محمود عطا الله فض الاشتباك بين الحگومة والمعارضة وعدم التربص برجال الأعمال لعلها أول مرة أسمع فيها رأياً يعارض القول بأن »رأس المال جبان«! رأس المال ليس جباناً، بل ذكي، وفي منتهي الذكاء. هكذا سمعت من خبير مصرفي واستثماري كبير هو محمود عطا الله والذي كان شاهداً علي الدعوة الصادقة لعودة رجال الأعمال المصريين الذين »قيل« إنهم هربوا من مصر وذلك خلال حدث استثماري مهم نظمته المؤسسة التي يرأسها في كل من لندنونيويورك مؤخراً. محمود عطا الله يتولي منصب الرئيس التنفيذي ونائب رئيس مجلس إدارة الذراع الاستثماري لأكبر بنك خاص في مصر.. الذراع الاستثماري هو شركة »سي. آي. كابيتال« والبنك هو البنك التجاري الدولي. وقبل الخوض في تفاصيل رؤيته حول المصالحة المطروحة مع رجال الأعمال المصريين الهاربين أو القابعين لابد من الإشارة إلي أن محمود عطا الله أمضي 02 سنة بالبنك العربي الافريقي نائباً للمدير العام ولم يتركه إلا بعد تولي أحمد البردعي رئاسة البنك ب 3 شهور! حيث اتجه إلي بنك »إتش. إس. بي. سي« ثم أصبح نائباً لرئيس هيئة الاستثمار طوال 3 سنوات و6 شهور.. ليفعلها مرة أخري ويقدم استقالته بسبب عدم ارتياحه للعمل مع د. محمود محيي الدين وزير الاستثمار وقتها، والذي كان يتصور كل المسئولين الذين يعملون معه مجرد »سكرتارية«.. ولهذا استقال عطا الله رغم كونه يعتبر فترة عمله بهيئة الاستثمار من الفترات التي يفتخر بها.. وعلي حد قوله: لقد اكتشفت موظفين حكوميين ذات كفاءة عالية للغاية بعدما يتم منحهم حرية التصرف مع الدعم المعنوي والمادي وتوفير الظروف المواتية! استقال عطا الله من هيئة الاستثمار بعدما وجد أن العمل مع محيي الدين مستحيل بعكس آخرين مثل يوسف بطرس غالي الذي اكتشف كفاءات عديدة مثل د. محيي الدين نفسه ود. زياد بهاء الدين وماجد شوقي ومنال حسين.. وهو أمر لم يكن متوافراً لدي محيي الدين والذي كان إلي جانب ذلك لا يحترم مواعيده مع المستثمرين مثلما الحال بالنسبة لرئيس الوزراء د. هشام قنديل! والحقيقة أن محمود عطا الله ربما يشعر بمرارة في حلقه بسبب اعتذار رئيس الوزراء في آخر لحظة عن المشاركة في حدث استثماري مهم رتبت له شركة »سي. آي. كابيتال« في كل من لندنونيويورك حيث عقد في كلتا المدينتين 402 لقاءات بين 32 شركة مصرية كبري تتداول أسهمها في بورصة الأوراق المالية وكبار المستثمرين من مختلف دول العالم.. وكان من بين تلك اللقاءات 441 لقاءً في لندن بين رجال الأعمال الأجانب وممثلي 41 شركة مصرية بينما شهدت نيويورك 06 لقاءً بين رجال الأعمال ورؤساء المؤسسات المالية وبين مديري ومسئولي 9 شركات مصرية. والمهم هنا أن كلاً من أسامة صالح وزير الاستثمار وهشام رامز المحافظ الجديد للبنك المركزي كان لهما الفضل في إنقاذ الموقف عقب اعتذار د. هشام قنديل.. وبالطبع لا يمكن إغفال الدور المهم الذي لعبه أشرف الخولي سفير مصر ببريطانيا. المهم أن اللقاءات الاستثمارية بلندن شارك فيها عدد من ممثلي منظمات الأعمال المصرية والمؤسسات المالية مثل د. محمد عمران رئيس البورصة وحسن مالك رئيس جمعية »إبدأ« وأسامة فريد نائب رئيس الجمعية وغيرهم.. وهناك كانت بداية طرح فكرة عودة رجال الأعمال المصريين إلي بلدهم مثل نصيف ساويرس وياسين منصور وحامد الشيتي وجميعهم من كبار المستثمرين فالشيتي رجل سياحة بارز يمتلك أكبر شركة سياحية تملك العديد من المنشآت والفنادق، وياسين منصور يرتبط اسمه ببالم هيلز وساويرس صاحب أوراسكوم للإنشاء والصناعة والتي ارتبطت مؤخراً بشراكة مع بيل جيتس.. وبالصدفة التقي حسن مالك مع حامد الشيتي أولاً ثم مع نصيف ساويرس وياسين منصور وأبلغهم صراحة أنه يحمل رسالة واضحة من الرئيس محمد مرسي يطالبهم فيها بالعودة معه إلي مصر علي نفس الطائرة.. وقال لهم: إن مصر لا تتربص بكم وغيركم من رجال الأعمال ومصر أولي بأبنائها. والحقيقة أن الشيتي رحب تماماً والآخرين أيضاً ليأتي لقاء رسمي لرجال الأعمال مع حسن مالك ليسأله محمود عطا الله مباشرة: لقد سمعت كلاماً شفوياً بينك وبين حامد الشيتي حول عودة رجال الأعمال لمصر.. هل هذا توجه رسمي باعتبارك رئيس لجنة »تواصل« بين مؤسسة الرئاسة ومجتمع الأعمال؟ ليرد حسن مالك مؤكداً ما قاله مرة أخري أمام الجميع وأعاد من جديد قوله إن مصر لن تتقدم إلا علي سواعد أبنائها. وأسأل محمود عطا الله: إلي أين انتهت الأمور في هذا الشأن؟ قال: إن مثل هذه الأمور لا تحدث في يوم وليلة، وعموماً الأوضاع السياسية الحالية غير مواتية! وماذا تتوقع؟ رد قائلاً: في ضوء وضوح رسالة حسن مالك أتمني عودة كل رجال الأعمال خاصة أن معظمهم يرتبطون بشركات كبري مثل أوراسكوم التي تحالفت مؤخراً مع بيل جيتس. وقال إن ناصف ساويرس رئيس اوراسكوم قادر علي ان يأتي ببيل جيتس إلي مصر، والمهم منح الثقة للمستثمرين. ونفس الأمر بالنسبة لحامد الشيتي وشركاته السياحية الكبري وكذا ياسين منصور وشركاته العقارية.. ولكني وفي ضوء الأوضاع السياسية الراهنة لا أتوقع عودتهم الآن! والمهم أن تتحسن الظروف الأمنية قبل السياسية بشكل ملموس ومستمر.. وقال إن القول بأن رأس المال »جبان« هي فكرة خاطئة فهو ذكي، فرجل الأعمال من الذكاء بحيث يختار أين يضع أمواله، حتي لو كان هناك عدم استقرار سياسي، فالاستقرار الأمني أهم، وهناك دول عديدة غير مستقرة سياسياً لكنها تحترم عقودها مع المستثمرين وهناك حد أدني من الأمان لحقوق كل الأطراف.. حكومة ومعارضة كما أن المناخ الاستثماري يتمتع بالثقة مع رؤية واضحة لسياسات تلك الدول. وماذا يريد المستثمرون؟ قال محمود عطا الله: ليعلم الجميع أولاً أن هناك دولاً عديدة ترحب باستثمارات المصريين ولابد من توفير المناخ الاستثماري الآمن للجميع.. هم يريدون وضوح رؤية واحترام عقود.. وهل هناك خصخصة أم لا.. وكيفية تنفيذ نظام الشراكة بين القطاعين العام والخاص وكذا تنفيذ المشروعات بنظام الإدارة وحق الانتفاع.. باختصار يريدون أماناً وشفافية. وكيف تري المصالحة مع رجال الأعمال؟.. قال: أؤيدها تماماً. ولكن البعض يراها تشجع علي الفساد والإفساد، فرجل الأعمال إن لم يكتشف انحرافه كان بها وإن تم اكتشافه يتصالح.. وكأنك تبارك الانحراف.. ما رأيك؟ قال: يجب التفرقة بين الأخطاء الادارية التي يرتكبها البعض بسبب سوء تقدير الموقف، وتلك يجب التعامل معها بشكل لا يغل يد أي مسئول في اتخاذ القرارات.. فالخطأ وارد، والمهم ألا يكون مقصوداً أو يهدف إلي تحقيق ارباح غير مشروعة! أما الذي يثبت انحرافه ينال عقابه. وكيف تري المصالحة مع بعض المسئولين السابقين؟ قال إن البعض اساء الي الخصخصة.. وتساءل: كيف يتم خصخصة جزء من الشرقية للدخان التي تدر المليارات لخزينة الدولة مثلها مثل شركات الأسمنت وكيف يتم دعم المنتج النهائي لشركات الأسمنت بعد بيعها؟! وقال: العيب ليس في المشتري بل في البائع!..وأشار محمود عطا الله الي أنه لا يريد تحديد أسماء بعينها، لكنه يري أن المهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة الأسبق أحد العقول التي خسرتها مصر.. وقال انه يؤيد التصالح معه بل يري أنه لم يخطيء! وإلي أين تتجه الأوضاع الاقتصادية؟ قال: إما التوصل إلي حل للفرقة والتنافر بين الحكومة والمعارضة وإما فقد الأمل تماما.. وكل الخوف أن تبتعد مصر عن خريطة الاستثمار العالمية، يومها لن تعود إليها مرة أخري إلا بعد عمر طويل! وفيما يتعلق بالبنوك فإن وضعها آمن ومستقر ولكن في حالة عدم تحسن الأوضاع فربماً تتعرض لخسائر باعتبارها مرآة للاقتصاد حيث إن أموالها تستثمر في شركات! وباختصار كما قال فإن ما يريد قوله إن مصر في مفترق طرق وتمر بفترة تاريخية.. ولكن كل ما يقال عن الفترات التاريخية شيء وما تمر به مصر حالياً شيء آخر! إن مفترق الطرق الحقيقي هو: إما فوق وإما تحت! والخوف كل الخوف ألا نتحدث عن ثمن رغيف الخبز لو استمرت الأمور كما هي بل نتحدث عن كيفية الحصول علي الرغيف نفسه! ومرة أخري وثالثة وعاشرة.. الأمر يحتم فض الاشتباك بين الحكومة والمعارضة والتوصل إلي إجراءات ديمقراطية سليمة وبالتالي رفع أي غطاء سياسي للعنف بالشارع.. وبعدها تحديد رؤية واضحة لمستقبل مصر الاقتصادي وإرسال رسالة اطمئنان وثقة للمستثمرين المصريين والأجانب.