سعيد عبدالعظيم لعل من اخطر الانفصال في الحياة الافراد والجماعات انفصال العلم عن العمل والدنيا عن الآخرة والارض عن السماء لقد انفصلت بعض العبادات عن بعض وبعض الساعات عن بعض وافترق الكتاب عن السلطان وصار عندنا ما يسمي برجال الدين ورجال الدولة وتناقل البعض المقولة المشهورة »دع مال قيصر لقيصر ومال الله لله« وهذا وغيره من معالم الغربة التي نعيشها ومن آثار اللوثة المادية التي جرت منا ومن الخلق مجري الدم من العروق والا فالعلم يهتف بالعمل فان اصابه والا ارتحل فلم تكن العلوم ثقافة وحشو ادمغة وكان العلماء فيما مضي اذا علموا عملوا واذا عملوا شغلوا واذا شغلوا فقدوا واذا فقدوا طلبوا وإذا طلبوا هربوا، وقال العلماء.. ليكن عملك هنا ونظرك في السماء عملك هنا وحساباتك حسابات أخروية فالحياة ممتدة زمانا ومكانا، زمانا لأبد الآبدين ومكانا لجنة فيها ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر علي قلب بشر، ونحن ننتقل من حياة دنيوية الي حياة برزخية الي حياة اخروية، وكل صورة من هذه لها احكامها الخاصة والمفترض في الدنيا ان تحكم بوحي من السماء وتقلص مفهوم العبادة وتوهم البعض انه طالما صلي وصام وحج فقد ادي كل ما عليه ونسينا ان العبادة شاملة لكل ناحية من نواحي الحياة سواء كانت سياسية او اقتصادية او اجتماعية او اخلاقية وسواء تعلقت بالحرب او بالسلم، بالمسجد او بالسوق قال تعالي »اليوم اكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا« وقال »قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا اول المسلمين« انقسمت الساعات فصار البعض يردد بلسان الحال والمقال، ساعة لربك وساعة لنفسك والساعة التي هي لربه سنجده يصلي ويصوم والتي هي لنفسه مع الراقصة والمغنية، وهذا منطق اهل الجاهلية الاولي كانوا يقولون اليوم خمر وغدا امر، انسان يعيش بوجهين وبمفهومين وبولاءين، وجه له في المسجد فيه امارات التقي وعلامات الصلاح والوجه الآخر فيه الربا والغش والضياع لماذا هذا الانفصال المريب وهذا التناقض الصارخ وهذه المخالفة المرفوضة للعقل والفطرة والشريعة فقيصر وما ملك ملك لله تعالي، والحكم موضوع لاقامة الدين وسياسة الدين به ولا يصح افتراق الكتاب عن السلطان ولا الدين عن الدولة والعلماء هم ورثة الانبياء ورجال الدولة انما يحكمون هذه الامة بكتاب الله وسنة رسول الله صلي الله عليه وسلم وليس عندنا ما يسمي برجال الدين فهذا مصطلح وافد مستورد ودين الله ليس كهنوتيا لقد حورب الاسلام بيد ابنائه بعد ان كان يحارب بيد اعدائه واصبح امره بين جهل الابناء وكيد الاعداء وكأنه يتيم تلقفته ايدي اللئام ولا حول ولا قوة الا بالله فما ابعد الفرق بين امسنا ويومنا كنا خير امة اخرجت للناس نقول الحق ونقيم العدل القوي فينا ضعيف حتي يؤخذ الحق منه والضعيف فينا قوي حتي يؤخذ الحق له الصغير يوقر الكبير والكبير يرحم الصغير يقول الحاكم للمحكوم وليت عليكم ولست بخيركم فان احسنت فاعينوني وان اسأت فقوموني اطيعوني ما اطعت الله فيكم فان عصيته فلا طاعة لي عليكم وياتي ابو مسلم الخولاني لمعاوية رضي الله عنه يقول له اعلم انك اجير مؤتمن فان اديت اخذت الاجرة وزيادة وان عدلت مع اهل الارض ثم جرت مع رجل واحد مال جورك بعدلك.