سيدنا الحبيب قداسة البابا شنوده الثالث ... أقبل يديك الرسوليتين، ملتمساً صلواتكم الطاهرة عن ضعفنا... أكتب إلي قداستكم هذا الخطاب في ذكري سنة من رحيلك عنا بالجسد، لاؤكد لقداستك أنك حاضر معنا بالروح، نحّس بك، وبصلواتك، وتشفعك عن ضعفنا يوميًا... روحك ترفرف فوقنا، ومن حولنا... لاشك أن قداستكم فرحت باختيار راعينا الحبيب صاحب القداسة.. البابا تواضروس الثاني ليجلس علي كرسي مارمرقس، خلفاً لك، فهو أصلاً ابنك، عاش علي تعاليمك لسنوات عديدة. وقداستكم رسمته أسقفاً عاماً ليعاون نيافة الأنبا باخوميوس، في خدمة إيبارشيته المتسعة، فخدم معه بكل أمانة، وآثاره واضحة في كينج مريوط بالذات: أماكن خدمة، ومؤتمرات، واهتمام بالطفولة المبدعة، مع خدماته الأخري بالإيبارشية، والكثير من ايبارشيات القطر، والمهجر، وبخاصة خدماته في مؤتمرات أسقفية الشباب، حيثما ألقي عشرات المحاضرات النافعة . وقداستكم تابعتم بصلواتكم نيافة الحبر الجليل .. الأنبا باخوميوس مطران كرسي البحيرة ومطروح والخمس مدن الغربية، وهو يقود الكنيسة في الفترة الانتقالية، بحكمة وحنكة وروحانية وموضوعية وحزم، بطريقة أبهرت مصر والعالم، حتي تحدثت عنها الصحافة العالمية، فامتدحه الكل، مسلمين ومسيحيين، مسئولين ومواطنين. شكرًا سيدنا البابا: فإن كان الكتاب المقدس قد طوَّب من يرحلون عن عالمنا الفاني قائلاً: "طُوبَي لِلأَمْوَاتِ الَّذِينَ يَمُوتُونَ فِي الرَّبِّ مُنْذُ الآنَ - نَعَمْ يَقُولُ الرُّوحُ، لِكَيْ يَسْتَرِيحُوا مِنْ أَتْعَابِهِمْ، وَأَعْمَالُهُمْ تَتْبَعُهُم" (رؤ 13:14) فإن أعمال قداستكم متنوعة وكثيرة، أفرحت قلب المسيح، وأراحت أحشاء القديسين، وأسعدت ساكني السموات والأرض.. نذكر منها علي سبيل المثال: 1- تعاليمكم المقدسة فالكثير من العظات والكتب والأحاديث، صارت في عمق قلوبنا وأفكارنا، وعلي ألسنتنا!! قداستكم كنتم كنزاً للتعليم لا أسقفًا فحسب!! تنوعت تعاليمكم من الروحيات إلي الشبابيات، إلي ما يخص المرأة والطفل والمسنين، إلي اللاهوت والعقيدة والتاريخ والطقس، وأقوال الآباء، واللاهوت المقارن.. موسوعي كنت ياسيدنا البابا. 2- رحلاتكم المثمرة فلقد جلت أنحاء العالم شرقًا وغربًا، شمالاً وجنوبًا، تبحث عن الخروف الضال، وترعي قطيعك الذي انتشر علي عهدك في كل أرجاء المسكونة. سرت وراءهم، تعلمهم وترعاهم. تبني لهم الكنائس، وترسم لهم الأساقفة والكهنة، وتعمر لهم الأديرة والمدارس.. حيثما حللت قداستكم، حلت بركة الرب والثمار المتكاثرة!! 3- اجتماعكم الأسبوعي حيث تواصلت مع أولادك أسبوعيًا، تستمع إلي أسئلتهم، وتجيب عليهم بحب واقتدار.. ثم تقدم لهم التعاليم النافعة.. لم تغضب من نقد، ولم تهمل اقتراحًا في خدمة، بل أذكر أنك كنت تهتم بأي حالة خاصة بين المرضي أو المسنين أو المعاقين.. وكنت تتابعها بنفسك.. وتعطيها كل احتياجاتها. 