحة (طبقاً لمعاييرك). ولهذا كل ما أتمناه أن نتوقف جميعاً عن تصنيف البشر وعن إطلاق أحكام عامة علي الناس دون تدقيق.. فقط حَكِّم عقلك قبل أن ينطلق لسانك بالكلام.. بس.