4- من ليس أحد يذكرهم عهدك يا سيدنا البابا رأي خدمات جديدة لم تأخذ حقها قبلاً، وكمثال نذكر: المعاقين بدنيًا وعقليًا، الصم والبكم، المكفوفين، وكل ذوي الاحتياجات الخاصة والقدرات الخاصة.. رسمت لهم الكهنة، وأقمت لهم الخدام، وجهزت لهم المباني الخاصة بهم. ولم تنس ضحايا الإدمان، فقدمت لهم خدمات متخصصة تسحب منهم المخدر، وتعيد تأهيلهم، ليعودوا أصحاء معافين. 5- اقامة الرعاة في عهدك نما المجمع المقدس من بضعة أساقفة إلي أكثر من 100 أسقف، رسمتهم يداك الطاهرتان فانتشروا في كل مكان في مصر والمهجر، يرسمون مئات الكهنة ويقيمون الآلاف من الخدام والشمامسة والشماسات، لخدمة قطيع المسيح. 6- نمو الرهبنة في عهدك - أيها الراهب حتي النخاع، نمت الرهبنة بوضوح من خلال: نمو في عدد الرهبان والراهبات. نمو في الأديرة القائمة معماريًا ورهبانيًا. إنشاء أديرة جديدة .إعادة إعمار أديرة مندثرة. إقامة أديرة في المهجر. 7- نمو الإكليريكية والمعاهد ولأن قداستك أسقف التعليم والمعاهد الدينية، نمت في عهدكم الإكليريكية، فصارت لها فروع كثيرة بأنحاء القطر، من أجل نشر الثقافة اللاهوتية الأرثوذكسية في الأجيال الصاعدة، كما أقمت أكليريكيات في المهجر، في أمريكا وكندا وأستراليا.. وتخرج فيها الكثير من الآباء الكهنة والخدام والخادمات.. وقد أعطيت فرصة للمرأة أن تدخل إلي هذه المعاهد أيضًا. وقد أنشأت معهد الدراسات القبطية ومعهد الرعاية والتربية، وفي قلبك أن يُنشأ معهد للكتاب المقدس. وقد أعطيت معهد ديديموس رعايتك الخاصة أيضًا. 8- العلاقات المسكونية في عهد قداستكم نمت العلاقات المسكونية كثيرًا، من خلال رحلات قداستكم وزيارتكم لرؤساء الكنائس في العالم، وأيضاً من خلال الحوارات اللاهوتية التي نشأت في عهدكم مع أخواتنا الكاثوليك والروم الأرثوذكس والأسقفيين والإنجيليين.. أعطيت اهتمامًا للمجالس المسكونية مثل مجلس الكنائس العالمي، ومجلس كنائس الشرق الأوسط، ومجلس كنائس كل أفريقيا وغيرها من المجالس المسكونية التي صارت كنيستنا عضواً فيها في أمريكا وكندا وأستراليا وأوروبا.. 9- المواقف الوطنية يتحدث التاريخ علي الدوام عن "بابا العرب" صاحب المواقف الوطنية الممتازة، سواء في سيناء والعريش، أو في حرب أكتوبر، أو في زيارة مرضي ومنكوبي الكوارث والسيول والزلازل، وبالأكثر في موقفكم من عدم زيارة الأراضي المقدسة إلا مع أخوتنا المسلمين.. كنت دائمًا تطفيء نيران الفتنة الطائفية كلما ظهرت علي السطح، حفاظًا علي الوحدة الوطنية في مصر. واحتملت الحصار لسنوات داخل الدير بأمر من الرئيس السادات، والذي استمر لسنوات في عهد الرئيس مبارك.. ألقيت محاضرات عديدة وهامة، ذات مدلول وطني واجتماعي مثل: »إسرائيل في رأي المسيحية« (1996) »القدس مدينة السلام« (1973) وكذلك قمت بتقديم الأدوية والمساعدات الإنسانية لجنودنا في مناسبات عديدة. صعب يا قداسة البابا أن أوفيك حقك، لكنك ستظل حيًا في قلوبنا علي الدوام، أرجو صلواتك عن راعينا الحبيب قداسة البابا تواضروس الثاني فهو ابنك، وامتداد لقداستكم.. واذكر كل أحبار المجمع، والآباء الكهنة والرهبان، وكل امتلاء البيعة المقدسة، طالبًا الحلٌ والبركة،،،